الأسير العربيد تعرض لتعذيب أدى إلى إصابته بجروح خطيرة (فيسبوك)
تابعنا

يتعرض الأسرى الفلسطينيون لوسائل تعذيب متعددة يوميّاً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أدَّت إلى استشهاد بعضهم أو نقله إلى المشفى في حالة صحية حرجة، كما حصل مؤخراً مع الأسير الفلسطيني سامر العربيد الذي نُقل إلى المشفى الأحد في حالة "خطيرة للغاية" بسبب التعذيب.

خبر تدهوُر صحة الأسير سامر العربيد، الذي تتهمه إسرائيل وثلاثة معتقلين آخرين بالمسؤولية عن تفجير عبوة ناسفة بمجموعة مستوطنين بتاريخ 23 أغسطس/آب الماضي بموقع عين بوبين قرب قرية عين عريك غرب رام الله وسط الضفة الغربية، مما أدى إلى مصرع مستوطنة، جاء بعد إعلان جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، تعرُّض الأسير لتحقيق "بأساليب غير اعتيادية".

وزعمت الفضائية 13 الإسرائيلية، أن التحقيق مع العربيد تم بعد الحصول على تصاريح قضائية خاصة بحُجَّة وجود عبوة ناسفة أخرى بحوزة الخلية كانت مُعَدَّة لتنفيذ عملية تفجير ثانية.

وصل عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة إلى 221 شهيداً ارتقوا منذ عام 1967، بينهم 73 ارتقوا نتيجة التعذيب، و74 نتيجة القتل العمد

هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين

الشاباك يبرر جريمته

ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الأحد، أن الأسير سامر العربيد شعر خلال التحقيق معه بتدهور في وضعه الصحي، ونُقل إلى مستشفى إسرائيلي ووُصفت حالته بـ"الحرجة جدّاً".

وقالت الصحيفة إن الشاباك الإسرائيلي رفض تقديم مزيد من التفاصيل لأن التحقيق مع باقي أعضاء الخلية لا يزال متواصلاً، إلا أنها كتبت في خبر لاحق أن "الشاباك تعامل مع هذا الموقوف على أنه قنبلة موقوته، وأن اعتقاله منع تنفيذ عمليات إضافية"، وفق مصادر في جهاز الأمن العام، أشارت إلى أن التحقيق "لم يكُن مجرد تحقيق اعتيادي".

وجاء تصريح الشاباك الإسرائيلي اعترافاً منه باستخدامه التعذيب الجسدي بحق الأسير العربيد، بحجة أخذ معلومات ومنع تنفيذ عمليات إضافية في الوقت نفسه.

وقالت صحيفة هآرتس الإسرئيلية، إن المحققين الإسرائيليين حصلوا على إذن قضائي خاص باستخدام "أساليب تحقيق غير اعتيادية"، بسبب شبهات بحيازته عبوة ناسفة ثانية.

ويعتبر مصطلح "أساليب تحقيق غير اعتيادية" كلمة مخففة بدل كلمة "أساليب تعذيب"، حسب الصحيفة.

وألمح رئيس الشاباك الأسبق يعقوب بيري، إلى إمكانية تجاوز محققي الشاباك الحدود في أثناء التحقيق مع العربيد، وقال للإذاعة العامة الإسرائيلية صباح الأحد "آمل أن هذا لم يكن خللاً في التحقيق وأنه نابع من حالة صحية، فلم نسمع منذ سنوات طويلة عن تعقيدات نتيجة تحقيق".

وفيما يرقد العربيد بحالة حرجة في مستشفى هداسا بالقدس، زعم الشاباك في بيان تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه خلال التحقيق مع العربيد "قال المحقق معه إنه شعر بوعكة صحية، ونُقل لإجراء فحوص طبية في المستشفى"، لكن الشاباك أقر في بيان لاحق بأن التحقيق "كان بأسلوب مختلف"، مما يشير إلى قدر التعذيب الذي مُورِسَ على المعتقَل.

من جانبها، قالت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في بيان لها، إن السلطات الإسرائيلية نقلت المعتقَل العربيد إلى مستشفى هداسا في وضع صحي حرج، وحمّلت المؤسسة السلطات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة المعتقَل العربيد الذي تَعرَّض للتعذيب الشديد في أثناء التحقيق معه، مطالبة بالإفراج الفوري عنه ليتلقَّى العلاج اللازم.

نُقل الأسير سامر العربيد إلى المستشفى وهو فاقد للوعي ويعاني من عدة كسور في أنحاء جسده وفي وضع صحي خطير نتيجة التعذيب الذي تعرض له في مركز تحقيق المسكوبية

مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان

وسائل غير آدمية

"يتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الأسير الفلسطيني على أنه عدو، ويرى أن قتله وتعذيبه واجب من أجل الحصول على معلومات منه بوسائل غير مشروعة وغير آدمية"، حسب ما أفادت به بشرى الطويل مديرة شبكة "أنين القيد" التي تُعنى بشؤون الأسرى.

وأضافت الطويل لـTRT عربي أن "التعذيب الجسدي الذي يتعرض له الأسير داخل معتقلات الاحتلال مبنيّ على نقص في المعلومات لدى الشاباك، وهذا ما حصل مع الأسير سامر العربيد الذي تواصلت الشبكة مع محاميه وأفاد بأن وضعه خطير جدّاً".

وتابعت "الاحتلال لا يحترم قانون التحقيق الدولي، ويتلذذ بإجرامه ضدّ الأسير ولو تَعرَّض للموت تحت التعذيب".

والمقصود بـ"أساليب تحقيق غير اعتيادية" هو التعذيب، حسب عضو الكنيست في "القائمة المشتركة" عوفر كسيف، الذي كتب تغريدة على حسابه في تويتر قال فيها إن "التعذيب جريمة جنائية مرفوضة، وليس مهمّاً ضد من يُستخدم؛ ممنوع تعذيب المشتبه به بقتل رينا شنيرب (المستوطنة القتيلة)، وبغض النظر عن جريمته فيجب توقف تعذيب في الشاباك".

تعذيب جسدي ونفسي

يتفنن المحققون في سجون الاحتلال الإسرائيلي في ابتكار أساليب التعذيب وتفتيت الأعصاب حتى ينهار الأسير أمامهم، وليس جديداً أسلوب نزع المعلومات بهذه الطرق القاسية واللا إنسانية، فقد كشف تقرير أعدته مؤسسة بتسليم الإسرائيلية، أن أكثر من 850 سجيناً فلسطينياً يتعرضون لأشكال متنوعة من التعذيب كل سنة، وأن محقّقي الشاباك يستخدمون في أثناء تحقيقهم واستجوابهم للمعتقلين الفلسطينيين أكثر من 105 وسائل للتعذيب.

ومن بين وسائل التعذيب التي أشار إليها التقرير "أسلوب رش الأسير بالمياه الباردة، وجلسة القرفصاء على كرسي أطفال برأس مغطى ويدين مكبَّلتين، وضرب الرأس بالحائط، والتعرية الكاملة وتكبيل اليدين إلى الخلف مع الاستلقاء على الظهر، والضرب بالهراوة على الصدر والمعدة، وصلب الأسير على رأسه لفترات طويلة، مع استخدام الهراوة للضرب على الساقين والفخذين والبطن، وثني الذراع إلى أعلى، والركل بالركبة على المعدة".

رُصِدَت 119 ألف حالة اعتقال نفّذَتها سلطات الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 من بينهم 2070 امرأة وفتاة، و16490 طفلاً، و68 نائباً في المجلس التشريعي، بينما أصدرت محاكم الاحتلال ما يزيد على 29821 قرار اعتقال إداري

مركز أسرى فلسطين للدراسات

وتؤكّد الإحصائيات أن 90% من الأسرى الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال تعرضوا للتعذيب في أقبية التحقيق ومراكز التوقيف المختلفة.

ويُعَدّ الأسير عبد الصمد حريزات من الأسرى الذين استشهدوا نتيجة تعرُّضه للتعذيب الشديد في مركز توقيف المسكوبية بالقدس في27 أبريل/نيسان 1995 بأسلوب الهَزّ العنيف على يد أربعة من المحققين تناوبوا عليه. وأكّد تقرير الطب الشرعي أن سبب الوفاة نزيف داخل الجمجمة فوق المخّ، ونتيجة تلف حادّ في ألياف الأعصاب ناتج عن الهزّ العنيف والمفاجئ، إضافة إلى نزيف سطحي تحت الجلد في الجزء العلوي والأمامي من الصدر والأكتاف.

ويشارك الأطباء الإسرائيليون مباشرةً في تعذيب الأسرى، حسب ما أفاد به مركز إعلام الأسرى، وما كشفه عديد من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، التي أكدت في تقاريرها ممارسة الأطباء في السجون التعذيب ضدّ الأسرى، وحرمانهم من العلاج لإجبارهم على الاعتراف، بما يجعلهم شركاء في قتل الأسرى.

ولا يقتصر تعذيب الأسرى على فترة التحقيق والاعتقال، بل يمتدّ إلى ما بعد الاعتقال نتيجة لإصابة عدد من الأسرى بعاهات دائمة نتيجة تَعرُّضهم للتعذيب المستمر، ناهيك بالمعاناة النفسية طويلة المدى التي يتركها السجن على نفوس هؤلاء الأسرى بعد تحرُّرهم من الأسر، بخاصة الأطفال منهم، والأمراض التي لازمتهم نتيجة الإهمال الطبي المتعمَّد، فقد استُشهد عشرات الأسرى المحررين بعد إطلاق سراحهم بشهور قليلة، نتيجة المعاناة والأمراض التي أصيبوا بها، حسب المركز ذاته.

وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير سابق لها، أن "المحققين يعتمدون طرقاً في التعذيب لا تترك إشارات على أجساد المعتقلين، وفي الوقت ذاته، تكون لهذه الطرق جدوى ونتائج مباشرة في كسر روحهم المعنوية"، حسب إفادة محقق سابق بجهاز الأمن العام الإسرائيلي.

من جانبها، استكرت الفصائل الفلسطينية ما يتعرض له الأسير العربيد من طرق تحقيق وحشية قد تُودِي بحياته، وأكَّدَت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها الأحد، أن "قيام الاحتلال بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف العشرات من قياداتها وكوادرها في أنحاء متفرقة من الضفة، لن يضعف عزيمة مقاومتها، ولن يكسر إرادة شعبنا".

وعاهدت الجبهة في بيان صحفي، جماهير شعبنا بأن "نهج مقاومتها سيستمر ويتصاعد حتى انفجار البركان الفلسطيني الشامل في وجه الاحتلال وقطعان المستوطنين".

نناشد المنظمات الدولية والحقوقية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمجتمع الدولي للتدخل العاجل والفوري لإنقاذ الأسير سامر العربيد من القتل الممنهج الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحقّه

وزارة الصحة الفلسطينية

كذلك استنكرت حركة المقاومة الإسلامية حماس "عمليات التعذيب الوحشية التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون، قائلة في بيان "نحمِّل الاحتلال وأجهزته الأمنية كامل المسؤولية عن حياة الأسير البطل سامر العربيد، الذي ضرب مثالاً في الصمود والمقاومة داخل أقبية التحقيق، وهو ما يعبّر عن إرادة الصمود التي تبقى مع مقاومينا الأبطال وهم داخل الزنازين".

ودعت حماس المنظمات الحقوقية والإنسانية والصليب الأحمر لمتابعة قضية الأسير العربيد، باعتبارها جريمة تعذيب وحشية.

صورة نشرها جيش الاحتلال لمعتقلين يزعم أنهم أعضاء خلية زرعت عبوة متفجرة، منهم سامر العربيد         (يديعوت أحرونوت)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً