حشد من المواطنين والمسؤولين أثناء تشييع جثمان الرضيع محمد هاني عمر (TRT Arabi)
تابعنا

يواري اللاجئ السوري هاني عمر جثمان ابنه الرضيع محمد الثرى، ويلقي عليه النظرة الأخيرة مودعاً طفلاً، بالأمس كان يحلم أن يعود وإياه إلى سوريا من جديد، بعد أن تتطهر المناطق المحاذية للحدود التركية من عناصر تنظيم PKK/PYD الإرهابي.

خرج هاني من سوريا قبل سنوات فارّاً من انتهاكات النظام تارة وجرائم التنظيمات الإرهابية تارة أخرى، وآل به المآل إلى قضاء أقجة قلعة المحاذي لبلدة تل أبيض السورية، سنوات قضاها يحلم بالعودة إلى دياره بعد أن يحل بها السلام، بيد أن شظايا الحرب لحقت به إلى حيث أوى، فقتلت ابنه الرضيع الذي قضى بقذيفة أطلقها عناصر التنظيم الإرهابي على حي سكني في القضاء.

وكان الرضيع ومواطن تركي آخر يدعى جيهان كونش لقيا حتفهما مساء الخميس، خلال القصف العشوائي والمتواصل لعناصر تنظيم PKK/PYD الإرهابي على قضاء أقجة قلعة، إذ أصابت قذائف الهاون عدداً من المباني السكنية المدنية، ومدرسة، وخلفت عدداً من الجرحى إلى جانب القتيلين.

"لجأنا إلى تركيا قبل 6 سنوات هرباً من الحرب المستعرة في سوريا، ولكن الحرب أصرت على ملاحقتنا، وقتلنا، وتشريدنا، واليوم سرقت مني فلذة كبدي الذي لم يجاوز عمره 9 أشهر"، يقول هاني عمر لـTRT عربي.

ويضيف الوالد المكلوم "بالأمس فقدت طفلاً رضيعاً، كنت أحلم بأن يعيش يوماً في بلده وقد عمّ السلام في ربوعها، لكن التنظيم الإرهابي سرق هذه الأحلام وقتلها إلى الأبد". مشيراً إلى أن تنظيم PKK/PYD الإرهابي "عاث في سوريا فساداً، ولاحق وهجّر كل من عارضه وأحرق منازلهم وقراهم".

غير بعيد عن بوابة مقبرة أقجة قلعة، التي أحاط بها عناصر الأمن التركي من كل جانب، خلال مراسم تشييع الطفل الرضيع بحضور عدد من المسؤولين في القضاء، يقف المواطن التركي محمد غل تاكين، يشاطر أهل الفقيد حزنهم.

يقلب تاكين، وهو من سكان القضاء كفّاً على كف، ويمسح دمعه، ويقول بصوت يعتريه حزن شديد "ماذا كسبوا من قتل طفل رضيع لا يشكل خطراً على أحد؟، هل يقضي عناصر التنظيم الإرهابي ليلتهم سعداء بهذا الإنجاز؟".

ويضيف تاكين لـTRT عربي "نعيش في أقجة قلعة منذ زمن بعيد، عرباً وتركاً وأكراداً، كلنا إخوة، هذا التنظيم لا يعرف معنى الأخوة، الأكراد أهلنا وإخواننا نعيش معاً، ولكن عناصر التنظيم الإرهابي لا يشبهون الأكراد في شيء، بل إن الأكراد منه براء، هؤلاء مجرمون انفصاليون، لا همّ له سوى مصالحهم الخاصة".

يمد محمد غل تاكين يده مصافحاً والد الطفل القتيل ومعزياً إياه، ويضيف "نحن نؤيد عملية نبع السلام وبقوة، كي يعود الأمن والأمان إلى المنطقة، عناصر التنظيم الإرهابي لطالما شكلوا خطراً على المواطنين العزّل، نحن هنا الأتراك والعرب والأكراد جميعاً، وعلى قلب رجل واحد ندعم الجيش التركي ونتمنى أن تنتهي هذه المعركة قريباً وأن تتطهر المناطق الحدودية".

وفي المنطقة الحدودية المقابلة لتل أبيض السورية، يقف عضو مجلس العشائر السورية أبو فاروق يرقب تقدم الجيش الوطني السوري والجيش التركي داخل محور تل أبيض من بعيد، يبدو الرجل مهتماً للغاية بكل شبر أرض يتحرر جرّاء المعركة.

وسط تزاحم الناس الذي يصطفون في المنطقة الحدودية يراقبون مجريات العملية عن بعد، وبينما تتلبد السماء بالدخان الأسود الناتج عن إحراق عناصر التنظيم الإرهابي الإطارات والمواد البلاستيكية في مسعى لتشويش الرؤية على المقاتلات التركية، وفي الوقت الذي يسمع فيه أزيز الطائرات، وهدير ضربات المدفعية التركية بوضوح شديد يخرق عباب السماء، يخرج أبو فاروق عن صمته وهدوئه ليقول "لقد تسببوا (عناصر PKK/PYD) بمعاناة كبيرة لأبناء شعبنا، ومثلوا ببشاعة بأطفالنا ونسائنا، وأحرقوا الأرض والشجر".

ويقول لـTRT عربي "اليوم ودعنا رضيعاً قتله عناصر التنظيم خلال قصفهم العشوائي، الشعب السوري تهجَّر من بلده ووطنه ولجأ إلى تركيا، بيد أن ويلات القتل والدمار تلحق بنا إلى هنا، على يد الإرهابيين".

وأضاف أن "مجلس العشائر كان يدعو منذ زمن لإطلاق عملية عسكرية ضد التنظيم الإرهابي"، "نتأمل أن تطرد هذه العملية عناصر العصابات من منطقة شرق الفرات، كي يستطيع اللاجئون العودة إلى ديارهم".

وتسبب القصف العشوائي لعناصر التنظيم الإرهابي بقتل 9 مدنيين خلال يومين في عدد من القرى والمدن المحاذية للحدود التركية، بينما يشير الجيش التركي إلى أنه نجح في تحييد أكثر من 270 إرهابياً في قصف مدفعي وجوي.

وأشارت مصادر في الجيش الوطني السوري المعارض، إلى أن قوات الجيش نجحت في تحرير 12 قرية من أيدي عناصر التنظيم الإرهابي خلال اليومين الماضيين.

والأربعاء، أطلق الجيش التركي بالتعاون مع الجيش الوطني السوري، عملية "نبع السلام" في منطقة شرق نهر الفرات شمالي سوريا، لتطهيرها من إرهابيي PKK/PYD وداعش، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وتهدف العملية العسكرية إلى القضاء على الممر الإرهابي الذي تُبذل جهود لإنشائه على الحدود الجنوبية لتركيا، وإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

أبو فاروق: ندعم العملية الهادفة لإقامة منطقة آمنة (TRT Arabi)
هاني عمر يقول إن التنظيم الإرهابي سرق أحلامه  (TRT Arabi)
محمد علي تاكين (يسار) يقول لـTRT عربي إن العرب والأتراك والأكراد يعيشون مثل الإخوة في أقجة قلعة  (TRT Arabi)
TRT عربي
الأكثر تداولاً