اجتماع تركي جزائري وتحرك دبلوماسي لإنهاء الأزمة الليبية (AP)
تابعنا

تشهد الجزائر حراكاً سياسياً ودبلوماسياً لإنهاء الأزمة الليبية، ترافقها في ذلك تركيا التي بدأت منذ زمن محاولاتها الرامية إلى إرساء الاستقرار في ليبيا، وتبرز ملامح الحراك مع اجتماع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ووزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو في العاصمة الجزائرية.

وقالت مراسلةTRT عربي في الجزائر إن الاجتماع تناول عدة ملفات أبرزها الملف الليبي حسب مصدر خاص لـTRT عربي، مشيرة إلى أن الاجتماع عُقد بعيداً عن وسائل الإعلام.

وقال جاوش أوغلو في تغريدة عقب لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في العاصمة الجزائر، إن بلاده ستزيد التعاون مع الجزائر "إلى مستوى المجلس الاستراتيجي، وسنتعاون على أساس مصالحنا المشتركة في القضايا الإقليمية، خاصة في الأزمة الليبية".

والثلاثاء قالت رئاسة الجمهورية الجزائرية إن الرئيس عبد المجيد تبون دعا نظيره التركي رجب طيب أردوغان إلى زيارة الجزائر، وإن أنقرة وافقت على الدعوة، في مؤشر جديد على تنامي التنسيق التركي-الجزائري ونجاح تحرُّك أنقرة في الضغط على الأطراف المنظمة لمؤتمر برلين لدعوة الجزائر إلى المؤتمر المخصَّص حول مستقبل الحلّ السياسي في ليبيا.

وبعد أداء الرئيس عبد المجيد تبون اليمين الدستورية ووصوله إلى الرئاسة، تحدثت الجزائر عن أهمية الملف الليبي بالنسبة إليها ومبادرات ممكن أن تطرحها في المرحلة المقبلة من أجل إنهاء الصراع في ليبيا، وهو ما يحدث الآن من خلال تعاونها مع تركيا في بحث هذا الملفّ، الأمر الذي يُنذر بتشكُّل محور داعم لحكومة الوفاق الشرعية مقابل المحور الداعم لمليشيات خليفة حفتر.

وأصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً أدانت فيه بشدة قصف مليشيات حفتر للأكاديمية العسكرية، وقالت إنها ترفض كل أنواع العنف، داعية جميع الأطراف إلى التهدئة ووضع السلاح ووقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية.

من جانبه قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الثلاثاء، إن أولوية بلاده في ليبيا هي وقف الاشتباكات في أسرع وقت ممكن وتحقيق وقف إطلاق النار. وأعرب عن استنكاره عدم إدانة المجتمع الدولي لهجمات حفتر، وعدم محاسبته على جرائمه، مؤكّداً أن بلاده تبذل جهودها لوقف إطلاق النار في ليبيا.

أهمية الدور الجزائري

يرى الإعلامي والباحث السياسي الجزائري توفيق قويدر شيش في حديثه لـTRT عربي، أن الاجتماع الأخير التركي الليبي في الجزائر، يدلّ على عمق المشكلات الإقليمية التي تحيط بالمنطقة باعتبار أن الملف الليبي هو الحاضر الأكبر والجزائر هي دولة جارة ومحورية تريد من خلال المشاورات الثنائية مع الليبيين والأتراك إيجاد مخرج سلس للأزمة الليبية وتطبيق المواثيق الدولية، وهي تراهن في لعب دورها الأساسي على تقريب وجهات النظر بين الأشقاء في ليبيا ومحاولة إيجاد حل سياسي وإبعادها عن الصراعات الحربية والدموية.

ويشير الباحث السياسي إلى أن "ليبيا دولة جارة لديها قواسم مشتركة مع ليبيا في ما يخص الثروة المائية والنفطية، وتعوِّل على الحل الأساسي السلمي واحترام الشرعية الدولية المبنية على اتفاق الصخيرات، بدلاً من الحلّ العسكري، وهي تفضِّل أن تحكم الوفاق ليبيا على قيادة حفتر.

محور داعم للوفاق

ويتحدث قويدر شيش عن إمكانية تشكُّل محور داعم لحكومة الوفاق الشرعية في مواجهة المحور الداعم لخليفة حفتر، بخاصة مع تلك الزيارات المكوكية وصفقة تزويد الجيش التونسي بالدبابات الرباعية متعددة المهامّ من شركة تركية، وهذا ما يمكن اعتباره صراع أجنحة، بخاصة أن الجزائر أخذت موقفها تجاه الملف الليبي.

الناطق باسم وزارة الخارجية الليبية محمد القبلاوي يوافق قويدر شيش الرأي، ويقول إن "كل الأمور تتجه باتجاه ولادة تحالف تركي-جزائري-ليبي لحماية المدن الليبية من عدوان مليشيات حفتر"، مشيراً إلى وجود "خطوات متقدمة ومتطورة في الموقف التركي الداعم لحكومة الوفاق، كان آخرها إرسال قوات تركية إلى ليبيا".

ويضيف: "التنسيق التركي-الليبي على أعلى مستوى، وحكومة الوفاق تعوِّل على الجزائر في دعم الاستقرار في ليبيا"، منوها بأن "الزيارة الأخيرة التي حصلت في الجزائر تأتي في توقيت مهم للأزمة الليبية، بخاصة أنهم بحثوا إشراك الجزائر في أي تسوية وجهود دولية بشأن الملفّ، وهو ما حدث رسميّاً بعد اتصال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حين دعت الرئيس الجزائري إلى مؤتمر برلين".

ويتابع: "الجزائر مهمَّة في دعم الاستقرار بليبيا، بخاصة أنها لم تكُن طرفا في الصراع الليبي يوماً، والتصريح الذي صدر عن الرئيس الجزائري بأن طرابلس خط أحمر، راجياً من الجميع عدم تجاوزها، هو رسالة واضحة لكل من يتدخل في الشأن الليبي بشكل سلبي، والعلاقات الجزائرية الأوروبية وطيدة، وهذا يمكّن حكومة الوفاق من وضع رؤيتها والضغط داخل مؤتمر برلين لإيصال صوتها وإعداد خارطة طريق حقيقية وحل جذري، وهي بحاجة إلى كل من يدعمها.

ويوضح القبلاوي المطالب الليبية من الجزائر قائلاً: "هي دعم حكومة الوفاق والضغط على دول الجوار مثل مصر التي تدعم مليشيات حفتر لوقف العدوان على طرابلس، وللجزائر أوراق وأدوات تستطيع أن تضغط بها".

وعن إمكانية أن تشهد قوة الوفاق الليبية تطوراً وتنتقل من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، قال: "طالب رئيس المجلس الرئاسي ووزير الداخلية بتسليح القوات نوعياً لكي يسهل ذلك، بخاصة أنها تقاتل بأسلحة قديمة بعكس مليشيات حفتر".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً