تأتي الانتخابات الإسرائيلية في ظل تقديم لائحة اتهام بحق نتنياهو، اتهم فيها بالفساد وخيانة الأمانة (AFP)
تابعنا

بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنافسه زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس في تشكيل الحكومة، فُتحت صناديق الاقتراع الاثنين، في إسرائيل لبدء انتخابات الكنيست الـ23، والتي تعتبر الانتخابات الثالثة خلال عام واحد.

ووضع هذا الفشل إسرائيل في مأزق سياسي كبير، وفوضى داخلية انعكست على الفلسطينيين، والذين يعتبر نتنياهو ومنافسه، موتهم وتدميرهم وشن الحروب عليهم ومصادرة أراضيهم، ورقة رابحة يجني من خلالها أكبر عدد ممكن من الأصوات.

وتتساءل صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، لماذا تجري إسرائيل انتخاباتها الثالثة في غضون عام؟ متوقعة أن تستمر البلاد في مأزقها السياسي،"مع ثلاث لوائح اتهام لرئيس الوزراء، وبدعم من خطة سلام دونالد ترمب وموقف غانتس ضد حكومة وحدة مع نتنياهو، يمكن أن تشكل انتخابات الاثنين نقطة التعادل للمأزق المستمر في البلاد أو مرحلة الانتخابات الرابعة".

وتتنافس 29 قائمة انتخابية إسرائيلية على 120 مقعداً من مقاعد الكنيست، ويحق لما مجموعه (6,453,255) مليون إسرائيلي التصويت من خلال 10,631 صندوق اقتراع موزعة على شتى المناطق، حسب لجنة الانتخابات المركزية.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلي "مكان" أن "5630 إسرائيلياً موجودون في الحجر الصحي خصصت لهم 16صندوقاً تم نشرها في مناطق مختلفة خشية تفشي فيروس كورونا، فيما فرض الجيش الإسرائيلي طوقا أمنياً شاملاً على مناطق الضفة الغربية وغزة وأغلق المعابر والحواجز".

التصويت أم كورونا؟

ووفق الهيئة، انتشر 18 ألف شرطي بزي رسمي وبلباس مدني في مراكز الاقتراع ومحيطها للحفاظ على نزاهة الانتخابات والحد من إشاعات الكورونا، في الوقت الذي حث فيه نتنياهو الإسرائيليين على التصويت وعدم الخوف من فيروس كورونا.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية عن وزارة الصحة قائلة "لا يوجد خطر من فيروس كورونا في صندوق الاقتراع"، فيما دعا المدير العام لوزارة الصحة موشيه بار سيمان توف، المواطنين إلى ممارسة حقهم والتصويت في الانتخابات، قائلاً إن "الوضع تحت السيطرة".

تنبؤات بانتخابات رابعة

وحتى الآن لم يستطع أي مرشح حشد أغلبية الناخبين من أجل تشكيل حكومة، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الانتخابات الجديدة لن تختلف عن سابقاتها، حيث يعجز كل معسكر عن تشكيل حكومة قابلة للحياة بشكل منفرد دون الحاجة لكتل أخرى.

وحصلت أحزاب اليمين مجتمعة، عدا حزب ليبرمان، على 58 مقعداً، بينما حصلت أحزاب اليسار والوسط والأحزاب العربية مجتمعة على 54 مقعداً، ما يعني عجز المعسكرين عن تشكيل حكومة والحاجة لمقاعد حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان. وتربع حزب الليكود على قائمة كبرى الأحزاب بحصوله على 35 مقعداً، يليه تحالف "أبيض أزرق" بحصوله على 33 مقعداً.

وتتنبأ استطلاعات الرأي أن تصل الانتخابات الثالثة إلى طريق مسدودة أخرى، حيث يواجه غانتس تحدياً قاسياً، بينما نتنياهو غير مؤهل للقيادة بسبب تهم الفساد الخطيرة الموجهة ضده، حسب صحيفة يديعوت أحرنوت التي تقول إنه "مع عدم قدرة كلا الحزبين على تشكيل ائتلاف، قد يتحول تصويت الاثنين إلى مجرد ديباجة إلى انتخابات أخرى".

وتقول الصحيفة إن أجواء الانتخابات الحالية مختلفة بعض الشيء عن سابقتها، إذ "لم تكن هناك ضجة كبيرة في الأيام التي سبقت التصويت، مع غياب ملحوظ لملصقات الحملات الانتخابية في الشوارع"، كما "حاول نتنياهو تصوير نفسه كرجل دولة مؤهل بشكل فريد لقيادة البلاد في أوقات عصيبة، فيما حاول غانتس تصوير نتنياهو على أنه مثير للانقسام والفضيحة، ويعرض نفسه على أنه بديل صادق".

وتضيف "مرة أخرى يظهر زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان كصانع ملوك، حيث لا يستطيع نتنياهو ولا غانتس الحصول على أغلبية في الكنيست دون دعمه، لم يلتزم ليبرمان بأيٍّ من المرشحين، رغم أنه وعد بعدم إجراء انتخابات رابعة".

تتنبأ استطلاعات الرأي بنتائج مماثلة لنتائج الانتخابات السابقة، ومن المحتمل إجراء انتخابات رابعة على التوالي

صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية

معركة نتنياهو

وتأتي الانتخابات في ظل تقديم لائحة اتهام بحق نتنياهو، اتهم فيها بالفساد وخيانة الأمانة وسيتم البدء بمحاكمته في17 مارس/آذار الجاري. وتقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية إنه "مهما حدث في الانتخابات الثالثة، فإن معركة نتنياهو الأكثر أهمية ستكون في قاعة محكمة في القدس".

وتتساءل الصحيفة بناء على تنبؤات الاستطلاعات النهائية، عما إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يكسر الجمود، وهل سيتم إغراق الإسرائيليين بتقارير فيروس كورونا المزيفة في محاولة لخفض نسبة المشاركة؟ وبمجرد أن يستقر الغبار في هذه الانتخابات، كيف يخطط نتنياهو لهزيمة منافسه الرئيسي وعدوه المحتمل، النظام القضائي الإسرائيلي؟".

وتحت عنوان "يوم للديمقراطية في حرب الثقافة الشاملة التي شنها نتنياهو" قال الكاتب الإسرائيلي كيمي شاليف، إن "جهود نتنياهو اليائسة للهروب من الملاحقة الجنائية أدت إلى إعلان الحرب الشاملة على الديمقراطية وسيادة القانون والقيم المدنية التي تستند إليها. وبدلاً من مواجهة متّهميه في محكمة قانونية، حوّل نتنياهو محنته الشخصية إلى حرب ثقافية شاملة".

ويرى الكاتب أن "حروب الثقافة هي هبة من السماء لقادة مثل نتنياهو وحليفه الأمريكي دونالد ترمب، يدمج كل من منتقديه ومنافسيهم في نقطة واحدة كبيرة، يسارية وهدامة، تسعى إلى الاستيلاء على السلطة وفرض قيمها".

صحيفة هآرتس التي شنت هجوماً لاذعاً على نتنياهو، أكدت أن سلوكه تسبب في إيصال الخطاب السياسي في إسرائيل إلى الدرك الأسفل"، وهو سبب للمطالبة بصرفه من الحياة العامة في إسرائيل".

من الصعب أن نجد الكلمات لوصف النتانة السامة التي تصدر عن مياه المجاري السياسية، التي يضخها نتنياهو ورجاله وأهل بيته إلى الحقل العام

صحيفة هآرتس الإسرائيلية

ووصفت الصحيفة نتنياهو باليراع، وهو نوع من الحشرات، قائلة إن هذا الوصف قليل على رئيس وزراء "لم يتردد في استخدام أيّة وسيلة لتحقير خصومه السياسيين ونزع الشرعية التي تقترب من نزع الإنسانية عن كل من يمسك به، كمن يقف في طريقه إلى ولاية أخرى".

في السياق ذاته، يستمر نتنياهو في معركته غير الشريفة لكسب الانتخابات على حساب الفلسطينيين، بل وحتى الإسرائيليين، فبعد تعهده بضم مساحات شاسعة من الضفة الغربية المحتلة "في غضون أسابيع إذا أعيد انتخابه، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن إخباره لمؤيديه أنه يعمل مع السودان لإعادة طالبي اللجوء، قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع.

وأعلن نتنياهو اليوم أنه ناقش مع عبد الفتاح البرهان احتمال ترحيل طالبي اللجوء السودانيين في إسرائيل، قائلاً إنه يهدف إلى تمكين "المتسللين الذين أتوا من السودان من العودة إلى ديارهم بسلام، والعودة إلى السودان الجديد الذي تربطنا به علاقة جديدة. إننا نعمل عليه الآن".

صناديق اقتراع مخصصة للناخبين الخاضعين للحجر الصحي (يدعوت أحرنوت الإسرائيلية)
TRT عربي
الأكثر تداولاً