تعتبر جيل بايدن أول سيدة أولى تعمل بروفيسورة في الجامعة (Reuters)
تابعنا

لم تكن الطالبة المبتدئة في ولاية ديلاوير الأمريكية، جيل جاكوبس تعلم أن السيناتور الديمقراطي الطموح، جو بايدن الذي يدعوها إلي العشاء لأول مرة سنة 1975 سيأخذها من يديها إلى البيت الأبيض بعد 45 عاماً.

كان اللقاء الأول صعباً، إذ يمر بايدن آنذاك بوقت عصيب، كان قد فقد قبل ثلاث سنوات زوجته نيليا وابنتهما نعومي في حادث سيارة مروع، مما أجبره على تربية ولديه الصغيرين، بو وهنتر بمفرده، حتى تظهر في طريقه الآنسة جيل، والتي اعترفت سنة 2016 لمجلة vogue المشهورة أن فرصة ارتباطها ببايدن كانت ضعيفة في الوهلة الأولى لعدم تناسق حياتهما.

لكن على بعد سنوات طويلة من ذلك العشاء، مرت السيدة جيل بمراحل عديدة في حياة بايدن، إذ اختارت طريق الأكاديمية عبر التدريس في إحدى جامعات فرجينيا، كما انخرطت في العمل السياسي رفقة زوجها الذي خاض معارك طويلة داخل الحزب الديمقراطي، حتى الوصول إلى البيت الأبيض، مما جعل العديد يصفونها "بالسلاح السري لبايدن".

البروفيسورة الأولى

يبدو أن السيدة جيل بايدن لن تكون سيدة أولى كلاسيكية، إذ إنها لا تريد التخلي عن وظيفتها كمحاضرة في الجامعة، متعلقة جداً بوظيفتها حيث تقول ميشيل أوباما أنها لم تر قط جيل دون مجموعة من النسخ لتصحيحها.

عندما جرى تعيين زوجها نائباً للرئيس باراك أوباما سنة 2008، واصلت جيل التدريس أربع مرات في الأسبوع في إحدى جامعات فرجينيا، وكانت تجيب دائماً على أسئلة الطلاب على علاقتها ببايدن بأنها "صديقة مقربة منه"، وللتحفظ، طلبت من عملاء الخدمة السرية الذين يحمونها عدم الدخول معها إلى الفصل.

جيل بايدن قالت بالفعل إنها ستبقى أستاذة حتى بعد دخولها البيت الأبيض، وبذلك ستصبح السيدة الأولى لأول مرة التي تعمل في المجتمع الأكاديمي.

خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي في الصيف الماضي، اختارت جيل خطابها بصفتها السيدة الأولى في المستقبل، من فصلها الصغير في كلية ديلاوير في دلالة على عدم التخلي عن مهنتها.

حليف متين

اختارت جيل الدخول في عدة معارك إلى جانب زوجها، عبر دعمه ومساندته، كانت قد أنشأت سنة 1993 "مبادرة بايدن لسرطان الثدي" لتثقيف الشابات ذوات الدخل المنخفض بشأن الوقاية من أمراض الثدي، كانت المبادرة بسبب إصابة أربع من صديقاتها بسرطان الثدي في نفس العام.

وساهمت من خلال منظمتها الصغيرة "Book Buddies" في مساعدة العديد من العائلات الفقيرة، إذ تجمع الكتب وتوزعها على أولئك الذين لا يقدرون على شرائها بسبب ظروفهم، مما جعل اسمها مرتبطاً بالمبادرات الاجتماعية.

لم تكتف جيل بذلك، إذ إنها اتخذت مواقف سياسية مع زوجها كذلك، ففي عام 2001، وصلت إلى تجمع حاشد للحزب الديمقراطي بقميص أسود مكتوب عليه كلمة "لا" في موقف علني أمام منخرطيه أنها لا تريد بايدن أن يترشح للبيت الأبيض.

وبعد إعادة انتخاب جورج بوش في عام 2004، ارتدت الزي الأسود بالكامل لعدة أسابيع، قالت وقتها إنها "في حداد" تخليداً لذكرى الجنود الذين قتلوا في حرب العراق.

إلا أنها اكتشفت في عام 2007 من الإقبال على الاجتماعات داخل الحزب الديمقراطي بأن الولايات المتحدة متجهة نحو الديمقراطيين، وأن باراك أوباما في طريق مُعبّدة نحو البيت الأبيض، فنصحت زوجها بالانضمام إليه قائلة "أوباما قادر على الوصول" لتصبح بعدها السيدة الثانية في أمريكا.

جو بايدن وزوجته رفقة الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل (Reuters)

المنخرطة في السياسة

خلال الحملة الانتخابية عام 2008، كانت ميشيل أوباما ضحية لهجمات عنصرية، لكنها دائماً تتذكر ما فعلته جيل آنذاك، عندما حشدت الكثير من المنظمات ضد هذه الهجمة.

بعد ذلك، نجحت جيل في إقناع ميشيل بالسير معها في الحملة الانتخابية لتعزية أمهات وزوجات الجنود المفقودين منذ 2002 في الحروب بين العراق وأفغانستان، ليصبح لهما لقاء بأولئك الذين لديهم فرد من العائلة في الخدمة العسكرية، الأمر الذي عاد على الحزب الديمقراطي آنذاك بأصوات العسكريين وعائلاتهم.

لكن بالنسبة لجيل هذه القضية ليست مجرد مكسب انتخابي فقط، فهي مرتبطة بها جداً بسبب "بو بايدن" أحد أبناء جو من زوجته الأولى الذي ربته، والذي قاتل في العراق.

وتحت عنوان "لا تنسي: بارك الله قواتنا"، أهدت جيل كتاباً لابنة "بو" الذي توفي عام 2015، عن عمر يناهز 46 عاماً بسبب ورم في المخ، لتلتحق عائلة بايدن بالعائلات التي فقدت أبناءها بسبب الحروب.

ظِل بايدن

في تجمع حاشد في لوس أنجلوس، وخلال حشد انتخابي ضخم، اندفع أحد المتظاهرين إلى المنصة لمقاطعة جو بايدن، ليجد أمامه جيل كحامية لزوجها، شرحت موقفها وقتها لـ ABC News بأن "عليها دائماً أن تحمي أحباءها"، إذ وصفتها القناة بأنها ظِل بايدن الذي لا غنى عنه، ممرضته ومستشاره.

في واشنطن، تقارنها التقارير الإعلامية بالفعل بنانسي ريغان، "معالجة الرئيس"، خاصة مع رئيس مسن 78 سنة، أدارت نانسي بابتساماتها المكتب البيضاوي بقبضة من حديد، وهو ما ظهر مع جيل إبان الحملة الانتخابية حيث كانت مديرة حملته الفعلية التي تدير جدولها الزمني وطريقة ظهوره، خوفاً من كورونا.

جو بايدن رفقة زوجته جيل إثر إعلان فوزه بالانتخابات (Reuters)

تأكيداً لذلك، قال رون كلاين، كبير موظفي البيت الأبيض المستقبلي في جو بايدن، لصحيفة واشنطن بوست أن "جيل ستكون عنصراً أساسياً في الإدارة القادمة ومستشار الرئيس الأكثر أهمية، وهي أكثر العناصر نيلاً لثقته".

في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 ، وفي أول خطاب له إلى الأمة بعد انتصاره، شكر الرئيس المنتخب حديثاً جو بايدن زوجته مرة أخرى على "عملها الدؤوب إلى جانبه"، وقال بعينيه في الكاميرات: "أنا زوج جيل: الأم وأم العسكريين والمعلمة ".

TRT عربي
الأكثر تداولاً