الحدود بين المغرب ومدينتَي سبتة ومليلية (Others)
تابعنا


سجّلت مدينة مليلية على الحدود المغربية-الإسبانية أكبر حصيلة ضحايا في تاريخها لمهاجرين غير نظاميين، حاول ألفان منهم مؤخراً اقتحام السياج الحدودي للعبور إلى أوروبا.

حادثة المهاجرين التي خلّفت نحو 23 قتيلاً وعشرات الجرحى، أعادت قضية الهجرة غير النظامية إلى دائرة الاهتمام، كما أعادت فتح ملفات التعامل الرسمي بين حكومة المغرب وإسبانيا، بعد سلسلة من التوترات الدبلوماسية بين البلدين.

والجمعة قالت الحكومة الإسبانية في بيان، إن أكثر من ألفَي مهاجر حاولوا اقتحام السياج الحدودي لمدينة مليلية (تابعة للإدارة الإسبانية وتطالب الرباط باسترجاعها).

وأشارت التقارير الأولية إلى مقتل 5 أشخاص، لكن الرباط أكدت لاحقا ارتفاع العدد إلى 23 وإصابة عشرات المهاجرين وأفراد الأمن، وفق موقع القناة الأولى المغربية (حكومي) عن سلطات المملكة.

وتُعَدّ مدينتا مليلية وسبتة، الواقعتان على الساحل الشمالي للمغرب، أشهر نقطتَي عبور للمهاجرين الأفارقة غير النظاميين إلى أوروبا.

وتخضع المدينتان لإدارة الحكومة الإسبانية، فضلاً عن الجزر الجعفرية وجزر صخرية أخرى في المتوسط، في حين يعتبر المغرب الجزر والمدينتين "ثغوراً محتلّة".

تخطيط وعبور جماعي

تتعرّض مليلية لمحاولات اقتحام متكررة للعبور نحو أوروبا، وعادة ما تسبق الاقتحامات الجماعية عمليات تواصل مع المهاجرين غير النظاميين في ما بينهم، سواء مباشرةً أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي أو عبر واتساب.

بذلك يحدّد المهاجرون غير النظاميين ساعة الاقتحام الجماعي، لأن المحاولات الفردية تُحبَط بسهولة، فيما ينجح كثيرون في العبور بفضل الاقتحامات الجماعية.

وينطلق المهاجرون في العادة من الغابات القريبة من بلدات بني أنصار والناظور، حيث يتحركون سريعاً في جماعات صغيرة تجاه مكان العبور المحدَّد حتى يتجمعوا استعداداً للعبور الجماعي.

وحول حادثة مليلية الأخيرة قالت الحكومة الإسبانية في بيان إن "مجموعة كبيرة من المهاجرين اخترقت بوابة الوصول إلى نقطة تفتيش باريو تشينو الحدودية، ودخلت مليلية قفزاً من فوق سياج نقطة التفتيش".

وأوضحت سلطات مليلة أن "اقتحام المهاجرين للحدود بدأ نحو الساعة 6:40 بالتوقيت المحلي 5:40 (ت.غ).

وأضافت: "على الرغم من عملية مكثفة للقوات المغربية، نجح عدد منهم في العبور في الساعة 8:40 بالتوقيت المحلي 7:40 (ت.غ)".

أكبر حصيلة في تاريخ البلاد

في ساعة الاقتحام المتفَق عليها، تَسلَّق المهاجرون، وفق شهود عيان، السياج الحديدي، حيث استعمل بعضهم آلات حادة في تقطيع الأسلاك، فضلاً عن التدافع الكبير بينهم.

وحسب مقاطع فيديو بثّها ناشطون بمنصات التواصل الاجتماعية، فإن التدخل الأمني والكرّ والفرّ بين الشرطة والمهاجرين ساهما في وقوع حوادث خطيرة بين الطرفين.

وفي الوقت الذي استعملت فيه الشرطة الرصاص المطاطي لتفريق المهاجرين، وفق شهود عيان، رشق هؤلاء الشرطة بالحجارة، بجانب استعمال العصيّ وآلات حادة.

وقال أحد المهاجرين للأناضول، مفضلاً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن "الشرطة هاجمتهم لدى محاولتهم اقتحام السياج"، وأضاف أن الشرطة عنفتهم، وفق تعبيره.

واعتبر عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (غير حكومية) بمدينة الناظور شمالي المملكة عمر الناجي، أن "سياسات الهجرة المعتمَدة من طرف المغرب وإسبانيا من أسباب وقوع اقتحامات من طرف المهاجرين".

ولفت الانتباه إلى أن من الأسباب "تشديد المراقبة وتفكيك السلطات المغربية مخيمات المهاجرين، مما جعل ردّ فعل المهاجرين في اقتحام السياج كبيراً".

وأوضح الناجي في حديثه للأناضول أن "سقوط 23 ضحية يُعَدّ أكبر حصيلة في تاريخ البلاد".

مَطالب بالتحقيق

بعد حادثة مليلية، أصدرت عدة منظمات غير حكومية، بياناً مشتركاً طالبت فيه بإجراء تحقيق حول طريقة معاملة المهاجرين عند محاولتهم عبور الحدود.

وطالبت الكتل النيابية لأحزاب الأغلبية (التجمع الوطني، والاستقلال، والأصالة والمعاصرة)، "بانعقاد لجنة الداخلية بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، لتدارس ملف الهجرة السرية ارتباطاً بالتطورات الأخيرة".

وأدّى وفد من المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) مهمة استطلاعية بمدينة الناظور ونواحيها، إثر "الأحداث المأساوية والعنيفة التي ترتبت عن محاولات عبور مئات المهاجرين البوابة بين مدينتي الناظور ومليلية".

وأعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب في بيان، "متابعته للمعلومات بخصوص العدد الهائل من المهاجرين الذين حاولوا العبور في نفس الوقت، بجانب حجم العنف، وحجم الخسائر في الأرواح".

وأوضح المجلس أنه "سجّل مرة أخرى، نشر صور وفيديوهات لا علاقة لها بمحاولة عبور المهاجرين، تتضمّن تضليلاً ومعطيات غير حقيقية بشأن العبور الجماعي المكثف وما نتج عنه".

بين الرباط ومدريد

وفي سياق تحسُّن العلاقات بين الرباط ومدريد، أعادت حادثة مليلية عمليات التنسيق بين الطرفين لمحاربة الهجرة غير النظامية.

وقبل الحادثة بأسبوع بحث وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، ونظيره الإسباني فيرناندو غراندي مارلاسكا، بمدريد سبل تعزيز التعاون في مجال الهجرة والأمن.

في هذا السياق قال عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عمر الناجي، إن "عودة العلاقات بين إسبانيا والمغرب جعلت الأخيرة تتشدّد في مراقبة الحدود".

ورفض الناجي أن يلعب المغرب "دور الشرطي لإسبانيا وأوروبا"، مطالباً بـ"السماح لطالبي اللجوء بالعبور، مع احترام حقوق المهاجرين".

وطالب الحقوقي المغربي بـ"فتح تحقيق في ما وقع لتحديد المسؤوليات على كل الأطراف".​​​​​​​

AA
الأكثر تداولاً