اعتُبر مشروع المقاتلة F-35 أكبر وأغلى برنامج عسكري في التاريخ (rancho_runner/Getty Images)
تابعنا

أعلنت القوات الجوية الأمريكية عن الحاجة إلى طائرة مقاتلة جديدة متعددة الاستخدامات لتحلّ محلّ أسطولها القديم من طراز F-16، مع تأكيد أنها لن تتميز بنفس السعر المرتفع لطائرة F-35.

جاء الإعلان الذي أدلى به رئيس أركان القوات الجوية الجنرال تشارلز براون، بمثابة مفاجأة لمحللي الشؤون الدفاعية، بالنظر إلى أن الطائرة F-35 كانت مرتبطة دائماً بطائرة "الجيل الخامس الحديثة" التي ستحل محل F-16.

وعلى هذا اقترح رئيس القوات الجوية براون أن يطوروا طائرة مقاتلة من "الجيل الخامس".

F-35 لم تكن الأفضل

اعتُبر مشروع المقاتلة F-35 أكبر وأغلى برنامج عسكري في التاريخ، إذ سيكلف دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من تريليون دولار عبر سنوات عمره المتوقعة.

إذ إن من المتوقع أن يكلف تشغيل طائرة F-35 لمدة 66 عاماً 1.182 تريليون دولار، بالإضافة إلى تكلفة التطوير الضخمة بالفعل البالغة 397.8 مليار دولار، في حين تبلغ تكلفة الطائرة F-35 أقل بقليل من 100 مليون دولار لكل طائرة.

وقد حذر سلاح الجو الأمريكي أيضاً من أنه إذا لم تنخفض التكلفة، فقد ينتهي الأمر بشرائه عدداً أقل من طائرات F-35.

ووقّعت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" اتفاقية بقيمة 34 مليار دولار مع شركة "لوكهيد مارتن"، لإنتاج 478 مقاتلة جديدة من طراز "F-35"، مما سيخفض سعرها إلى أقل من 80 مليون دولار، وذلك في عام 2019.

وقالت مساعدة وزير الدفاع الأمريكي المسؤولة عن المشتريات آنذاك إلين لورد، إن "البنتاغون" وشركة تصنيع المقاتلات، اتفقا على خفض سعر المقاتلات إلى أقل من 80 مليون دولار، في صفقة قيمتها 34 مليار دولار.

وأضافت لورد في تصريح صحفي، أن سعر المقاتلات خُفض في هذه الصفقة بنسبة 8.8 بالمئة، مقارنة بالدفعة السابقة.

ولفتت إلى أن "البنتاغون" وافق كذلك على خيار شراء 321 مقاتلة خلال العامين القادمين، مع تخفيض السعر بنسبة 15 في المئة على جميع الطرازات.

تبرز التساؤلات حول مدى نجاح الأمريكيين في استبدال مئات الأجزاء من طائرات F-35، التي كانت تصنّعها تركيا بجودة عالية وتكلفة منخفضة (AA)

ومن هذا تَبيَّن أن فكرة إطلاق طائرة واحدة متطورة متخفية لفروع خدمات متعددة، لم تكن قط الخيار الأفضل، من جانب مادّي بحسب وسائل إعلام أمريكية.

وقد كان الهدف من مفهوم طائرات متعددة بنسخ مختلفة، تقليل تكلفة التصنيع والتشغيل على السواء، لطائرة سوف تستمر عقوداً مع القوات الجوية الأمريكية.

وكانت ولا تزال أصداء شراء تركيا منظومة الدفاع الروسية S-400 من روسيا، حاضرة في الأوساط السياسية والعسكرية الأمريكية، بخاصة بعد تصاعد أزمة برنامج صناعة مقاتلات F-35 الأمريكية بين أنقرة وواشنطن، ومحاولة استبعاد تركيا من المشروع، إذ تبرز التساؤلات حول مدى نجاح الأمريكيين في استبدال مئات الأجزاء من طائرات F-35، التي كانت تصنّعها تركيا بجودة عالية وتكلفة منخفضة.

ومن جانب فني يقول قائد البحرية الأمريكية الطيار السابق كريس هارمر، وهو أيضاً محلّل بحري في معهد دراسات الحرب الأمريكي، لموقع Business Insider، إن الطائرة F-35 لديها ميزة واحدة فقط تتفوق بها على طائرات حقبة الحرب الباردة التي جاءت لتحلّ محلها، وهي القدرة على التخفي من الرادارات.

إذ تعد القدرة على التهرب من تتبع الرادارات والتصميم الشبحي المتكامل أمراً أساسياً في الطائرة F-35.

ولكن من خلال التركيز على هذه النقطة المهمة، أدى ذلك إلى عيوب أساسية في تصميم الطائرة، فلقد خسرت F-35 بشكل سيئ أمام المقاتلات الأقدم في المعارك الافتراضية التي تحاكي القتال الجوي القريب، وفقاً لهارمر.

وعلى الرغم من التكنولوجيا المتقدمة وقدراتها المتطورة، فإن المقاتلة الشبحية الأحدث تعاني من عيوب هيكلية، وتواجه عدداً كبيراً من التحديات.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة تمتلك بالفعل طائرة أخرى من الجيل الخامس بقدرات تَخفٍّ أفضل، مع ميزات مناورة لا تضاهى، وهي F-22.

وقد وُصفت المقاتلة F-35 بأنها لديها "مشكلة استعداد خطيرة"، مما يشير إلى أنه بمجرد حلول عام 2022، يمكن تأجيل إنتاج الطائرات بشكل فعال خلال عملية انتظار استبدال المحرك.

اقتراحات بديلة

يقترح خبراء في الشؤون الدفاعية على الولايات المتحدة ببساطة أن تحدّث الطائرات الحالية، مثل F-15 وF-16 وF-18.

ومقابل جزء بسيط من تكلفة تطوير F-35، بالإمكان تحديث الطائرات القديمة والحصول على جزء كبير من قدرات F-35.

ولكن هندسياً يبدو أن أي مقاتلات سيتم تطويرها سيصعّب إدارج ميزة التخفي الشبحي الأبرز لمقاتلة F-35، لأن الأمر لا يمكن إدراجه على التصميم لاحقاً، ويجب أن يكون من بداية مشروع المقاتلة، لا كأمر نقل التكنولوجيا من الجيل الخامس للجيل الأقلّ، إذ يكون متاحاً وممكناً.

وهنا يحاول سلاح الجو الأمريكي إطلاق دراسة حول مزيج الطائرات التكتيكية التي يجب أن تكون في الخدمة لديه في عشرينيات القرن الحالي، حسب رئيس أركان القوات الجوية تشارلز كوينتون براون جونيور، الذي قال إنه يجب أن تكتمل الدراسة بحلول عام 2023.

لإصلاح عيوب المقاتلة الحديثة طلبت وزارة الدفاع الأمريكية من ثلاث جامعات أمريكية المساعدة على اكتشاف وإصلاح بعض عيوبها.

وسط كل هذه التحديات، ولتبرير قراره، قارن رئيس القوات الجوية براون F-35 بسيارة "فيراري".

وقال: "أنت لا تقود سيارتك من نوع فيراري إلى العمل كل يوم، أنت تقودها فقط أيام الأحد". هذه هي مقاتلتنا "الراقية"، مضيفاً: "نريد أن نتأكد من أننا لا نستخدم كل شيء في القتال على المستوى المنخفض".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً