خبير بـ"الفاو" يؤكد أن اتفاقية الحبوب مكّنت أوكرانيا من تصدير 10 ملايين طن. / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

مكّنت اتفاقية شحن الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، كييف من تصدير أكثر من 10 ملايين طن متري من الحبوب إلى العالم، حسب خبير اقتصادي أممي.

وكان لتركيا دور كبير في التوصل إلى اتفاق يعيد انسيابية حركة الحبوب من أوكرانيا عبر البحر الأسود، من خلال ممرات آمنة بالتعاون مع الأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا.

ماكسيمو توريرو، كبير الاقتصاديين في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، يقول إن اتفاقية شحن الحبوب الأوكرانية أتاحت لكييف تصدير الحبوب وتسديد المدفوعات اللازمة للمنتجين وإفراغ صوامع تخزين الحبوب وزيادة وفرة الغذاء في العالم.

حديث "توريرو" جاء في مقابلة مع الأناضول، بمقر منظمة "الفاو" في العاصمة الإيطالية روما، حيث يتابع عن كثب التطورات التي تؤثر على سلامة الأمن الغذائي العالمي.

الخبير الأممي ينظر إلى أهمية اتفاقية تصدير الحبوب لأنها جنبت تفاقم أزمة الغذاء حول العالم، قائلاً: "في 2021 كان هناك 828 مليون شخص يعانون من سوء التغذية المزمن، وزاد هذا الرقم بمقدار 150 مليون مقارنة بـ2019".

هذه الزيادة، حدثت بسبب عوامل مختلفة "مثل أزمة المناخ، وجائحة كورونا، والتباطؤ الاقتصادي الناتج عن الصراعات المسلحة، وأدى إلى ارتفاع الأسعار، لاسيما مع اندلاع الحرب في أوكرانيا".

الأبعاد الثلاثة لتأثير الحرب

ويلفت توريرو الانتباه إلى أن الحرب أثرت على الوضع الحالي بثلاثة أبعاد أساسية: "البعد الأول يتمثل في أن أوكرانيا وروسيا تستحوذان على جزء كبير من صادرات الحبوب العالمية، وأكثر من 60% من صادرات دوّار الشمس".

وعندما بدأت الحرب في 24 فبراير/شباط جرى تصدير 70% من الحبوب (الروسية الأوكرانية)، لكن الـ30% المتبقية كانت مهمة أيضاً، ولو لم تُطرَح هذه الكمية في السوق لشهدت الأسعار قفزات كبيرة، حسب كبير الاقتصاديين في الفاو.

والبعد الثاني وفق توريرو، أن روسيا أكبر مُصدر للنيتروجين وثاني أكبر مصدر للبوتاسيوم والفوسفور في العالم، والنيتروجين والبوتاسيوم والفوسفور من أهم الأسمدة، وتباطؤ الصادرات الروسية في هذا القطاع يؤدي إلى زيادة التكاليف.

ويشير إلى أن البعد الثالث في هذه الأزمة هو الإنساني، ويقول: "ما نعرفه الآن أن أوكرانيا لن تكون قادرة على تصدير حوالي 45% من الحبوب التي تصدرها عادة هذا العام".

ويحذر من أن "تأثير هذا على البشرية والمجتمعات والدول سيظهر في شكل أزمة توفير الغذاء، وارتفاع الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية للدول الفقيرة، ما يعني سوء تغذية مزمناً في العديد من البلدان".

الحبوب لا تذهب فقط إلى أوروبا

وردّاً على سؤال حول أهمية اتفاقية شحن الحبوب، يلفت توريرو إلى "وجود اتفاقيتين منفصلتين، واحدة بين أوكرانيا وتركيا والأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)، والأخرى بين تركيا وروسيا والأمين العام للأمم المتحدة".

ويتابع: "الاتفاق بين تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة يعمل بشكل جيد للغاية (..) جرى نقل أكثر من 10 ملايين طن من الحبوب خارج أوكرانيا حتى (نوفمبر الجاري)".

ويضيف: "لم يكن الغرض من هذه الاتفاقية مساعدة البلدان الضعيفة والمحتاجة فحسب، بل عملت الاتفاقية على شحن المزيد من الحبوب المتوفرة في أوكرانيا إلى مختلف أنحاء العالم، وتوفير عائد مالي للمزارعين مقابل إنتاجهم، وإفراغ صوامع الحبوب من مخزوناتها لوضع الحصاد الجديد".

"إذا نظرنا إلى توزيع الحبوب على دول العالم، نستطيع القول إن 23% تذهب إلى البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل، والباقي يذهب إلى البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع"، حسب الخبير الأممي.

ويزيد: "البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع تستورد في الغالب منتجات الحبوب ومنها علف للحيوانات، وتعالج هذه البلدان الأعلاف الحيوانية (..) من هذا المنظور، يمكننا القول إن مهمة زيادة الوفرة الغذائية قد أُنجزت بنجاح".

وحول اتهام روسيا لأوكرانيا بتصدير أغلب حبوبها إلى أوروبا دون الدول الفقيرة، يؤكد توريرو أن الحبوب الأوكرانية لا يجري تصديرها فقط إلى البلدان الأوروبية، بل إلى العديد من دول العالم.

ويستطرد: "في الواقع تذهب هذه الحبوب إلى أولئك الذين يستطيعون الدفع (..) لذلك، أستطيع القول إن اتفاقية شحن الحبوب الأوكرانية لم يجر تصميمها لنقل الحبوب إلى الدول الضعيفة والفقيرة، بل من أجل نقل الحبوب إلى السوق العالمية التي تشهد نشاطاً ملحوظاً".

كما يشدد توريرو على ضرورة "وفاء جميع الأطراف بالتزاماتهم المنبعثة من الاتفاقية والعمل على إنجاحها".

ويشير إلى أن "تركيا تلعب دوراً مهماً في الاتفاقية، وكذلك هو دور الأمين العام للأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا".

ويعتبر أن "هذه الاتفاقية تسير على ما يرام، لأن الأطراف المشاركة بها تسعى إلى إيجاد حلول ناجعة بغض النظر عن أجواء وتطورات الصراع في أوكرانيا".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً