قرابة 200 طفل فلسطيني معتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعانون من أوضاع كارثية (AP)
تابعنا

لا يكترث الاحتلال الإسرائيلي بقرابة مئتي طفل فلسطيني يأسرهم في سجونه، ولم يُدَن غالبيتهم حتى الآن، يعيشون ظروفاً غير إنسانية، ويحرمون من أبسط حقوقهم، يتم يعَذّبون جسدياُ ونفسياً وسط الإهمال الطبي واكتظاظ الزنازين، ونقص التهوية، وسوء التغذية، والحرمان من الزيارات العائلية، معظمهم يدخل طفلاً إلى المعتقلات ويخرج شاباً أو كهلاً.

وتزايدت وتيرة الاعتقالات في الأيام القليلة الماضية، بينما لا يكاد يمر يوم دون اعتقال جيش الاحتلال الإسرائيلي لفلسطينيين بينهم أطفال، إذ أكدت مؤسسات تعنى بأوضاع الأسرى، أن سلطات الاحتلال لا تزال تمارس حملات الاعتقال التي طالت الشهر الماضي 18 طفلاً، وتمارس سياسات تعذيب ممنهجة ضد الأسرى خاصة في شهر رمضان.

وتحت بند الحبس الاحتياطي، يعتقل الاحتلال الإسرائيلي الأطفال الفلسطينيين في سجون خاصة بعيداً عن الأسرى البالغين، فيما يماطل الاحتلال في الإفراج عنهم، منتظراً وصولهم إلى السن القانونية من أجل المحاكمة.

يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 5,000 أسير وأسيرة بينهم 432 معتقلاً إدارياً دون تهمة أو محاكمة وأكثر من 183 طفلاً

مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان

ظروف صعبة وحرمان من الزيارة

وتفتقد العائلات الفلسطينية أطفالها الأسرى، خاصة في شهر رمضان، حيث يجتمع أفرادها على مائدة الطعام كل يوم بنقص أحد أفرادها، وتعتبر عائلة الأسير الطفل رامز التميمي (15 عاماً) من بين العائلات التي تعاني بسبب اعتقال نجلها للشهر الثالث على التوالي.

ويزداد قلق العائلة على رامز في ظل تفشي وباء كورونا خاصة مع تفشي الوباء بين السجانيين وجنود الاحتلال، حسب تصريحات والده محمد التميمي لـTRT عربي، الذي قال إنهم لم يزوروا نجلهم ولم يستطيعوا أن يتحدثوا إليه أو يطمئنوا عليه.

من جانبه قال حلمي الأعرج مدير مركز "حريات" للدفاع عن الحريات والحقوق المدنية لـTRT عربي، إن الاحتلال يضرب بعرض الحائط اتفاقية حقوق الطفل والمواثيق الدولية، ويرفض بناءً على القانون الدولي الإنساني إطلاق سراح كل هذه الفئات".

وكشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير، تفاصيل الأوضاع الكارثية التي يعيشها الأسرى الأطفال حين يجري نقلهم من سجن إلى آخر، وخاصة الذين نقلوا من معتقل "عوفر" إلى "الدامون"، والبالغ عددهم 33 طفلاً.

وأوضحت الهيئة أنه بعد وصول الأطفال المنقولين من "عوفر" إلى "الدامون" جرى زجهم داخل قسم مهجور منذ سنين طويلة مليء بالحشرات والصراصير، ولا يصلح للحياة الآدمية، لا تدخله أشعة الشمس ولا الهواء، مكون من خمس غرف صغيرة، 3 منها لا يوجد فيها نوافذ، واثنتان يوجد بهما نافذتان صغيرتان، وسقف الغرف منخفض جداً، وجدرانها مهترئة ورطبة، والحمامات خارج الغرف ووضعها سيئ، وتوجد شبه ساحة، لكن هي عبارة عن ممر بين باب القسم الرئيسي والغرف ومساحتها صغيرة جداً، فضلاً عن رائحة القسم الكريهة للغاية.

مطالبات دولية بالإفراج عن الأطفال

وبسبب تلك الممارسات، طالب عدد من مسؤولي الأمم المتحدة، بإطلاق سراح جميع الأطفال الفلسطينيين الأسرى في سجون الاحتلال، بسبب الأزمة الناجمة عن فيروس كورونا.

وشدد بيان مشترك صادر عن جيمي ماكغولدريك، المنسق الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وجينيفيف بوتن، الممثلة الخاصة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في فلسطين، وجيمس هينان، رئيس مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، على ضرورة أن تقوم إسرائيل بهذه الخطوة بشكل فوري.

وقال المسؤولون الأمميون في البيان "يساورنا بالغ القلق إزاء استمرار احتجاز الأطفال الفلسطينيين لدى السلطات الإسرائيلية”، مشيرين إلى أنه في نهاية شهر مارس/آذار، كانت السلطات الإسرائيلية تحتجز 194 طفلاً فلسطينياً في سجون ومراكز احتجاز، وفقاً للبيانات الصادرة عن مصلحة السجون الإسرائيلية.

وأكدوا أن هذا العدد يعد أعلى من متوسط عدد الأطفال الذين كانوا محتجزين في العام 2019، حيث لم تتمّ إدانة الغالبية الساحقة من هؤلاء الأطفال بأي جريمة، وهم رهن الحبس الاحتياطي في انتظار محاكمتهم.

في الأحوال العادية، يجب ألا يجري اعتقال الأطفال أو احتجازهم إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة وهو ما تنص عليه اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها إسرائيل ودولة فلسطين

بيان مشترك لمسؤولين أميين

كورونا.. خطر على الأطفال الأسرى

ومع انتشار فيروس كورونا في إسرائيل، تزداد المخاوف على حياة الأسرى الفلسطينيين، خاصة المرضى منهم وكبار السن والأطفال، إذ كانت إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي أعلنت عن إصابة 3 سجانين إسرائيليين بكورونا، هما شرطيان في سجن عوفر، وآخر في سجن الرملة، وهو ما أدى إلى نقل العدوى لأحد الأسرى الفلسطينيين الذين أفرج عنهم لاحقاً.

وأكد المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، سابقاً٫ إبراهيم ملحم، عن اكتشاف إصابة شاب فلسطيني بفيروس كورونا، بعد ساعات من الإفراج عنه من سجن عوفر الإسرائيلي، مؤكداً أن إدارة سجون الاحتلال أغلقت القسم الذي كان موجوداً فيه الأسير من دون فحص أي من الأسرى المخالطين للأسير المحرر المصاب.

بعد احتجاجات نفذها الأسرى في قسم (14)، إدارة سجن "عوفر" تحجر تسعة أسرى ممن خالطوا الأسير المحرر المُصاب رام الله – نادي...

Posted by ‎نادي الأسير الفلسطيني‎ on Thursday, 2 April 2020

وعلى الرغم من مطالبة المنظمات الدولية بأن تولي الدول، عند تفشي وباء، قدراً متزايداً من الاهتمام باحتياجات الأطفال إلى الحماية وحقوقهم، وأن تشكّل المصالح الفضلى للأطفال اعتباراً رئيسياً في جميع الإجراءات التي تتخذها الحكومات، إلا أن الأطفال الفلسطينيين الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يواجهون خطراً متزايداً بتعرضهم للإصابة بفيروس كورونا، بالنظر إلى غياب تدابير التباعد الاجتماعي وغيرها من التدابير الوقائية أو صعوبة تحقيقها في أحوال كثيرة.

ومنذ بداية أزمة كورونا علقت الإجراءات القانونية، وأُلغيت جميع الزيارات إلى السجون تقريباً، ما يحرم الأطفال من التواصل الشخصي مع أُسرهم ومحاميهم، الأمر الذي “يسبب مشقة إضافية ومعاناة نفسية ويحول بين الأطفال وبين تلقّي الاستشارات القانونية التي يستحقونها”، حسب المسؤولين الأمميين.

وأشار رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبوبكر، في بيان يوم الطفل العالمي، إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ العام 2000 ما لا يقل عن 17000 قاصر فلسطيني، تتراوح أعمارهم ما بين (12-18) عاماً، وسُجّلت العديد من حالات الاعتقال والاحتجاز لأطفال لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، وأن نحو ثلاثة أرباعهم تعرضوا لشكل من أشكال التعذيب الجسدي، فيما تعرّض جميع المعتقلين للتعذيب النفسي خلال مراحل الاعتقال المختلفة، وذلك بحسب آخر الإحصاءات والشهادات الموثقة للمعتقلين الأطفال.

جرائم حرب

وينظر خالد قزمار، المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين، بخطورة بالغة على حياة الأطفال الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً لـTRT عربي، إنه حتى نهائة مارس/آذار الماضي، بلغ عدد الأطفال الأسرى 194 طفلاً، وقد زاد بسبب الاعتقالات المستمرة.

ويتحدث قزمار عن أوضاع الأطفال الأسرى، قائلاً إنهم "منقطعون عن العالم الخارجي، إذ يُمنع ذووهم والمحامون من زيارتهم، ولا توفر لهم رعاية صحية، فيما تعرض بعضهم للتعذيب وإساءة المعاملة.

وتندرج عمليات الاعتقال والتحقيق والمحاكمة في إطار الاعتقال التعسفي، لأن اعتقالهم يجري دون عرض على محكمة تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة للأطفال، كما تندرج أيضاً في إطار جرائم الحرب، وبالتالي هي مسؤولية الدول المتعاقدة على اتفاقية جنيف، حسب قزمار.

وأضاف: "الخيار الوحيد أمامنا لمحاكمة الاحتلال، هي محكمة الجنايات الدولية، وهي متاحة من الناحية النظرية، لكن الاحتلال يعرقل أي جهود للمنظمات الحقوقية التي تريد رفع شكاوى على الاحتلال".

TRT عربي
الأكثر تداولاً