وزارة الداخلية التونسية تؤكد أن غالبية الموقوفين أعمارهم بين 15و25، وأحرقوا العجلات المطاطية والحاويات لعرقلة تحركات الوحدات الأمنية (Fethi Belaid/AFP)
تابعنا

ناشد الرئيس التونسيقيس سعيد الاثنين الشباب عدم التعرض لـ"الأعراض والممتلكات" خلال الاحتجاجات، محذراً ممن يسعى للمتاجرة بفقر المواطنين، و"هو لا يتحرك إلا في الظلام" بهدف "بث الفوضى".

جاء ذلك في لقاء عقده سعيد مع مواطنين في منطقة "المنيهلة" شمال غربي تونس العاصمة، وفق بيان للرئاسة.

ومنذ الخميس، شهدت العاصمة ومحافظات أخرى احتجاجات ليلية تخللتها صدامات مع رجال الأمن، على خلفية رفض حظر التجوال المفروض ضمن تدابير مكافحة فيروس "كورونا".

وشدد سعيد على "حق الشعب التونسي في الشغل (توفير فرص عمل) والحرية والكرامة الوطنية".

وحذر سعيد "ممن يسعى بكل الطرق لتوظيفهم (المواطنين) والمتاجرة بفقرهم وبؤسهم، وهو لا يتحرك إلا في الظلام، وهدفه ليس تحقيق مطالب الشعب بقدر سعيه لبث الفوضى، ثم تجاهل الضحايا منهم"، من دون توضيح المقصود بكلماته.

وتابع بأن "إدارة الشأن العام لا تقوم على تحالفات ومناورات، بل على قيم أخلاقية ومبادئ ثابتة لا يمكن أن تكون موضوع مساومة أو ابتزاز، كما لا يمكن أن تكون الفوضى طريقاً إلى تحقيقها".

واعتُقل أكثر من 600 شخص الاثنين بعد الليلة الثالثة على التوالي من الاضطرابات التي تشهدها عدة مدن تونسية، فيما نُشرت قوات من الجيش في بعض المناطق، حسب ما أفادت وزارة الداخلية. واندلعت الاضطرابات بعد أيام من الذكرى العاشرة لسقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011. وتزامنت الذكرى مع فرض إغلاق عام الخميس انتهى الأحد، لمحاولة الحدّ من الارتفاع الحاد في عدد الإصابات بفيروس كورونا، يرافقه حظر تجوّل من الساعة الرابعة بعد الظهر. وقال خالد الحيوني المتحدث باسم وزارة الداخلية إن إجمالي عدد الموقوفين بلغ 632 شخصاً، أبرزهم "مجموعات من الأفراد أعمارهم بين 15 و20 و25 عاماً تحرق العجلات المطاطية والحاويات لعرقلة تحركات الوحدات الأمنية". وأكدت وزارة الدفاع انتشار الجيش في عدة مدن. وتعرضت الشرطة ليل الأحد لليلة الثالثة على التوالي للرشق بالحجارة ومقذوفات أخرى، فردَّت باستخدام الغاز المسيل للدموع في عدد من البلدات. كما جرت أعمال نهب في بعض المناطق. وأوضح الحيوني عبر إذاعة "موزاييك" الخاصة أنّ المحتجين الموقوفين رشقوا قوات الأمن بالحجارة واشتبكوا معها". وأضاف أن "الاحتجاجات لا تكون ليلية (...) إنما في النهار وفي إطار القانون وفي إطار عدم اقتراف أفعال إجرامية مثل الاعتداء على أملاك الناس والسرقة والنهب وخصوصاً أننا في فترة حظر تجول". ولم يُعرف على الفور ما إذا وُجد مصابون بين المحتجين الموقوفين، فيما لم يوضح الحيوني الاتهامات التي ستوجّه إلى المعتقلين. ودعت منظمة العفو الدولية الاثنين الشرطة إلى "احترام حقوق الذين توقِّفهم أياً كانت أسباب التوقيفات وظروفها". وأعربت المنظمة غير الحكومية في بيان عن قلقها حيال الشهادات الواردة عن تعرُّض محتجين للعنف وتوقيف ناشط كان يتظاهر سلمياً صباح الاثنين. والتظاهرات محظورة حالياً في تونس بسبب تفشي وباء كوفيد-19. وعلى الرغم من الحظر تجمَّع عشرات الأشخاص في تظاهرات الاثنين وسط العاصمة التونسية، منددين بتفشي الفقر وكذلك بـ"الفساد" و"القمع" الذي تُتهم الشرطة بممارسته. لكن الشرطة اعترضتهم على مقربة من وزارة الداخلية. وقال إسكندر براهمي وهو عاطل عن العمل يقيم في حي التضامن في العاصمة: "خرجنا (مساء الأحد) لأننا جائعون نريد طعاماً أو عملاً"، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقال محمد أمين من الحي نفسه: "ما يحصل حالياً ليس حلاً"، داعياً السلطات للمجيء وإيجاد حل مع الناس قائلاً: "تعالوا لتروا شعبكم". وتوجه الرئيس التونسي قيس سعيد إلى حي الرفاه بالمنيهلة الاثنين لحضّ الشبان على التزام الهدوء، مؤكداً أن "الفوضى" لا يمكن أن تساعد في إحراز تقدم. ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى النقابات في تونس، إلى "وقف الاحتجاجات الليلية لما قد يترتب عليها من اندساس وتجاوزات"، مذكِّراً في الوقت نفسه بأن "الاحتجاج السلمي حقّ مكتسب مشروع" يضمنه الدستور. وصدرت دعوات عدة عبر موقع فيسبوك للتظاهر ضد غلاء المعيشة والفقر صباح الثلاثاء في قيروان (وسط) وصفاقس (وسط شرق) وفي العاصمة بعد الظهر. ووقعت الصدامات في عدة مدن وأغلبها في أحياء الطبقات العاملة لكن لم تعرف أسبابها بالتحديد، إذ تتزامن مع انعدام الاستقرار السياسي وتدهور الوضع الاجتماعي في البلاد. فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9% العام الماضي، وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بشكل كبير وبات ثلث الشباب عاطلين عن العمل. كما تعرّض قطاع السياحة الرئيسي لانتكاسة قوية بعد سلسلة من الهجمات الجهادية الدامية في عام 2015، أعقبتها جائحة كوفيد-19.

وسجلت تونس أكثر من 177 ألف إصابة بفيروس كورونا، بينها أكثر من 5600 وفاة منذ بداية الوباء العام الماضي.

وانتهى الإغلاق الذي استمر أربعة أيام ليل الأحد، لكن لم يعرف على الفور ما إذا كانت قيود أخرى ستفرض. وفي سياق متصل قال المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية إن قوات الجيش انتشرت في مدن بنزرت (شمال) وسوسة (شرق) والقصرين وسليانة (وسط-غرب) لحماية المباني الحكومية. وتعد سوسة، المنتجع الساحلي المطلّ على البحر المتوسط، نقطة جذب للأجانب لقضاء العطل، لكنّها تضررت بشدة جراء الوباء. ودفعت الأزمة الصحية وما أعقبها من تراجع اقتصادي أعداداً متزايدة من التونسيين إلى السعي لمغادرة البلاد. واندلعت الصدامات في مناطق مهمشّة متضررة بشكل كبير من الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة إذ إن تفشي الوباء قوّض بداية انتعاش اقتصادي، في وقت تبدو الطبقة السياسية المنقسمة في حالة شلل. وانتشرت الشرطة بأعداد كبيرة في عشرات المدن بينها حي التضامن الشعبي الكبير قرب تونس العاصمة، الذي شهد مواجهات بين الشرطة ومحتجين معظمهم شباب. وقال النادل عبد المنعم فيما الاضطرابات مشتعلة من حوله: "لا أرى أي مستقبل هنا". وألقى باللوم في أعمال العنف على الطبقة السياسية في البلاد بعد الثورة، وقال إن الشباب المشاركين في الاضطرابات "مراهقون يشعرون بالملل" ويعكسون "فشل" السياسيين. وأوضح عبد المنعم أنه مصمم على ركوب قارب عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا "بأسرع ما يمكن، وعدم العودة إلى هذا المكان البائس".


TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً