شركات المواصلات والسياحة والطيران والسلع الفاخرة ستكون الأكثر تضرراً من انتشار كورونا (DPA)
تابعنا

ليس خوفاً من الموت فقط بسبب انتشار فيروس كورونا وامتدادة من الصين إلى دول أخرى، وإنما قلقاً من انعكاس تأثير المرض على القطاعات الأخرى الاقتصادية والسياحية، وهو ما يحدث فعلياً خاصة في تلك الدول التي انتشر فيها وسجلت حالات وفاة بسببه مثل الصين وإيران.

ولم تعد الصين التي خرج منها المرض وسجلت عدداً كبيراً من الوفيات بسببه، هي المتضررة الوحيدة اقتصادياً منه، فالاقتصاد الصيني مرتبط بشكل كبير بالاقتصاد العالمي، وهناك العديد من الشركات العالمية تتخذ المدن الصينية مقراً لها، وبسبب المرض تأخر الإنتاج في بعضها وتوقف في بعضها الآخر.

وللمرض تأثير كبير على مجالي التجارة والصناعة العالميين؛ لأن الصين لاعب مهم للغاية من حيث الصناعة والإنتاج، ومعظم الإنتاج العالمي يتم في هذا البلد، ولاحقاً، قد تجد بكين نفسها مطالبة بزيادة الإنفاق وخفض الضرائب المفروضة، فضلاً عن تقديم قروض بنسب فوائد مغرية لأجل إنعاش النمو الاقتصادي، ما يعني إثقال كاهل البنوك.

من جهة أخرى، تأثر الاستهلاك في الصين بشكل كبير، لأن الناس أصبحوا يفضلون البقاء في بيوتهم بدل أن يخرجوا إلى المطاعم والمنشآت السياحية الأخرى، وهذه الأنشطة الصغرى تساهم بدورها في النمو الاقتصادي الصيني.

تضرر البورصة والاقتصاد الأوروبي

وبسبب التأخر في الإنتاج في المصانع الصينية، حذرت سلسلة متاجر بريمارك البريطانية الشهيرة، من احتمال نفاد مخزونها من عدد من المنتجات، إذ تم إلغاء الشحن البحري من الصين إلى بريطانيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى شلل سلسلة التموين وتراجع الصادرات البريطانية إلى أوروبا بنحو 20٪، وهو ما يدل على أن شركات المواصلات والسياحة والطيران والسلع الفاخرة، ستكون الأكثر تضرراً من انتشار كورونا.

من جهة أخرى، أثر الأمر على الأيدي العاملة في بريطانيا، خاصة بعد أن حذرت شركة جاغوار لاند روفر، لصناعة السيارات الفارهة البريطانية، من احتمال نفاد مستودعاتها في غضون أسبوعين، وإغلاقها 11 مصنعاً محلياً، إذ لم يستطع مزودوها الصينيون شحن القطع الضرورية، الأمر الذي انعكس على نحو 4 آلاف موظف يعملون لدى الشركة.

وطال الأثر السلبي للمرض دولاً أوروبية كثيرة، من بينها إيطاليا التي سجلت أكبر ارتفاع للحالات المصابة بفيروس كورونا في أوروبا، ومن ثم أعلنت عن إغلاق 11 بلدة غالبيتها شمال البلاد، وقررت منع الدخول إليها أو الخروج منها بدون تصريح.

وتراجعت الأسهم الأوروبية، وهوت أسهم ميلانو بنسبة 3.7% لأدنى مستوياتها في نحو ثلاثة أسابيع، وكانت أسهم شركات الطيران من ضمن قائمة أسوأ الأسهم أداء على المؤشر "ستوكس 600" الأوروبي، وتراجعت أسهم شركات صناعة السلع الفاخرة والتعدين وصناعة السيارات والتكنولوجيا والبنوك ما يزيد عن 3%، وجميعها شديد التأثر بالمعنويات إزاء النمو العالمي.

عدد السياح في الدولة الأوروبية تراجع بما يتراوح بين 30 و40% بسبب فيروس كورونا، وسيكون للأمر تداعيات على الاقتصاد

برونو لو مير - وزير المالية الفرنسي

وفي فرنسا التي أعلنت عن حالة وفاة ونحو 12 إصابة بفيروس كورونا، يتأثر قطاع السياحة بشكل كبير، إذ يزور 2.7 مليون سائح صيني فرنسا كل عام، حسب وزير المالية الفرنسي يرونو لو مير، الذي أكد أن العدد سيقل في العام القادم.

وفقدت أسعار عقود برنت الآجلة نحو 15.2% من قيمتها منذ بدء تفشي الفيروس، من 65 دولاراً إلى متوسط 55.6 دولار حالياً، حسب مسح لوكالة الأناضول.

الدول الأعضاء في تحالف "أوبك+" مطالبة بعدم التهاون مع مخاطر فيروس كورونا

عبد العزيز بن سلمان - وزير الطاقة السعودية

وقال وزير الطاقة السعودية عبد العزيز بن سلمان إن "كل مسألة خطيرة تظهر على الساحة العالمية يجب أخذها على محمل الجد"، وسط تأثيرات يحدثها الفيروس على معروض وأسعار النفط الخام.

من جانبها، قالت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، إن فيروس كورونا، ستكون له آثار سلبية على الاقتصاد العالمي، حتى إذا تم احتواؤه سريعاً، وإن من الحكمة الاستعداد للمزيد من هذه التداعيات، فيما حذرت مؤسسات مالية كبرى حول العالم من مخاطر حقيقية خلال العام الجاري، حسب وكالة فرانس24.

ويضع التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد، اقتصاد العالم برمته أمام تحدٍّ حقيقي، حتى وإن كان أغلب الإصابات قد سجلت في الصين حيث توفي أكثر من 1600 شخص بسبب المرض، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وقالت الصحيفة إن"قدرة العالم على احتواء هذا الفيروس هو الذي سيحدد حجم الخسائر الاقتصادية، كما أن عنصر التوقيت مهم أيضاً، لأن عدم استقرار الوضع عما قريب سيزيد من الأضرار".

البدائل

وقد يجبر تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب فيروس كورونا الشركات العالمية إلى إيجاد بديل عن الصين، ومن المرشح أن تكون بنغلاديش وتركيا بديلاً جيداً خاصة في مجال صناعة الأقمشة والأزياء.

وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك، إن بلاده بإمكانها أن تكون بديلاً عن الصين في بعض مجالات الصناعة والإنتاج، عقب انتشار وباء "كورونا الجديد" في الأخيرة، حسب وكالة الأناضول.

وحذر الوزير التركي من أن التأثيرات السلبية التي ستطال الصين بسبب فيروس كورونا الجديد "ستنعكس سلباً" على الاقتصاد العالمي، موضحاً أن وزارته بدأت في عقد اجتماعات مع ممثلي قطاع الصادرات في تركيا؛ حيث تهدف إلى أن تكون قاعدة بديلة عن الصين في بعض مجالات الصناعة والإنتاج.

تستطيع بعض الشركات التركية أن تكون بديلاً لبعض المنتجات المصنعة في الصين. وبدأ بعض المستوردين بالفعل التواصل مع الشركات المنتجة في تركيا

مصطفى ورانك - وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي

وتابع: "بالطبع، لا نريد أن يتعرض أي بلد في لعالم لمثل هذا الوباء والمشكلات الصحية. لكن هناك اقتصاداً مستمراً وسوقاً تحتاج إلى توفير المتطلبات".

وتشير التوقعات إلى ارتفاع الإنتاج الصناعي في تركيا، بنسبة 6.8%، في ديسمبر/كانون الأول 2019، وتعتبر هذه الزيادة في الإنتاج، التي تحققت خلال ديسمبر، مؤشراً على الإنتاج سيشهد نمواً قوياً في 2020.

الاقتصاد الإيراني.. أزمة مضاعفة

وتزداد الخطورة على الاقتصاد الإيراني بالذات بسبب ما يعانيه سابقاً من العقوبات الأمريكية بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاتفاق النووي، في مايو/أيار 2018.

وستتأثر التجارة في إيران مع انتشار المرض فيها، خاصة مع احتمال إغلاق النوافذ المتبقية المفتوحة أمام التجارة الإيرانية مثل الصين والعراق التي تأتي في مقدمة الدول الجارة التي اتخذت إجراءات احترازية مشددة، منها منع السفر إلى إيران ودخول الوافدين منها ووقف الرحلات الجوية، وإغلاق منافذ حدودية.

وتعتبر الصين الشريك التجاري الأول والأكبر لإيران، وأدى انتشار المرض فيها إلى تأثر التجارة الإيرانية بشكل كبير حتى قبل أن يصل إلى إيران التي اتخذت إجراءات وقائية وأوقفت رحلاتها إلى الصين.

وقال علي موسوی، مساعد رئيس دائرة النقل والترانزيت في منطقة "أروند" الاقتصادية الحرة في إيران، في تصريح لوكالة "إرنا"، إن منفذ شلمجة الحدودي مع العراق مفتوح أمام تصدير البضائع.

جرى خلال الأشهر الـ11 الأخيرة، تصدير ما يبلغ 700 مليون دولار من السلع والبضائع غير النفطية إلى العراق، بزيادة قدرها 165% عن الفترة المماثلة من العام الماضي

تقرير صادر عن إدارة جمارك شلمجة الإيراني

وأضاف موسوي أن الجانب العراقي أغلق الحدود أمام حركة الزائرين، ولكن عملية نقل البضائع مستمرة، مشيراً إلى أن الشاحنات العراقية التي تحمل الترخيص تدخل لشحن البضائع إلى العراق.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً