الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارته للنموذح الأولي للجدار العازل بين الولايات المتحدة والمكسيك  (Reuters)
تابعنا

يتواصل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأميركية على أثر فشل مجلس الشيوخ في تمرير ميزانية خاصة لبناء جدار حدودي مع المكسيك ضمن مشروع قانون الموازنة العامة.

ولوّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مجدداً باللجوء إلى قانون الطوارئ لبناء الجدار، مستبعداً تخفيض ميزانية الجدار التي حددها بما يقدر بخمسة مليارات دولار، وهي نقطة الخلاف بينه وبين مجلس الشيوخ.

تأتي هذه الأزمة بين البيت الأبيض والكونغرس ضمن مسلسل الصراعات الداخلية المتواصل منذ تسلم ترمب الرئاسة، إلا أن هذه الأزمة لها انعكاسات كبيرة على المواطن الأميركي إذ تأثر نحو 800 ألف موظف حكومي بالإغلاق الجزئي، وُجّه بعضهم للبقاء في المنزل دون أجر، أو العمل دون مقابل خلال فترة الإغلاق.

ما المهم: منذ أكثر من أسبوعين يستمر الإغلاق الحكومي بصفة جزئية في الولايات المتحدة، الذي يقتصر على المؤسسات الحكومية غير الضرورية، وهو ما يعني أن العاملين في تلك المؤسسات سيتوقفون عن أداء مهامّهم إلى حين توصل الكونغرس إلى خطة تمويل. ولا يعني ذلك توقف عمل المؤسسات الفيدرالية كافة التي تمولها الحكومة الأمريكية، فالمؤسسات الضرورية مثل وزارة الدفاع ستبقى تعمل بصفة طبيعية.

ويحدث الإغلاق بسبب عدم النجاح في التوصل إلى إقرار ميزانية بحلول بداية السنة المالية الاتحادية في1 أكتوبر/تشرين الأول، إذ يغلق عديد من الوكالات الفيدرالية فعلياً وتتوقف عن العمل.وشهدت الفترة السابقة مفاوضات عدة من أجل التوصل إلى حل يعيد العمل إلى القطاعات الحكومية، إلا أنها باءت بالفشل حتى الآن، بسبب إصرار الرئيس الأميركي على عدم تخفيض ميزانية بناء جدار على الحدود مع المكسيك تقدر بـخمسة مليارات دولار.

المشهد: تعثرت المحادثات الرامية إلى إنهاء أزمة الإغلاق الحكومي المؤقت في الولايات المتحدة في ظل تزايد الهوة بين الرئيس دونالد ترمب والديمقراطيين بشأن تمويل الجدار الفاصل.

وكان ترمب أعلن في وقت سابق عدم إحراز تقدم خلال اللقاء الذي عقده نائبه مايك بنس مع ممثلين عن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر.

وقبلها بيوم التقى ترمب وفدًا من الحزب الديمقراطي، ولم يسفر الاجتماع عن أي تقدُّم، ويؤكد ترامب أن إقامة جدار فاصل غير قابل للاختراق مسألة أمن قومي، في حين يعتبر الديمقراطيون الجدار غير أخلاقي.

لاحقاً هدّد الرئيس الأميركي باللجوء إلى قانون حالة الطوارئ الوطنية لبناء الجدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك البالغ طولها 3200 كيلومتر تقريباً، كما لوّح باستمرار الإغلاق الحكومي لسنوات عدة رغم تأكيده أنه يفضّل حل الأزمة عن طريق التفاوض.

وحسب القانون، فإنه في حال إعلان حالة الطوارئ يستطيع ترمب أخذ جزء من ميزانية وزارة الدفاع لتغطية مصاريف بناء الجدار.

ردود الأفعال: يحاول مجلس النواب الأميركي بأغلبيته الديمقراطية الجديدة أن يضع إطاراً قانونياً من أجل منع ترمب من فرضه الجدار، ووقف الإغلاق الحكومي.

وأقر المجلس نصّين تشريعيين يرميان إلى إنهاء الإغلاق الجزئي لإدارات الحكومة الفيدرالية، وذلك عبر إقرار تمويل مؤقّت للإدارات الفيدرالية المغلقة مع إعطاء مهلة لإجراء مفاوضات للتوصُّل إلى اتفاق بين البيت الأبيض والمعارضة الديمقراطية بشأن السبيل الأمثل للتصدّي للهجرة غير الشرعية.

لكنّ البيت الأبيض يعارض بشدّة هذين الإجراءين، لأنهما لا يراعيان تمويلاً بقيمة خمسة مليارات دولار لبناء الجدار الحدودي الذي يريده ترمب ويرفضه الديمقراطيون.

وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ إنّه لن يحدّد موعداً للتصويت على هذين النصّين إلاّ إذا حصل من ترمب على الضوء الأخضر بذلك، لأنّهما في نهاية المطاف لن يريا النور إذا لم يوقّع عليهما الرئيس.

في المقابل يقول الديمقراطيون إنّهم يؤيّدون تعزيز بعض الإجراءات الأمنية لمراقبة الحدود وضبطها، لكنهم يرفضون بشدة بناء جدار يعتبرونه "غير فعّال" و"باهظ الكلفة".

ما التالي: قالت الأكاديمية والباحثة في الشؤون الأميركية عبير كايد،إن ترمب يأخذ من قضية الجدار حجة لتعطيل الحكومة، مشيرة إلى أنه يسعى لوقف العودة إلى ملف تحقيقات مولر وملفات الفساد المتعلقة بشركاته.

وأكدت كايد لـTRTعربي، أن ترمب يستمر في تعطيل القانون بالقانون مشددة على أن الإغلاق الحكومي هو خدمة لأصدقائه من المستثمرين ورجال الأعمال داخل الدولة العميقة.

واعتبرت كايد أن لدى الديمقراطيين رغبة في منع بناء الجدار باعتباره "فعلاً غير أخلاقي"، لافتة إلى أن رئيسة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب لن تتراجع عن كلماتها.

ترمب يأخذ من قضية الجدار حجة لتعطيل الحكومة في إطار سعيه لوقف العودة إلى ملف تحقيقات مولر وملفات الفساد المتعلقة بشركاته

عبير كايد - أكاديمية وباحثة في الشؤون الأميركية

وعن إمكانية استعمال قانون الطوارئ، أشارت كايد إلى أن القانون لا يمكن التصويت عليه لأنه لا يستوفي الشروط، منوهة بأن ترمب يعيش أجواء متوترة مع وزارة الدفاع بسبب تقليص ميزانيتها.

ولفتت إلى أن الديون المتراكمة على الولايات المتحدة تمنع ترمب من تمرير القانون، معتبرة أن الرئيس الأميركي يحاول دائماً خلق المشكلات للهروب إلى الأمام.

ورجحت كايد أنه لا يمكن أن يحدث بين الطرفين توافق في الفترة القادمة، مشدّدة على أن الجدار لن يُبنَى كما يريد ترمب.

بين السطور: يُعتبر هذا الإغلاق الجزئي هو الثالث من نوعه خلال عام 2018، إذ أُغلقت الحكومة من 20 إلى 22 يناير 2018، وفي يوم 9 فبراير 2018، وكذلك يوم 22 ديسمبر 2018، وهي أول مرة تغلق فيها الحكومة ثلاث مرات في العام ذاته منذ 40 عاماً، بالتحديد منذ عام 1977.

TRT عربي
الأكثر تداولاً