المتظاهرون يرفضون وعود بوتفليقة بإجراء إصلاحات وانتخابات رئاسية مبكرة (Reuters)
تابعنا

ما المهم: يستمر الجزائريون منذ أسبوعين في الخروج في مظاهرات ترفض ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة. وعلى الرغم من الوعود التي قطعها الرئيس على لسان مدير حملته، الأحد، لا يبدو أن الحراك سيهدأ في القريب العاجل.

التطورات المتلاحقة دفعت الجيش الجزائري إلى الظهور في الواجهة، إذ قال رئيس الأركان الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء، إن الجيش سيبقى "ممسكاً بمكسب إرساء الأمن والاستقرار" في البلاد، معتبراً أن الشعب "لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفّرط في نعمة الأمن وراحة البال".

المشهد: تظاهر آلاف الطلاب مجدداً في وسط العاصمة الجزائر وفي عدة مدن أخرى، الثلاثاء، احتجاجاً على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، رافضين وعوده بإجراء إصلاحات وانتخابات رئاسية مبكرة.

وانتشرت الشرطة في وسط العاصمة بشكل كبير دون أن تتدخل، واكتفت بتحديد مكان تجمع المتظاهرين، وتحركهم في الشوارع المجاورة لساحة البريد المركزي. وتظاهر الطلاب بأعداد كبيرة في وهران وقسنطينة أيضاً، ثاني وثالث أكبر مدن الجزائر، بالإضافة إلى البويرة والبليدة وبجاية.

وشهدت جامعة العلوم والتكنولوجيا بباب الزوار بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية "إضراباً شاملاً للطلاب" حسب وكالة الصحافة الفرنسية. كما يُنتظر أن يعلن الأساتذة عن إضراب لدعم "الحراك الشعبي".

ودعت منظمات المحامين في مدينة بجاية شرق الجزائر إلى "مقاطعة العمل القضائي على مستوى كل المحاكم والسجون"، ابتداءً من الأربعاء 6 مارس/آذار.

وفي أول تفاعل للجيش الجزائري، قال رئيس الأركان الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء، وهو نائب وزير الدفاع أيضاً، إن "الشعب الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته ومراميه، هو نفسه مطالب اليوم في أي موقع كان بأن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه".

وأضاف "ندرك أن هذا الأمن المستتب وهذا الاستقرار سيزداد ترسيخاً، وسيبقى الشعب الجزائري يعيش في ظل هذه النعمة، وسيبقى الجيش الوطني الشعبي ممسكاً بزمام إرساء هذا المكسب الغالي الذي به استعاد الوطن طيبته".

وحسب قائد أركان الجيش فإن انتهاء الأزمة الأمنية التي عاشتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي "لم يُرضِ بعض الأطراف الذين يزعجهم أن يروا الجزائر آمنة ومستقرة"، ولم يُسمِّ هذه الأطراف.

وأضاف "بل يريدون العودة بها (الجزائر) إلى سنوات الألم والجمر التي عايش خلالها الشعب كل أشكال المعاناة وقّدم خلالها ثمناً غالياً".

وخاطب الجزائريين بالقول "هذا الشعب الأصيل والأبيّ الذي عاش تلك الظروف الصعبة وأدرك ويلاتها، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرّط في نعمة الأمن وراحة البال".

الخلفيات والدوافع: منذ إعلان ترشحه لولاية خامسة أصبح الرئيس بوتفليقة، الثمانيني الذي أصيب بجلطة في الدماغ عام 2013، هدفاً لاحتجاجات غير مسبوقة منذ وصوله إلى الحكم قبل 20 سنة.

وقدّم بوتفليقة، الأحد، ملفّ ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة المزمعة في 18 أبريل/نيسان، لكنّه تعهّد بتنظيم انتخابات رئاسيّة مبكرة في حال فوزه، وإجراء إصلاحات سياسية عميقة.

وتولّى إيداع ملفّ ترشّح بوتفليقة مدير حملته الجديد عبد الغني زعلان الذي تلا رسالة من بوتفليقة يتعهّد فيها بتنظيم انتخابات رئاسيّة مبكرة في حال فوزه، ويحدّد موعدها مؤتمر وطني يعمل أيضاً على إقرار إصلاحات أساسيّة، سياسية واقتصادية واجتماعية "من شأنها إرساء أساس النظام الجديد"، حسب قوله.

كما تعهّد الرئيس الجزائري بإعداد دستور جديد يُطرح للاستفتاء من أجل ولادة "جمهورية جديدة"، وبالعمل على وضع سياسات "عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنيّة وبالقضاء على كافّة أوجه التهميش والإقصاء الاجتماعيّين، بالإضافة إلى تعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد".

بين السطور: لا يبدو أن الوعود التي قدمها بوتفليقة حققت أهدافها، إذ إن الاحتجاجات لا تتجه نحو الهدوء، حسب مواقع إخبارية جزائرية، أكدت أن المحتجين يعتبرون تعهدات بوتفليقة مجرد "مناورة" هدفها "الالتفاف" على حركة الاحتجاج الرافضة لبقائه في الحكم.

وعن دور الجيش وتدخله المفترض، كتبت أستاذة علم الاجتماع الجزائرية رتيبة حاج موسى في صحيفة لوموند الفرنسية، أنه في الوقت الذي يعلم فيه الجزائريون موقفهم من بوتفليقة والنخبة المحيطة به، ويعلمون ضعف المعارضة، "لا يزال الجيش غامضاً لهم".

وأضافت أن المحتجين يركزون اليوم على الوقوف في وجه الولاية الخامسة، ونظام بوتفليقة، قبل أن يفكروا في موقفهم من الجيش، الذي يستفيد من "مصالح وريع اقتصادي كبير".

تظاهر الطلاب بأعداد كبيرة في مدن وهران وقسنطينة  (Reuters)
 الاحتجاجات في الجزائر لا تتجه نحو الهدوء (Reuters)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً