أكد الأمين العام للاتحاد وهو أكبر منظمة نقابية في تونس أن الإضراب كان ناجحاً بنسبة 96,22% (AA)
تابعنا

أُلغيت كل رحلات الطيران وتوقفت وسائل النقل العام وأُغلقت مكاتب البريد الخميس بسبب إضراب في القطاع العام، دعا إليه الاتّحاد العام التونسي للشغل، ردّاً على رفض الحكومة مطالبه بزيادة رواتب العمال والموظفين، في خطوة تشدد الضغط على الرئيس قيس سعيّد وإدارته في بلد يعاني أساساً من أزمة سياسية ومالية خانقة.

ويُنفذ وقف العمل في كامل أنحاء البلاد على مدى 24 ساعة في نحو 160 مؤسسة، تتوزّع على معظم القطاعات الاقتصادية وتشغّل نحو ثلاثة ملايين موظف.

وأكد الأمين العام للاتحاد وهو أكبر منظمة نقابية في تونس، نور الدين الطبوبي، في كلمة أمام نحو ألف نقابي في العاصمة التونسية، أن الإضراب كان "ناجحاً بنسبة 96,22%".

والتزم الإضراب العاملون في قطاعات النقل والمواصلات والاتصالات وخدمات البريد والمؤسسات التعليمية، بما فيها المدارس والجامعات، كما توقفت حركة الملاحة في سائر مطارات البلاد وحركة النقل البحري، في وقت تستعدّ فيه تونس لموسم سياحي.

وأعلنت شركة "الخطوط الجوية التونسية" إلغاء وتأجيل كل الرحلات الجوية كما انخرط العاملون في التلفزيون الحكومي من صحفيين وتقنيين في الدعوة إلى الإضراب وكُتب على شاشة قناة الحكومية "أعوان مؤسسة التلفزة التونسية في إضراب".

وطالب الطبوبي من الحكومة "زيادة على الأقل 10% لتعديل المقدرة الشرائية" منتقداً قرار حسم 1% من رواتب الموظفين الذي أُقرّ في العام 2018 لإصلاح عجز الصناديق الاجتماعية والتقاعد والتي اعتبر الطبوبي ان طريقة إدارتها "فاشلة".

"سنواصل النضال"

ويأتي إضراب العمّال "من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعدما ماطلت الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة، واستهانت ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 مايو/أيار"، كما قال الاتحاد في بيان الأربعاء.

وردّاً على إصرار الاتحاد على المضيّ قدماً في الإضراب، قال المتحدّث باسم الحكومة وزير النقل نصر الدين النصيبي الأربعاء إنّه سيجرى تسخير عدد من الموظفين من أجل تأمين الحدّ الأدنى من الخدمات للمواطنين.

وعلى الرّغم من أن قيادات الاتّحاد تؤكّد أنّ قرار الإضراب "غير سياسي"، تتزامن هذه الخطوة مع انتقادات شديدة توجّه للرئيس التونسي قيس سعيّد الذي احتكر السلطات في البلاد منذ 25 يوليو/تمّوز، الماضي وأقصى معارضين من حوار وطني يفترض أن يفضي إلى تعديل دستور 2014 وإقرار هذا التعديل في استفتاء شعبي خلال شهر.

ورفض اتحاد الشغل بدوره المشاركة في هذا الحوار، معلّلاً قراره بأنّ هدف هذا الحوار هو "فرض سياسة الأمر الواقع" وإقرار نتائج جرى "إعدادها من طرف الرئيس".

وكرّر الطبوبي في خطابه رفض المشاركة في الحوار وقال إنه "ليس الحلّ للخروج من الأزمة" و"لسنا رهينة عند رئيس أو سلطة أو حزب"، مضيفاً: "سنواصل النضال من أجل الحقوق العامة والفردية والحريات وفي مقدمتها الحق النقابي فحق الإضراب خط أحمر".

وعبّرت خمسة أحزاب معارضة عن دعمها لتوقيف العمل محمّلة الرئيس قيس سعيّد مسؤولية تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.

غير أنّ الاتّحاد كان مسانداً صريحاً للقرارات التي اتخذها سعيّد في 25 يوليو الماضي.

"فشل جماعي"

أمام استمرار ارتفاع التضخّم في البلاد يطالب الاتحاد الحكومة بمواصلة المفاوضات حول زيادة رواتب العمّال والموظفين "لتعديل القدرة الشرائية"، كما يطالب بمنح هؤلاء مستحقات أقرّت منذ لعام 2021.

وتشترط القيادات النقابية التي يترأّسها الأمين العام نور الدين الطبوبي سحب مرسوم حكومي صدر في ديسمبر/كانون الأول 2021، ويحظر على أعضاء الحكومة الدخول في مفاوضات مع الاتحاد في مختلف القطاعات قبل الحصول على ترخيص مسبق من رئيسة الحكومة نجلاء بودن.

وتتهم الحكومة الاتحاد بأنه لا يأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي والمالي الذي تمر به البلاد. ويظهر الاتحاد في موقف قوة لأن السلطة تحتاج إليه لدعم برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد.

ومن أهم النقاط التي تضمنها البرنامج الإصلاحي تجميد كتلة الأجور في القطاع الحكومي ومراجعة لسياسة دعم بعض المواد الأساسية فضلاً عن إعادة هيكلة عدد من المؤسسات العمومية.

لكنّ الاتحاد حذّر في مناسبات عديدة من " الإصلاحات المؤلمة" الرامية، حسب رأيه، إلى إرضاء صندوق النقد الدولي وهو كذلك يطالب "بضمانات" لجهة عدم خصخصة الشركات التي تحتكرها الدولة وفي مقدّمها "ديوان الحبوب" و"شركة فوسفات قفصة".

وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني اعتبرت في نهاية مايو/أيار الفائت أنّ الخلافات بين الاتحاد والحكومة تعرقل مفاوضات البلاد مع صندوق النقد الدولي، مؤكّدة أنّه "من الصعب جداً" إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية دون دعم المركزية النقابية.

واتحاد الشغل طرف فاعل ومهمّ جداً في الحياة السياسية في البلاد منذ تأسيسه في 1946. وحصل هذا التجمّع النقابي على جائزة نوبل للسلام للعام 2015، مكافأة له على دوره في حلّ أزمة سياسية حادّة مرّت بها تونس، مهد ما سمّي بثورات "الربيع العربي" في 2011.

يمثل هذا الإضراب "قمة الفشل الجماعي لعشر حكومات متتالية وللاتحاد وصندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين لتونس. لم يصحب الانتقال الديمقراطي تغيير في هيكلة الاقتصادي"، في تقدير أستاذ الاقتصاد في جامعة دينيسون في الولايات المتحدة الأمريكية فتحي كبوب.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً