بعد انتهاء أعمال القمة الخليجية الـ41، جمع لقاء ثنائي أمير قطر تميم بن حمد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان (Bandar Algaloud/Reuters)
تابعنا

في إنجاز وُصف بـ"التاريخي" وُقِّع الثلاثاء "إعلان العلا" على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي الـ41 بحضور أمير قطر. هذا الاتفاق الذي أنهيت بموجبه الأزمة الخليجية التي دامت قرابة 3 سنوات ونصف، شهد تركيزاً على الإيجابية من جميع الأطراف، فيما ظلّت تفاصيله غير واضحة تماماً. ففي مؤتمر صحفي مشترك جمع وزير الخارجية السعودي والأمين العام لمجلس التعاون قال الأوّل إن "إعلان العلا" يعدّ "عودةً كاملة للعلاقات الدبلوماسية بين قطر والدول الأربع" (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، مُضيفاً أن الاتفاق "يطوي كامل نقاط الخلاف"، ما يطرح تساؤلات حول الشروط الـ13 التي وضعتها الدول الأربع في بداية حصار قطر، أو حتى المبادئ الستة التي طرحتها لاحقاً لإنهاء الأزمة الخليجية.

بعض تفاصيل الاتفاق

بعد انتهاء أعمال القمة الخليجية الـ41، جمع لقاء ثنائي أمير قطر تميم بن حمد وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، تناولا فيه "العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيز العمل الخليجي المشترك"، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس). بعده بفترة وجيزة وبعد ساعات من التوقيع على "اتفاق العلا" الذي أنهيت بموجبه الأزمة الخليجية، اتّضحت تفاصيل الاتفاق وبنوده في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بمعيّة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف. في المؤتمر الصحفي أعلن بن فرحان عودة العلاقات الكاملة بين دول الحصار الأربعة وقطر، قائلاً: "جرى اليوم بحكمة قيادات المجلس وأيضاً الأشقاء في مصر طيٌّ كاملٌ لنقاط الخلاف وعودةٌ كاملة للعلاقات الدبلوماسية" مع قطر.

وأعرب الوزير السعودي عن ثقته بـ"استمرار اتفاق المصالحة الخليجية" قائلاً إن قمة العلا "تفتح صفحة جديدة لاستقرار الخليج وتضامنه"، ومؤكداً أن "القمة الخليجية أعلت المصالح العليا لمنظومة التعاون".

وأشار بن فرحان إلى أن الاتفاق يؤكد "تكاتف دول الخليج في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شؤون أي منها"، مشيراً إلى أهمية أن "يكون لدول المنطقة موقف موحد وواضح تجاه التهديدات الإيرانية". وقال إن البيان الختامي للقمة تضمّن "التزام كل الدول بإنهاء كل الموضوعات ذات الصلة" في إشارة إلى نقاط الخلاف بين قطر ودول الحصار، مشيراً إلى أن ذلك سيجري "من خلال المباحثات الثنائية لتعزيز التعاون والتنسيق فيما بينها، بخاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة بجميع صورها".

وفي معرض سرده لتفاصيل الاتفاق أشار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إلى أن البيان الختامي للقمة الخليجية يدعو إلى "تعزيز التكامل العسكري بين دول مجلس التعاون".

ماذا حصل للشروط الـ13؟

تفاصيل الاتفاق التي عُرضت في المؤتمر الصحفي بدت فضفاضة وعامّة وصِيغَت بلُغة دبلوماسية حذرة، لكن اللافت فيها أنها لم تُشر بأي شكل من الأشكال إلى النقاط الخلافية بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى، وكأن الاتفاق قفز حولها وترك تفاصيلها للمباحثات الثنائية في الغرف المغلقة. فحينما فرضت الدول الأربع حصارها على قطر عام 2017، أعلنت ورقة شروط ضمّت في تفاصيلها 13 شرطاً، أهمّها إغلاق شبكة الجزيرة الإخبارية، وخفض العلاقات مع إيران، ومع تركيا، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية، والابتعاد عن جماعة الإخوان المسلمين وجماعات وصفتها بأنها "تحرّض على التطرف والإرهاب". هذه المطالب التي بدت خيالية ورفضتها قطر رفضاً قاطعاً، استبدلتها دول الحصار بعد ذلك بما سمَّته "المبادئ الستة" التي كان من بينها "مكافحة التطرف والإرهاب"، و"الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو دعم الكيانات الخارجة عن القانون". هذان المبدآن أشير إليهما اليوم في الاتفاق، فيما جرى التغاضي عن المطالبات العينية المباشرة، سواء فيما يخص موضوعَي تركيا وإيران، أو الإخوان المسلمين، أو إغلاق الجزيرة، وهو تطوّر لافت بعد أكثر من 3 سنوات، يُشير إلى أن دول الحصار قدمت تنازلات كبيرة، فيما بدا كأن قطر خرجت منتصرة في هذا الاتفاق.

في هذا الصدد يرى الأكاديمي الكويتي بدر السيف أن "أي خطوة في اتجاه المصالحة أفضل من عدم حصول أي خطوة على الإطلاق"، مضيفاً: "كما كل مصالحة، قد تكون هذه مزروعة بالعقبات، ويمكن أن تنتهي في طريق مسدود وبتوترات"، متوقعاً أن تكون المحادثات القادمة بين الدول المعنية "صعبة" بسبب "المصالح المتناقضة". من جهتها أوضحت المديرة التنفيذية لـ"منتدى الخليج الدولي" دانيا ظافر أن "التوترات الرئيسية (بين قطر والدول الأربع) لا تزال مستمرة"، مضيفة أن ذلك يثير تساؤلات بشأن كيفية مُضي هذه الدول قدماً. وأرجعت الباحثة سبب تخلي دول الحصار عن مطالبها والإسراع بالإعلان عن اتفاق إنهاء الأزمة، بسعي السعودية لمعالجة "أقل المشكلات الرئيسية فداحة"، خوفاً من أن تتخذ الإدارة الأمريكية الجديدة في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن "موقفاً أكثر صرامة" نحو المملكة.

هذا ما يتفق معه الباحث السياسي علي باكير الذي قال في حديث مع TRT عربي إن "التغيّر الرئيسي والأساسي الذي أدى إلى تعجيل المصالحة الخليجية هو فوز جو بايدن بالانتخابات الأمريكية". من جهة أخرى نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصدر مطلع لم تكشف هويته أن السعودية وحلفاءها وافقوا بالفعل على التخلي عن قائمة الشروط الـ13 التي قدموها لقطر في بداية الأزمة، في مقابل موافقة قطر على تجميد الدعاوى القضائية التي رفعتها ضد دول الحصار، سواء الدعاوى المرفوعة في منظمة التجارة العالمية أو في مؤسسات أخرى.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً