أكثر من مئة أسير فلسطيني مضرب عن الطعام في السجون الإسرائيلية (TRT Arabi)
تابعنا

يضرب الاحتلال الإسرائيلي عرض الحائط بحياة أكثر من مئة أسير فلسطيني مضرب عن الطعام في سجونه، ليس لهم أي مطالب سوى الإفراج عنهم ووقف اعتقالهم إدارياً دون تهمة واضحة، أو تحقيق مطالبهم التي وعدهم بها كنتيجة لإضراباتهم السابقة.

ومنذ سنوات عدة، يحاول الأسرى الفلسطينيون انتزاع حقوقهم بأنفسهم، عن طريق إضرابهم عن الطعام، نظراً إلى إهمال قضيتهم وتعنُّت الاحتلال واستمرار سياسته في قمعهم، وانضمت دفعات جديدة من الأسرى للمشاركة في الإضراب، بينهم 6 معتقلين إدارياً يعانون من وضع صحي حرج وقد يفقدون حياتهم في أي لحظة.

دفعات جديدة من الأسرى شرعت في الإضراب المفتوح عن الطعام، ليصل عدد الأسرى المضربين حتى الثلاثاء إلى 140 أسيراً، والعدد مرشح للزيادة

نادي الأسير الفلسطيني

وتمارس قوات الاحتلال الاسرائيلي الاعتقال الإداري باستخدام أوامر الاعتقال التي تتراوح مدتها بين شهر واحد وستة أشهر، قابلة للتجديد دون تحديد عدد مرات التجديد، في وقت تصدر فيه أوامر الاعتقال بناء على معلومات سرية لا يحق للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، وهي عادة تستخدم حين لا يوجد دليل كافٍ بموجب الأوامر العسكرية التي فرضتها دولة الاحتلال على الضفة الغربية لاعتقال المواطنين الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة، حسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.

ويعتبر الاعتقال الإداري بالصورة التي تمارسها دول الاحتلال غير قانوني واعتقالاً تعسفياً حسب المؤسسة، فبناءً على ما جاء في القانون الدولي "إن الحبس الإداري لا يحدث إلا إذا كان خطر حقيقي يهدد الأمن القومي للدولة"، وهو بذلك لا يمكن أن يكون غير محدود ولفترة زمنية طويلة.

الاعتقال الإداري إجراء تلجأ إليه قوات الاحتلال الإسرائيلية لاعتقال المدنيين الفلسطينيين دون تهمة محددة ودون محاكمة، ما يحرم المعتقل ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال

مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان

الأسرى المضربون.. معاناة مع المرض

تتوافد أعداد من الأسرى كل يوم من أجل الانضمام إلى الأسرى المضربين عن الطعام، إذ وصل عددهم حتى اللحظة 140 أسيراً قرروا مواجهة الاحتلال بأمعائهم الخاوية في ظل تشبث الاحتلال الإسرائيلي بموقفه الرافض للاستجابة لمطالبهم التي تتمثل في الالتزام بالاتفاق السابق المتعلق بإزالة أجهزة التشويش وتفعيل الهواتف العمومية، إضافة إلى وقف الإجراءات العقابية التي فرضتها على الأسرى المضربين منذ يوم الثلاثاء الماضي، والإفراج عن الأسرى الإداريين.

وفي ظل هذا التوتر، نُقل الأسير المقدسي رمضان مشاهرة (44 عاماً) إلى أحد المشافي الإسرائيلية إثر تدهور حالته الصحية، بعدما شرع في إضرابه المفتوح عن الطعام بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2019، احتجاجاً على تركيب أجهزة التشويش بأقسام سجن "الجلبوع".

ولا يكاد يخلو أسير من مرض يعاني منه بسبب الإضراب، فقد أفاد زيدان الجدع والد الأسير ناصر الجدع لـTRT عربي، بأن نجله المضرب عن الطعام منذ 41 يوماً احتجاجاً على اعتقاله الإداري، يعاني من آلام شديدة في ظهره ومعدته.

ويحتج الجدع أمام محكمة الاحتلال على اعتقاله التعسفي، وعدم وجود أدلة تشير إلى أنه يشكل أي خطر على دولة الاحتلال كما تدّعي المحكمة في ملفه السري الذي لا يستطيع معرفة ما فيه، كما يؤكد والده صعوبة زيارته، إذ ترفض إدارة السجون إعطاء أي تصريح زيارة لعائلته وتضيق الزيارة على محاميه، ما يثير القلق في نفوسهم على وضعه الصحي.

الأمر لا يختلف كثيراً بخصوص الأسير طارق قعدان المضرب عن الطعام منذ 49 يوماً، إذ يعاني من وضع صحي صعب كما تقول شقيقته منى قعدان لـTRT عربي.

وتشتكي عائلة قعدان من ضعف الحراك الرسمي، إذ لم يزر محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الأسير قعدان سوى مرة واحدة، بالإضافة إلى حراك شعبي ضئيل لا يرقى إلى مستوى تضحياتهم.

سلطان خلف على وشك الموت

ترفض نبيلة خلف زوجة الأسير سلطان خلف فكرة أن يحصل لزوجها أي مكروه جراء إضرابه عن الطعام منذ 62 يوماً، قائلة لـTRT عربي "أريد زوجي على قيد الحياة.. لا أريده شهيداً".

وتظل نبيلة في حالة ترقب وتوتر مستمر نظراً إلى حالة زوجها الذي دخل في مرحلة الخطر، فهو يعاني من خلل في الدماغ وتقرحات شديدة في الفم وضعف شديد في الرؤية وآلام في مختلف أنحاء جسده ونقص كبير في الوزن.

وأضافت "زوجي يعاني أيضاً من شهقة مستمرة ولا يستطيع القيام بأي حركة ويعاني من صداع شديد في الرأس"، مشيرة إلى أنه دخل مرحلة الخطر المميت.

وناشدت نبيلة جميع مؤسسات حقوق الإنسان بما فيها الصليب الأحمر ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والقيادة والفصائل الفلسطينية، بضرورة التدخل الفوري للضغط على الاحتلال من أجل إطلاق سراح زوجها.

وأضافت "نُحمل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية حياة الأسرى المضربين عن الطعام، كما نتحمل نحن جزءاً كبيراً من المسؤولية، لأننا نفتقد العمل الشعبي والرسمي والفصائلي المنظم الذي من شأنه أن يضغط على الاحتلال الإسرائيلي".

وتابعت "الوقفات التضامنية تدعم الأسرى المضربين معنوياً بشكل كبير".

وتشير نبيلة إلى أن حركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها خلوف، أجرت اتصالات عاجلة بشأنه وطالبت بالتدخل العاجل لإنقاذ حياته، مؤكدة أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية صرحت بوجود وساطة مصرية حثيثة تُبذل من أجل التوصل إلى اتفاق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنقاذ حياة الأسير سلطان خلف والإفراج عنه، إلا أن الاحتلال رفضها وقام بتجديد الاعتقال الإداري له، متجاهلاً خطورة وضعه الصحي وإضرابه عن الطعام.

الاحتلال يراهن على كسر الإضراب

إثر تكرار الإضرابات الفردية والجماعية عن الطعام للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بدأت إدارة السجون باستيعاب هذا التحرك، وأقصى ما يمكن أن تقوم به هو تحديد موعد للإفراج عن بعض الأسرى الذي غالباً ما تخل به، حسب ما أفاد مدير نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس TRT عربي.

يقول فارس إن "الاحتلال الإسرائيلي لم يُظهر نوايا بأنه سيعيد النظر في قضية الأسرى المضربين عن الطعام، فإسرائيل تريد أن يصل الأسير إلى المرحلة القصوى من الألم والمخاطرة بالنفس، مراهناً بذلك على كسر إضراب الأسرى من أجل ردع الآخرين عن دخول الإضراب".

الحركة الوطنية الفلسطينية تعاني من ضعف وترهل يظهر جلياً في تضامنها الضئيل وتحركها الضعيف مع قضية الأسرى المضربين عن الطعام

قدورة فارس - مدير نادي الأسير الفلسطيني

وتعليقاً على تذمر أهالي الأسرى من ضعف الحراك الرسمي، يقول فارس إن "العائلات محقة في شكواها، لأن الجهود المبذولة أقل من المستوى المطلوب ولا ترقى إلى مستوى تضحيات الأسرى، وتتحمل الفصائل الفلسطينية جزءاً كبيراً من هذه المسؤولية، لأن عليها أن تقوم بواجبها بشكل كامل ثم تبدأ بانتقاد المؤسسات الرسمية".

ويتابع "نحن في نادي الأسير لم نلقَ أي تجاوب من حكومة الاحتلال، لذلك أقصى ما يمكن أن نقوم به هو التحرك الدولي، ذلك أن معرفتنا بتفاصيل قضاياهم وما يحدث بالكواليس ضئيلة نظراً إلى وجود محامٍ خاص لكل أسير".

نبيلة خلف تقول إن زوجها سلطان خلف دخل حالة من الموت البطيء، وقد يرتقي شهيداً في أي لحظة (TRT Arabi)
دخل الأسير سلطان خلف (38 عاماً) من جنين، في وضع صحي حرج قد يؤدي إلى موته (TRT Arabi)
تستمر منى شقيقة الأسير طارق قعدان في المشاركة بوقفات تضامنية مساندة لشقيقها المضرب منذ 49 يوماً (TRT Arabi)
TRT عربي
الأكثر تداولاً