تحاول الأطراف الفلسطينية إنهاء الانقسام المستمر منذ سنوات بعد المبادرة التي قدمتها حركة حماس للرئاسة الفلسطينية (AA)
تابعنا

مع بداية العام الجديد استُؤنِفَ الحديث عن المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بعد تعثرها المستمر منذ سنوات، وفشل المحادثات الأخيرة في الاجتماعات التي جرت السنة الماضية في مصر وتركيا، إثر عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وبادرت حركة حماس بتجديد المحادثات متخلية عن شرطها الخاص بإجراء الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية و"المجلس الوطني"، بشكل متزامن، ووافقت على عقدها بالتتابع، بعد أن تلقت"ضمانات عربية ودولية"، بحسب ما كشفت عنه ثلاثة مصادر قيادية في الحركة لوكالة الأناضول.

وبينما وافقت حماس على طلب حركة فتح بإجراء الانتخابات "وفقاً للقائمة الموحدة، وبالتمثيل النسبي الكامل باعتبار الوطن دائرة انتخابية واحدة"، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في وقت سابق ترحيبه بمضمون رسالة تسلمها من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، حول"إنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات"، لتبدو المبادرة هذه المرة جدية، خاصة أنها نابعة من الداخل الفلسطيني وليست بوساطة خارجية.

لكن عدة عوامل إقليمية ومحلية وإسرائيلية ربما تكون قادرة على رسم ملامح المباحثات القادمة، أو تلقي ظلالها عليها بطريقة أو بأخرى.

ارتياح فلسطيني للمبادرة

يقول مراسل TRT عربي في رام الله: إن"هناك ارتياحاً كبيراً لدى الأوساط السياسية خاصة السلطة والفصائل المختلفة تجاه هذه الخطوة"، مشيراً إلى أن السلطة أعلنت أنها تلقت موافقة خطيّة من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يؤكد من خلالها تخلي الحركة عن شروطها الخاصة بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بالتزامن.

ويضيف: "حماس وافقت على أن تُجرى الانتخابات بالتتابع خلال ستّة أشهر، ويبدو أن ثمّة ضمانات دولية أشرفت على المصالحة ما أدى لحدوث مثل هذا الاختراق المفاجئ".

ويشير إلى وجود دعوات لتكرار اجتماعات الأمناء العامين للفصائل من أجل التوافق على طريقة تنفيذ الانتخابات، "بينما تتجه الأنظار إلى إمكانية صدور مرسوم رئاسي قريب يحدد آلية الانتخابات وموعدها، خاصة بعد تصريح الرئيس محمود عبّاس عن نيّته عقد اجتماع مع رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنّا ناصر لبحث الإجراءات الفنية".

ضمانات لحركة حماس

وتتمثل الضمانات التي تلقتها الحركة في"الالتزام بإجراء الانتخابات بشكل متتابع خلال ستة شهور، والمراقبة والإشراف على الانتخابات وضمان النزاهة والعدالة"، متخلية بذلك عن شروطها السابقة بإجراء جولات الانتخابات الثلاث بشكل متزامن، وتتوافق مع شروط حركة فتح التي طالبت بإجراء الانتخابات "التشريعية" أولاً، تليها "الرئاسية"، ثم "المجلس الوطني"، حسب ما قاله وصفي قبها القيادي في حماس بالضفة الغربية لوكالة الأناضول.

وأفاد مصدر آخر من حركة حماس لوكالة الأناضول، أن خمس دول هي مصر والأردن وتركيا وقطر وروسيا، ضمنت عقد الانتخابات الفلسطينية بالتتابع، وأضاف: "بناء على ضمانات تلك الدول تراجعت الحركة عن موقفها، ورمت الكرة في ملعب حركة فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس".

وبحسب المصدر ذاته، تواصل الرئيس الفلسطيني عباس مع تلك الدول وطلب تدخلها في إنجاح المصالحة الوطنية، والتي قامت بدورها بالتواصل مع قيادة الحركة وقدمت الضمانات.

متغيرات تؤثر على قرار المصالحة

ساهمت عدة متغيرات محلية ودولية في تبلور المبادرة الأخيرة من حركة حماس، ومنها التوجه في إسرائيل نحو إجراء انتخابات رابعة في مارس/آذار القادم، وكذلك الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الديمقراطي جو بايدن.

يقول أيمن يوسف أستاذ العلوم السياسية وحل النزاعات في الجامعة العربية الأمريكية في فلسطين: إنّ"ثمّة مجموعة من المتغيرات، منها ما هو محلي وآخر إقليمي ودولي، ساهمت في الاختراق الخاص بملف المصالحة الفلسطينية والانتخابات، ربما قرأت حماس المعادلة بصورة أشمل وأعم في الفترة الراهنة".

ويضيف في حديث لـTRTعربي: "يبدو أن هناك متغيرات إقليمية تساهم في هذا الموضوع، تغيرات ربما لدى تركيا وقطر ومصر فيما يتعلق بملف المصالحة والإرادة لتنفيذه، وتغيرات على صعيد دولي بعد هزيمة دونالد ترمب وفوز جو بايدن".

ويرى يوسف أن الحراك الذي تكوّن داخل حركة حماس يأتي في ظل التغيرات على صعيد دولي وإقليمي، وتغيرات في إسرائيل بما يتعلق بالانتخابات على سبيل المثال والتي ستجرى من جديد في مارس/آذار القادم، "ربما هناك خشية من شنّ إسرائيل حرباً على غزة في هذه الأثناء لجعل دماء الفلسطينيين مادة للمنافسة الانتخابية بين اليمين واليمين المتشدد، بالتالي فإن الذهاب إلى المصالحة والانتخابات والبدء في تجديد مؤسسات منظمة التحرير من شأنه أن يجنب غزة مثل هذا التصعيد".

ويشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن موضوع التنسيق الأمني الذي عاد مؤخراً بشكل رسمي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، "قد لا يكون عقبة كبيرة خاصة ما يتعلق بالتنسيق من أجل علاج الفلسطينيين والأغراض الإنسانية، حماس تدرك أن كل المساعدات التي تصل إلى غزة تأتي عبر التنسيق والمعابر الإسرائيلية، وأن ذلك لا يجب أن يؤثر على مستقبل المصالحة، ولكن يبقى التنسيق الأمني الذي قد يخضع للنقاش بين الحركتين".

ويلفت إلى أن التقديرات تشير إلى أن الأصوات بدأت تتعالى داخل الحركتين، فتح وحماس، من أجل تجديد المنظومة السياسية الفلسطينية.

ويقول يوسف: إن"الجديد والمهم أن الانتخابات هذه المرة جاءت من سياق فلسطيني خالص وداخلي ولم يتم الإعلان عنها من القاهرة أو موسكو أو من الخارج، بل عبر رسالة وجهتها حركة حماس، بالتالي هذا يشير إلى وجود قناعات داخل حماس وفتح والأوساط الشعبية أنه لا بديل عن الانتخابات في هذه المرحلة، وأن المنظومة السياسية التي أسست عام 2006 يحب أن يتم تجديدها".

وفي16و17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقدت حركتا "حماس" و"فتح"في القاهرة لقاءات لبحث جهود تحقيق المصالحة الداخلية وإنهاء الانقسام.

وسبق ذلك عقْدُ الحركتين في سبتمبر/أيلول الماضي، لقاءً بمدينة إسطنبول التركية، اتفقتا خلاله على"رؤية، ستُقدم لحوار وطني شامل، بمشاركة القوى والفصائل الفلسطينية".

لكن الجهود تعرقلت بعد ذلك، وتبادلت الحركتان الاتهامات، حول الجهة المتسببة في تعطيل جهود المصالحة. وقالت حركة"فتح"، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن حوارات المصالحة الفلسطينية،"لم تنجح"بسبب خلافات مع"حماس"حول مواعيد إجراء الانتخابات.

وأُجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع عام 2006، وأسفرت عن فوز حركة حماس بالأغلبية، فيما كان قد سبق ذلك بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها محمود عباس.


TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً