إيران تشهد نقاشاً حول طبيعة الرد على اغتيال فخري زاده فيما تقام مراسم تكريمه عشية دفنه المقرر الاثنين (Reuters)
تابعنا

شهدت إيران الأحد نقاشاً سياسياً حول طبيعة الرد على عملية اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده، التي اتهمت إسرائيل بالوقوف خلفها، مع إقامة مراسم تكريم له عشية دفنه المقرر الاثنين.

وأعاد اغتيال أحد أبرز علماء الجمهورية الإسلامية فتح باب النقاش بشأن التزامات إيران النووية، لا سيما الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015.

ووقّع أعضاء مجلس الشورى بالإجماع بعد جلسة مغلقة الأحد، بياناً يدعون فيه للرد على الاغتيال ومنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول منشآت البلاد، بينما رأى أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي أنه "لا يوجد سبب" يمنع إيران من إعادة النظر في التزامها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

وعادة ما يعود القرار النهائي في الأمور المتعلقة بالملف النووي في إيران إلى المجلس الأعلى للأمن القومي.

وأعلنت إيران الجمعة مقتل فخري زاده رئيس منظمة الأبحاث والإبداع في وزارة الدفاع متأثراً بجروحه، بُعيد استهدافه من قبل "عناصر إرهابية" أطلقت الرصاص على سيارته في مدينة آبسرد بمقاطعة دماوند شرق طهران.

ووصل جثمانه مساء السبت إلى مدينة مشهد (شمال شرق) للصلاة عليه في العتبة الرضوية، قبل نقله الأحد إلى العتبة الفاطمية في مدينة قم جنوب طهران، وبعدها إلى مرقد الإمام الخميني في العاصمة، حسب وسائل إعلام محلية.

ومن المقرر أن يوارَى الثرى الاثنين، وفقاً لما أفادت به وزارة الدفاع عبر موقعها الإلكتروني، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

وأكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي السبت ضرورة "معاقبة" الضالعين في الاغتيال ومواصلة نشاطات العالم الراحل. كما اتهم الرئيس حسن روحاني إسرائيل بتنفيذ عملية الاغتيال، وفي حين شدد على الرد في "الوقت المناسب"، أكد أن "الأمة الإيرانية أذكى من أن تقع في فخ المؤامرة الذي نصبه الصهاينة"، وأنهم "لن ينجحوا في تحقيق أهدافهم الخبيثة".

وعقد مجلس الشورى الأحد جلسة مغلقة حضرها وزير الاستخبارات محمود علوي لبحث "التحقيق في الاغتيال"، وفق وكالة "إيسنا". ودعا رئيس المجلس محمد باقر قاليباف عبر التلفزيون الرسمي إلى "رد فعل قوي" على الاغتيال يساهم في "الردع والانتقام" من الضالعين فيه.

وفي افتتاحيتها الأحد، طالبت صحيفة "كيهان" المحافظة باستهداف ميناء حيفا في الدولة العبرية في حال "ثبت" ضلوعها في الاغتيال، معتبرةً أن ذلك سيؤدي "بالتأكيد إلى تحقيق الردع لأن الولايات المتحدة والنظام الصهيوني.. ليسا مستعدين بأي شكل من الأشكال لخوض حرب".

"رسالة واضحة" إلى بايدن

ورأى روحاني صباح السبت أن إسرائيل أدت دور "العميلة" في الاغتيال لـ"الاستكبار العالمي"، وهي عبارة يستخدمها المسؤولون الإيرانيون عادة للإشارة إلى الولايات المتحدة.

ولم تعلق إسرائيل رسمياً على العملية حتى الآن.

وأدرجت وزارة الخارجية الأمريكية فخري زاده على لائحة العقوبات عام 2008 على خلفية "نشاطات وعمليات ساهمت في تطوير برنامج إيران النووي"، فيما اتهمته إسرائيل سابقاً عبر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالوقوف خلف برنامج نووي "عسكري" تنفي طهران وجوده.

تصعيد إيراني

وبعد نحو عام من الانسحاب الأمريكي تراجعت طهران عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق النووي، لكنها أبقت على السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة مواقع نووية على أراضيها.

وفي بيان الأحد رأى مجلس الشورى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاءهما باتوا "جسورين" في "إرهابهم وتخريبهم" ضد إيران التي فقدت خلال الأعوام الماضية عدداً من علمائها النوويين عن طريق اغتيالات اتهمت واشنطن وتل أبيب بتنفيذها.

واعتبر المجلس الذي يحظى المحافظون بغالبية كبيرة فيه أن "الرد الأمثل" على العملية الأخيرة سيكون "إحياء الصناعة النووية الإيرانية" وتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاق النووي الذي يتيح هامشاً أوسع للمفتشين.

ودعا البيان الذي وقّعه النواب بالإجماع لمنع دخول المفتشين إلى المواقع، حسب وكالة أنباء مجلس الشورى "إيكانا".

من جهته اعتبر رضائي الضابط البارز السابق في الحرس الثوري أنه "لا يوجد سبب يمنع أن تعيد حكومتنا ومجلس الشورى" التفكير بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي والاتفاق النووي "عندما تكون الولايات المتحدة وأوروبا قد انسحبتا رسمياً وعملياً منه"، حسب وكالة "إيسنا".

لكن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي شدد في تصريحات نشرتها وكالة "إرنا" على أن أي تغيير في طبيعة عمل المفتشين "يعتمد على صدور قرار من الجهات العليا". وسبق لنواب أن اتهموا المفتشين بأداء دور "جواسيس" وجمع معلومات قد تكون ساهمت باغتيال فخري زاده.

إدانات تركية وعربية

وأدانت تركيا عملية الاغتيال معتبرة أنها عمل "إرهابي.. يزعزع السلام في المنطقة"، وفقاً لبيان لوزاراة الخارجية التركية شددت فيه على إدانة "هذه الجريمة الشنيعة"، وقدّمت التعازي إلى "حكومة إيران وأسرة الفقيد".

بالمثل أدان الأردن والعراق وسلطنة عمان والإمارات الأحد عملية الاغتيال.

ودعت وزارة الخارجية الأردنية في بيان إلى "تكاتف جميع الجهود لتخفيض التوتر والحيلولة دون التصعيد في المنطقة". كما قالت الخارجية العراقية إن وزيرها فؤاد حسين "أعرب في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف عن تعازيه ومواساته إثر اغتيال محسن فخري زاده".

وفي سياق متصل قدم بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية العماني العزاء إلى ظريف خلال اتصال هاتفي بينهما. وأوضحت الخارجية العمانية في بيان، أن الوزير أكّد "إدانة السلطنة هذا العمل وكل ما يتنافى والقوانين الإنسانية والدولية".

من جهتها أوضحت الخارجية الإماراتية في بيان أنها "تدين جريمة اغتيال العالم الإيراني وتدعو جميع الأطراف (لم تسمهم) إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً