مظاهرة ضد الحكومة السودانية في العاصمة الخرطوم - 17 يناير/كانون الثاني 2019 (Reuters)
تابعنا

ما المهم: يبدو الشارع المعارض في السودان مصرّاً على إكمال حراكه الاحتجاجي ضدّ الرئيس عمر البشير، رغم التحركات السياسية والاقتصادية التي قامت بها الحكومة لاحتوائه.

وكان المئات من المتظاهرين اعتصموا ،فجر الجمعة، أمام "مستشفي رويال كير" بحي بري" شرقي الخرطوم، احتجاجاً على قتل متظاهرين، في الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها العاصمة الخرطوم يوم الخميس.

ودعا تجمع المهندسين السودانيين وثلاثة تحالفات للمعارضة السودانيين للتوجه إلى مكان الاعتصام، مطالباً وسائل الإعلام بتغطية الاحتجاجات. وأوضح بيان للتجمع عن تسيير "موكب الشهداء" الأحد القادم بمدينة أم درمان، نحو مقر البرلمان السوداني، بالتزامن مع تظاهرات بأحياء العاصمة.

بيان مشترك علّمتنا يا أيها الوطنُ الصباحْ .. فنّ النّهوضِ من الجراح جماهير شعبنا الثائرة، نخاطبكم وأرواح شهدائنا...

Posted by ‎تجمع المهنيين السودانيين‎ on Thursday, 17 January 2019
في السياق ذاته، اشتبكت الشرطة السودانية، الجمعة، مع مشيعين خرجوا في جنازة محتج توفي متأثراً بجروح أصيب بها أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وذكر شهود أن الشرطة أطلقت الذخيرة الحية بعدما رشقها بعض المحتجين بالحجارة ورددوا شعارات تطالب بإنهاء حكم الرئيس عمر البشير.

المشهد: دعا تجمع المهندسين السودانيين وثلاثة تحالفات للمعارضة ،فجر الجمعة، السودانيين للتوجه إلى مكان الاعتصام بمستشفي "رويال كير"، شرقي الخرطوم.

جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن تجمع المهندسين (مستقل يضم أطباء ومعلمين ومهندسين) ، وثلاثة تحالفات معارضة "نداء السودان" و" الإجماع الوطني" والتجمع الاتحادي المعارض.

وقال البيان "تظل دعوتنا متواصلة للتظاهر، وندعم الاعتصام أمام مستشفي رويال كير لتحدي صلف النظام". وأضاف أن "الاعتصام المتصاعد بمستشفي رويال كير، الذي ربما سيقلب المعركة في أي وقت"، داعياً "الثوار للتوجّه إلى مكان الاعتصام دعماً له".

وحدد البيان يوم الثلاثاء المقبل موعداً لتنظيم مواكب جماهيرية مسائية في مناطق " الحاج يوسف وأمبدة" بالتزامن مع عدد من المدن سوف يتم الإعلان عنها لاحقاً. كما كشف التجمع وتحالفات المعارضة عن تسيير "مواكب التنحي" في كل مدن السودان، الخميس القادم.

من جانبها أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، إضراباً في جميع مستشفيات البلاد, كما قالت إنها سحبت جميع الأطباء المنتمين إليها من العمل في المستشفيات التابعة للمؤسسات العسكرية والمستشفيات المملوكة لرموز وقيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم.

الإعلان جاء عقب مقتل طبيب وطفل سوداني أثناء الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الخرطوم الخميس. فيما قالت الشرطة السودانية، عبر بيان صادر عن متحدثها هاشم علي، إنها "تلقّت بلاغاً بوقوع قتيل وحدوث إصابات متعددة".

الاعتصام المتصاعد بمستشفى رويال كير الذي سيقلب المعركة في أي وقت. ندعو الثوار إلى التوجه لمكان الاعتصام دعماً له. #اعتصام_رويال_كير #مدن_السودان_تنتفض

Posted by ‎تجمع المهنيين السودانيين‎ on Thursday, 17 January 2019
نشطاء قالوا إن الأجهزة الأمنية السودانية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق المعتصمين أمام المستشفى، ونفذت حملة اعتقالات واسعة لتتمكن من تفريق الاعتصام.
وتجددت الاحتجاجات، في الخرطوم وعدة مدن، شملت القضارف والديوم؛ للمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير، وفق شهود عيان. وذكر تجمع المهنيين السودانيين، أن تظاهرات اندلعت في مدن الأبيض، وعطبرة، ورفاعة، والقضارف وبورتسودان، والجنينة، وسنار.

من جانبه دعا المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، الطلاب والشباب لعدم المشاركة في المسيرات الجماهيرية المقررة، محذراً من أنّها "دعوات تضر بالبلاد".

وقال مساعد الرئيس السوداني فيصل حسن إبراهيم، عقب اجتماعٍ للمكتب القيادي لحزبه، "ندعو أبناءنا الطلاب والشباب لتفعيل الروح الإيجابية والحفاظ على ممتلكاتهم وأمنهم وسلامتهم، وعدم الالتفات إلى الدعوات التي تضر بالبلاد".

ندعو أبناءنا الطلاب والشباب لتفعيل الروح الإيجابية والحفاظ على ممتلكاتهم وأمنهم وسلامتهم، وعدم الالتفات إلى الدعوات التي تضر بالبلاد

فيصل حسن إبراهيم - مساعد الرئيس السوداني

وفي سياق سعي الحكومة السودانية للتفاعل مع المطالب المرفوعة، قالت وكالة السودان للأنباء، الخميس، إنّ "مجلس الوزراء أصدر قراراً بزيادة أجور العاملين في القطاع العام بعد أن فرغت المالية من الإجراءات الفنية".

الخلفيات والدوافع: في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، انطلقت مظاهرات في السودان، احتجاجاً على غلاء المعيشة وندرة عدد من السلع الحيوية. وكان ملاحظاً أن شرارة الاحتجاجات اشتعلت خارج الخرطوم.

في هذا الصدد، كتب الصحفي السوداني السر سيّد أحمد أنّ "بدء المظاهرات في الأقاليم كان تطوراً لافتاً للنظر، إذ كان قصب السبق معقوداً للخرطوم في العادة". وأشار إلى أنّ "النقطة الأكثر أهمية هي أن تبدأ المظاهرات في المناطق الشمالية والشرقية من السودان، وهي المناطق التي ينحدر منها معظم قادة النظام بمن فيهم البشير نفسه".

وكان لافتاً أنّ هذه الاحتجاجات بدت عفوية في بداياتها، قبل أن يبرز تجمّع المهنيين السودانيين وتلتحق به باقي الأطراف المعارضة التي "أخذها انطلاق المظاهرات على حين غرة"، وفقاً للسر سيد أحمد.

وأوضح الكاتب السوداني عثمان ميرغني لـTRT عربي، أنّ تجمّع المهنيين "تنظيم سري لا يُعرف أعضاؤه، ولكن يظهر من بياناته أنه يضم بعض القيادات النقابية لمنظمات المهنيين السابقة، أو التي تعمل في الظل مثل نقابة الأطباء المركزية".

وفي تقرير حديث، قالت مجموعة الأزمات الدولية إنّه في الماضي كان بمقدور الرئيس البشير وحكومته اجتياز المظاهرات الشعبية. إلا أنّ التقرير يضيف أنّ المظاهرات الأخيرة "التي تطالب البشير بالتنحي بسبب سوء الإدارة الاقتصادية والفساد، امتدت إلى مناطق موالية للحكم، وتتزامن مع استياء متزايد ضمن الحزب الحاكم".

من جهتها، رأت الصحفية السودانية ميادة كمال الدين، أنّ "رد فعل الحكومة (على الاحتجاجات) معقول ومنطقي، ولم تستخدم القوة المفرطة تجاه المتظاهرين". غير أنّها أشارت إلى أنّ "المشكلة تكمن في التضخيم الإعلامي على مواقع التواصل الاجتماعي، والقول بأنّ المظاهرات تجري على نطاق واسع، وبالتالي صوّروا لنا أنّ الحدث كبير وواسع والشرطة استهدفت مواطنين بصورة واسعة".

جدير بالذكر أنّ آخر الإحصاءات الحكومية تشير إلى مقتل 24 شخصاً خلال المظاهرات، بينما كانت منظمة العفو الدولية قد قالت في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي إن لديها "تقارير ذات مصداقية تفيد بأنّ 37 محتجاً قُتلوا".

ما التالي: يرى تقرير مجموعة الأزمات الدولية أنّه ينبغي على الجهات المؤثرة على الخرطوم "السعي لتعزيز فرص انتقال سلمي (للسلطة) عبر إيجاد حوافز للبشير ليتنحى".

غير أنّ الصحفية السودانية ميادة كمال الدين، أوضحت في سياق حديثها لـTRT عربي، أنّ المظاهرات "لم تجد استجابة واسعة، وحتى الإعلام الأجنبي، الذي ظل يدعم هذه المظاهرات، بات لا يعكسها كثيراً ولم تعد الخبر الأول على أجندته". وترى الصحفية السودانية أنّه "يمكن القول بأنّ الاهتمام الخارجي بالمظاهرات تراجع، وهو ما يُفقد الحراك زخمه".

وأبدت كمال الدين اعتقادها بأنّ "المظاهرات هذه المرة ستكون نهاياتها كما المظاهرات التي شهدها السودان في المرات السابقة، ولكن هذا لا يُعفي الحكومة من ضرورة معالجة الأزمة، التي تسببت في دعوة الناس للخروج للتظاهر".

TRT عربي
الأكثر تداولاً