ما المهم: تنعقد القمة العربية التنموية الاقتصادية في بيروت في وقت يمر فيه لبنان بأزمة سياسية مستمرة منذ مايو/أيار 2018، بسبب عدم التوافق على حكومة، حيث تعتبر الحكومة الحالية برئاسة سعد الحريري حكومة تسيير أعمال.
وكان لبنان يعوّل على استضافته القمة التنموية الاقتصادية من أجل استعادة ثقة الدول العربية فيه، إلا أن عزوف معظم رؤساء وملوك الدول عن المشاركة كان بمثابة خيبة أمل لبيروت.
ودعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى تأجيل القمة بسبب ما وصفه بـ"فشل البلاد في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة".
وقال وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال اللبنانية جبران باسيل إن الدول العربية هي المسؤولة عن تعاظم مشكلاتها الاقتصادية بسبب انقسامها وعدم توحدها.
المشهد: أكدت معلومات رسمية من منظمي القمة لوكالة الأناضول أن القمة لن يحضرها سوى اثنين فقط من رؤساء وملوك الدول العربية، وهما الرئيس العراقي برهام صالح والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، بالإضافة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، بينما اكتفت بقية الدول العربية بإرسال وفود يرأسها رؤساء وزراء أو وزراء.
وفيما يخص الموضوعات التي ستتطرق إليها القمة، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إن القمة ستناقش دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وأوضاع اللاجئين الصعبة بالدول العربية.
وأضاف أبو الغيط، في اجتماع جمعه بالمُفوّض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أنه من المنتظر أن تتناول القمة العربية التنموية الاقتصادية موضوع الأعباء الاقتصادية التي تتحملها الدول العربية المستضيفة للاجئين السوريين.
عدم مشاركة رؤساء وملوك الدول العربية في القمة الحالية يؤكد وجود أزمة ثقة بين الدول العربية ولبنان
الخلفيات والدوافع: شهدت كواليس الإعداد لهذه القمة جدلاً حول موضوعين أساسيين، هما مشاركة سوريا فيها وقرار ليبيا مقاطعتها بسبب الهجوم الذي شنه أنصار حركة أمل اللبنانية عليها.
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري اعترض على عدم توجيه دعوة رسمية إلى سوريا للمشاركة في القمة، ونقل نواب من كتلته البرلمانية قوله "لبنان يجب أن يكون علامة جمع وليس علامة طرح"، مضيفين أنه رأى ضرورة مشاركة دمشق في القمة.
من جانبه، تبنى وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الموقف ذاته وقال "سوريا يجب أن تعود إلينا لنوقف الخسارة عن أنفسنا قبل أن نوقفها عنها".
وكانت جامعة الدول العربية علّقت عضوية سوريا في 2011 بسبب رفضها النهج الأمني والعسكري الذي اتبعه نظام الرئيس السوري بشار الأسد في التعامل مع المظاهرات المناهضة له، إلا أنه في الفترة الأخيرة ترددت دعوات تطالب بعودة دمشق إلى النظام العربي الرسمي.
أما الأزمة مع ليبيا فقد بدأت عندما انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر مجموعة من أنصار حركة أمل اللبنانية تنزل العلم الليبي وتمزقه، تعبيراً عن رفضهم دعوة طرابلس، التي يُحمّلونها مسؤولية اختفاء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السابق موسى الصدر، الذي شوهد للمرة الأخيرة في ليبيا عام 1978.
وأعلنت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، رداً على ما حدث، عدم مشاركتها في أعمال القمة.
من جانبه، أعرب رئيس حكومة تسيير الأعمال اللبنانية سعد الحريري عن أسفه لغياب الوفد الليبي عن القمة، وقال"لبنان سيبقى ينبض من خلال محبّيه، وهذه مناسبة لنعبّر عن أسفنا لغياب الوفد الليبي عن القمة العربية الاقتصادية والتنموية الّتي ستُعقد في بيروت"، مؤكداً أن "العلاقة بين الأشقاء يجب أن تعلو فوق الإساءات".
ما التالي: قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان إن “عدم مشاركة رؤساء وملوك الدول العربية في القمة الحالية يؤكد وجود أزمة ثقة بين الدول العربية ولبنان، لعدة أسباب على رأسها موضوع حزب الله“، مضيفاً “شعارات حزب الله كانت معلّقة في الطرقات التي وصل منها ممثلو الوفود العربية“.
وأضاف خشان لـTRT عربي “الدول العربية كذلك لا تأخذ القمم والاجتماعات التي تنظمها الجامعة العربية على محمل الجد، لأن معظم هذه القمم لم تكن سوى لقاءات فلكلورية لا تسفر عن تغيير حقيقي على الأرض“.
وفيما يتعلق بتصريحات باسيل التي دعا فيها إلى إدماج سوريا في النظام السياسي العربي مجدداً، قال خشّان إن “هذه التصريحات جوفاء، وكل ما تهدف إليه هو الحفاظ على توازن ما مع الأنظمة والدول العربية المختلفة“.