الأزمة اندلعت بعد بيان طالب فيه مقتدى الصدر برحيل حكام سوريا والبحرين واليمن (Reuters)
تابعنا

شهدت العلاقة بين العراق والبحرين خلال الأيام القليلة الماضية توتراً، وصل إلى حد تصعيد اللهجة على نحو غير مسبوق بين الطرفين واستدعاء القائم بالأعمال العراقي في المنامة.

اندلاع الأزمة

بدأت الأزمة عندما أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، السبت، بياناً طالب فيه بعدم زج العراق في الصراع المستمر بين إيران من جهة، وما سمّاه "الاتحاد الثنائي" المؤلف من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة أخرى.

واقترح الصدر في بيانه عشر مقترحات منها "إيقاف الحرب في اليمن والبحرين وسوريا وتنحي حكامها فوراً والعمل على تدخل الأمم المتحدة للإسراع في استتباب الأمن فيها والتحضير لانتخابات نزيهة بعيدة عن تدخلات الدول أجمع وحمايتها من الإرهاب الداعشي وغيره".

سماحة القائد السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) يصدر بياناً مهماً من عدة نقاط حول الصراع بين الجارة إيران من جهة والاتحاد...

Posted by ‎المكتب الخاص لسماحة السيد مقتدى الصدر‎ on Saturday, 27 April 2019

بيان الصدر أغضب قيادة البحرين التي سارعت خارجيتها بإصدار بيان قالت فيه إن الوزارة أبلغت "القائم بالأعمال العراقي استنكار مملكة البحرين واحتجاجها الشديدين على البيان الصادر عن مقتدى الصدر، والذي تم الزج فيه باسم مملكة البحرين ويمثل إساءة مرفوضة لمملكة البحرين وقيادتها ويعد تدخلاً سافراً في شؤون مملكة البحرين، وخرقاً واضحاً للمواثيق ومبادئ القانون الدولي، ويشكّل إساءة إلى طبيعة العلاقات بين مملكة البحرين وجمهورية العراق".

لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ شن وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة هجوماً على القيادي العراقي الشيعي الذي قال إنه "يبدي قلقه من تزايد التدخلات في الشأن العراقي. وبدلاً من أن يضع إصبعه على جرح العراق بتوجيه كلامه إلى النظام الإيراني الذي يسيطر على بلده، اختار طريق السلامة ووجّه كلامه إلى البحرين. أعان الله العراق عليه و على أمثاله من الحمقى المتسلطين".

بغداد ترد رسمياً

أعربت وزارة الخارجية العراقية، السبت، عن شجبها لتصريحات وزير الخارجية البحريني الذي "يمثّل الدبلوماسية البحرينية"، وعدّت ما قاله لا يمثّل فقط إساءة لمقتدى الصدر وإنما أيضاً "للعراق وسيادته واستقلاله، خصوصاً عندما يتكلم الوزير البحريني عن خضوع العراق لسيطرة الجارة إيران".

وطالبت الخارجية العراقية، في بيان رسمي، دولة البحرين بتقديم اعتذار رسمي عمّا بدر عن وزير خارجيتها بحق العراق "الذي تتعدَّد فيه الرؤى، وتتسع فيه حرية التعبير للرموز والشخصيات والقوى السياسية ولجميع المواطنين".

تُعبِّر وزارة الخارجيَّة العراقيَّة عن شجبها للتصريحات التي أدلى بها وزير خارجيَّة البحرين حول بيان السيِّد مقتدى الصدر...

Posted by ‎وزارة الخارجية العراقية‎ on Saturday, 27 April 2019

بالإضافة إلى ذلك، صرّحت الخارجية، في بيان صدر عنها الأحد، بأن "وكيل الوزارة الأقدم نزار الخير الله سلّم مذكرة احتجاج للسفير البحريني في بغداد صلاح المالكي بعد استدعائه".

وأوضحت أن الاستدعاء جاء "على خلفيّة التصريحات التي صدرت عن وزير خارجية البحرين والتي اتهم فيها العراق بأنه يقع تحت سيطرة دولة أخرى، فضلاً عن الإساءة إلى الرموز الدينية والسياسة العراقية".

ودعا الخير الله إلى "عدم المساس بسيادة العراق.. ومُراعاة اللغة الدبلوماسية في التصريحات الرسمية"، وشدد على أن "العراق بلد يكفل التعبير وتعدُّد الرؤى والمواقف السياسية".

دوافع الأزمة

أصدر مقتدى الصدر بيانه المثير للجدل بعد يومين من نشر السفارة الأمريكية في بغداد، الخميس على صفحتها الرسمية على فيسبوك، تصريحات هاجمت بشدة مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي.

السفارة الأمريكية اتهمت النظام الإيراني بالفساد، وزعمت أن "ممتلكات مرشد النظام علي خامنئي وحده تُقدّر بـ200 مليار دولار، بينما يرزح كثير من أبناء الشعب تحت وطأة الفقر".

يستشري الفساد في جميع مفاصل #النظام_الإيراني، بدءا من القمة. فممتلكات مرشد النظام علي #خامنئي وحده تقدر بـ 200 مليار...

Posted by U.S. Embassy Baghdad on Thursday, 25 April 2019

بدورها، استنكرت بغداد التصريحات الأمريكية، وأفادت الخارجية العراقية بأن وكيلها الأقدم نزار الخير الله "سلّم مذكرة احتجاج إلى القائم بالأعمال الأمريكي جوي هود، بعد استدعائه على إثر التصريحات التي نشرتها السفارة الأمريكية، والتي تجاوزت فيها الأعراف الدبلوماسية".

وقالت بغداد إن تلك التصريحات تجاوزت "القواعد التي تحكم عمل البعثات في الدول المُضيفة، فضلاً عن معارضتها للسياسة الخارجية العراقية، التي ترفض أن يكون العراق ممراً أو مُنطلقاً لاستهداف الدول الأخرى".

ودعت مذكرة الاحتجاج إلى "حذف المنشور، وعدم إصدار منشورات تُسِيء إلى علاقات العراق بدول الجوار"، إلا أن السفارة الأمريكية لم تحذف المنشور حتى الآن.

احتمالات تطور الأزمة

استبعد مستشار رئيس البرلمان العراقي السابق أحمد رشدي احتمالية تطور الأزمة إلى أبعد مما حدث، وقال إن "الأزمة ليست حقيقية، وقد تكون شخصية أكثر منها سياسية".

وأضاف رشدي لـTRT عربي أن "وزارة الخارجية العراقية بعثت برسائل واضحة بأن العلاقة مع الدول الخليجية مستقرة وثابتة ولن يُتنازل عنها بشكل أو بآخر"، ورجّح أن تلعب المملكة العربية السعودية دوراً في خفض التوتر بين المنامة وبغداد، نظراً إلى العلاقات الجيدة التي تربط الرياض بالطرفين في الفترة الحالية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً