آلاف السودانيين يواصلون اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم منذ 6 أبريل/نيسان الماضي (Reuters)
تابعنا

يدخل السودان مرحلة جديدة من التوتر بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات المستمرة منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في ظل تعنت العسكريين ورفضهم القبول بعدم إدارة الفترة الانتقالية، ولجوء المحتجين إلى التصعيد حتى تُنفّذ مطالبهم.

ممثلو الاحتجاجات يٌصعدون

ارتفعت حدة التوتر في محيط مقر الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش السوداني، الأحد، إذ أغلق المعتصمون شارع النيل، أحد الشوارع الرئيسة وسط الخرطوم.

وأفاد شهود عيان لوكالة الأناضول بأن إغلاق شارع النيل، جاء لمزيد من الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة للمدنيين.

ووجّه تجمع المهنيين السودانيين، وهو كيان يقود الاحتجاجات منذ اندلاعها نهاية العام الماضي وينخرط مع قوى معارضة أخرى في تحالف معروف بقوى إعلان الحرية والتغيير، نداءً عاجلاً إلى المعارضين السودانيين بضرورة التوجه إلى مقر الاعتصام ومساندة المعتصمين، في إشارة إلى احتمال محاولة أجهزة أمنية وعسكرية "فض الاعتصام اليوم".

نداء : تحاول الأجهزة الأمنية والعسكرية الضغط على الثوار وقرارهم بمواصلة الاعتصام السلمي، ولا نستبعد أن تكون هنالك...

Posted by ‎تجمع المهنيين السودانيين‎ on Sunday, 12 May 2019

لم يكتف تجمع المهنيين بتوجيه نداءات عامة لتكثيف الضغط، بل نشر الكيان المعارض على صفحته الرسمية على فيسبوك جدولاً لفاعليات تصعيدية لمدة أسبوع كامل، وتتضمن مواكب ومسيرات وصولاً إلى اللجوء إلى خيار العصيان المدني، مع التشديد على الحفاظ على سلمية الاحتجاجات، والبعد عن مختلف الأساليب العنيفة.

جدول التصعيد الثوري مواصلة لخطة تصعيد العمل الثوري الذي تمليه علينا الجماهير الباسلة وتشرع له إرادة الشعب السوداني...

Posted by ‎تجمع المهنيين السودانيين‎ on Sunday, 12 May 2019

نقاط الخلاف الأساسية

يتمثل الخلاف الأساسي بين المجلس العسكري الانتقالي وممثلي المحتجين السودانيين في نقطتين، هما مدة الفترة الانتقالية وطبيعة تشكيل المجلس السيادي المنوط به إدارة تلك الفترة.

من جهتها، تُصرّ قوى إعلان الحرية والتغيير على أن تمتد الفترة الانتقالية لأربعة أعوام، يدير البلاد خلالها مجلس سيادي يكون رئيسه وغالبية أعضائه من المدنيين، ويعاونه في إدارة المرحلة مجلس وزاري تنفيذي مُشكّل من كفاءات متوافق عليها، ومجلس تشريعي منتخب يمارس دوره الرقابي على المجلسين المذكورين.

في المقابل، يريد الجيش أن لا تستمر الفترة الانتقالية أكثر من عامين، مع الإصرار على أن يكون رئيس المجلس السيادي المخول إليه قيادة المرحلة وأغلبيته من العسكريين.

نقاط الخلاف تلك انعكست على تعثّر المباحثات بين المجلس العسكري والمحتجين عدة مرات، كان آخرها رفض "إعلان الحرية والتغيير"، السبت، استئناف المفاوضات واتهام العسكريين بالمراوغة من أجل إجهاض الاحتجاجات.

وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير، في بيان اطلعت عليه وكالة الأناضول "تلقينا اتصالاً من المجلس العسكري لاستئناف التفاوض، وقد أبلغناهم بأن المنهج القديم لا يتسق مع مطالب الشعب السوداني في الخلاص والوصول بالثورة إلى مراميها بالسرعة المطلوبة".

ورجعت القوى هذا الرد إلى ضرورة البدء بعهد جديد يقتضي عدم التأخير في تهيئة مناخ الاستقرار، لأن طول الأزمة السياسية ينعكس على الشعب في صورة أزمات اقتصادية طاحنة وتذبذب في الخدمات الضرورية.

وأكدت أن ردها على مذكرة المجلس "سيرسل مكتوباً، بعد تحديد نقاط الخلاف مع المجلس العسكري، وأن النقاش حولها سيتم بصورة حاسمة".

وكشف القيادي في إعلان الحرية والتغيير إبراهيم الأمين، لـTRT عربي، أن التحالف سيردّ على وثيقة المجلس العسكري المتعلقة بالفترة الانتقالية في وقت لاحق من الأحد.

وتوقع الأمين أن يستأنف الجانبان مفاوضات نقل السلطة، الإثنين، بعد أن وصلت إلى طريق مسدود، إلا أنه جدد تمسك المحتجين بمطالبهم.

مناشدة أممية

دعا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، الخميس، جميع الأطراف في السودان إلى العمل المشترك من أجل ضمان انتقال سلمي للسلطة وتحقيق تطلعات الشعب في الديمقراطية والحكم الرشيد والتنمية.

وأشار حق خلال مؤتمر صحفي عقده في المقر الدائم للمنظمة الدولية بمدينة نيويورك، إلى أن مستشار الأمين العام نيكولاس هايسوم، عقد الأربعاء اجتماعاً مع المجلس العسكري الانتقالي في الخرطوم.

وأضاف أن هايسوم منخرط أيضاً في مناقشات مع قوى إعلان الحرية والتغيير، من أجل "تيسير عملية انتقالية بقيادة مدنية".

واندلعت الاحتجاجات السودانية في 19 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي تنديداً بارتفاع الأسعار وشح السلع والوقود، إلا أنها سرعان ما اتخذت طابعاً سياسياً مطالبة برحيل عمر البشير وإسقاط نظامه.

وعلى الرغم من إعلان الجيش عزل البشير، في 11 أبريل/نيسان الماضي، فإن جذوة الاحتجاجات لم تنطفئ بإصرار المحتجين على تسليم السلطة بالكامل للمدنيين وسط تخوفات من سيناريوهات حدثت في دول عربية أخرى استطاعت فيها النخب العسكرية الاستئثار بالسلطة.

الاحتجاجات السودانية اندلعت في 19 ديمسمبر/كانون الأول الماضي ولم تهدأ حتى بعد عزل البشير (AFP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً