غانتس حصل على فرصة تشكيل الحكومة الإسرائيلية (Reuters)
تابعنا

على الرغم من حصول كتلة اليمين التي يتزعمها بنيامين نتنياهو على 58 مقعداً في الانتخابات التي عقدت في الثاني من الشهر الجاري لثالث مرة في إسرائيل خلال سنة واحدة، وهو رقم لا يمكنه معه تشكيل حكومة بتأييد الأغلبية 61 مقعداً، فإن الحظ لم يحالفه هذه المرة أيضاً، وخرج رئيس تحالف أزرق-أبيض مرة أخرى لا لمنافسته كما كان جرى في الانتخابات السابقة بل ليحظى بفرصة تشكيل الحكومة هذه المرة.

وتشير المعطيات إلى بدء أفول نجم نتنياهو وسحب بساط تشكيل الحكومة من تحت قدميه، إذ أوصى حزب إسرائيل بيتنا بقيادة وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بإسناد مهمة تشكيل الحكومة المقبلة لغانتس، الذي يكون بذلك قد حصل على توصية 61 عضواً من أصل 120 هم أعضاء البرلمان.

وأصبح لدى غانتس 61 توصية، وهو ما دفع الرئيس لتكليفه لا نتنياهو مهمة تشكيل الحكومة، إذ حظي بتوصية حزبه أزرق-أبيض (33 مقعداً) والقائمة المشتركة (15 مقعداً) وتحالف غيشر-العمل-ميرتس باستثناء النائبة أورلي ليفي أبوكسيس (أي 6 مقاعد)، فضلاً عن حزب ليبرمان (7 مقاعد)، حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وعلى الرغم من الخلاف المتواصل بين ليبرمان والقائمة العربية المشتركة التي تعتبر اليوم القوة الثالثة في البرلمان مع 15 مقعداً، فإن غانتس ذهب قدماً في تشكيل الحكومة وحصل على توصيتهما، على الرغم من عدم وجود أي أرضية مشتركة بينهما تقريباً يمكنه على أساسها تشكيل حكومة.

كان من المهم المشاركة في إزالة حكم نتنياهو من أجل تقليل العنصرية وفتح مستقبل أفضل للمجتمع العربي.

عضو القائمة المشتركة - امطانس شحادة

ويرفض ليبرمان المعادي دوماً للعرب الجلوس معهم على طاولة واحدة ويفكر دائماً في إقصائهم، إذ قال خلال اجتماعه مع غانتس: "نؤيد بيني غانتس لسبب بسيط للغاية.. قلنا في الانتخابات السابقة إن أهم شيء هو منع إجراء انتخابات رابعة"، أما القائمة المشتركة فلا ترى أي اختلاف جوهري بين غانتس ونتنياهو، لكنها تعتبر مشروع الأخير يشكل خطراً على فئات الشعب الفلسطيني كافة، وتؤيد غانتس فقط للتخلص من حكم نتنياهو، وفق موقفها المعلن.

بدوره، أعلن منصور عباس النائب في البرلمان الإسرائيلي أن القائمة المشتركة لن تنضم إلى حكومة يشكّلها زعيم حزب أزرق-أبيض الوسطي بيني غانتس، ولكنها قد تدعمها "من الخارج"، بشروط.

وقال لوكالة الأناضول: "نحن لن ننضم إلى الحكومة ولكن هناك مطالب سياسية ومدنية لنا إذا ما استجيب لها فإننا سندعم الحكومة من الخارج من خلال الكنيست".

وأضاف: "نحن بانتظار أن يلبي غانتس مطالبنا التي رفعناها له خلال اللقاءات التي جرت في الأيام الماضية".

وحول الشق المدني، قال عباس: "مطالبنا المدنية معيشية وحياتية واقتصادية كمواطنين عرب، مثل محاربة العنف والجريمة واعتماد خطط اقتصادية ملائمة وإيجاد حلول لقضايا الأرض والمساكن ووقف الهدم والاعتراف بالقرى غير المعترف بها في النقب والمساواة بين المواطنين ووقف التمييز".

أما ما يتعلق بالشق السياسي، فقال إنه يتمثل بـ"دفع العملية السياسية مع القيادة الفلسطينية للوصول إلى تسوية سياسية عادلة لإقامة دولة فلسطينية، وألا تكون خطوات أحادية مثل تلك الواردة في الخطة الأمريكية المزعومة/صفقة القرن".

حالة طوارئ ومساعٍ لحكومة وحدة

وتسعى إسرائيل لتشكيل حكومة بشكل سريع لتجنب المضي إلى انتخابات رابعة بالإضافة إلى الحاجة الملحّة لمكافحة وباء كورونا المستجد بسرعة.

وأظهر حزب الليكود غضبه لحصول غانتس على التوصيات من أجل تشكيل الحكومة، قائلاً في بيان له: "في الوقت الذي يدير فيه نتنياهو أزمة عالمية ومحلية غير مسبوقة في مواجهة فيروس كورونا بمسؤولية كبيرة، يندفع غانتس لتشكيل حكومة أقلية تعتمد على حزب التجمع وهبة يزبك وداعمي الإرهاب، بدلاً من الانضمام إلى حالة طوارئ وطنية من شأنها إنقاذ العديد الأرواح".

وبين هذه التناقضات، لا يزال الرئيس الإسرائيلي يحاول حتى تشكيل حكومة وحدة في ظل أزمة فيروس كورونا، إذ اجتمع مع غانتس ونتنياهو في جلسة ثلاثية بعد انتهاء مشاورات التكليف، في محاولته الأخيرة للدفع نحو تشكيل حكومة وحدة واسعة تضم الليكود وأزرق-أبيض تنضم إليها تدريجياً جميع الكتل البرلمانية الراغبة.

وأعرب كل من الخصمين نتنياهو وغانتس في وقت سابق، عن دعمهما تشكيل حكومة وحدة لمواجهة الفيروس الجديد، ودعا الأول إلى تشكيل حكومة وحدة تستمر لستة أشهر برئاسته، لكن غانتس انتقد الطريقة التي قدم بها نتنياهو عرضه.

وتوجد خلافات جوهرية بين الجانبين حول الاتصالات بينهما وطبيعة الحكومة التي يمكن أن تتشكل. إذ يسعى الليكود إلى تشكيل حكومة طوارئ بأسرع وقت ممكن، تؤدي إلى تجميد الوضع السياسي الحالي وضم الأحزاب إلى أسس الحكومة الحالية، بينما يدّعي غانتس أنه اقترح على نتنياهو التباحث في إمكانية تشكيل حكومة طوارئ واسعة، لكنه لم يتلقَّ إجابة جدية حتى الآن، ويتطلع إلى التوصل إلى تفاهمات أكثر أهمية حول تشكيل حكومة وحدة ولو لفترة محدودة، وتشمل خطوطاً عريضة وتغييرات ملموسة في تركيبة الوزراء، حسب موقع "واللا" الإسرائيلي.

فساد نتنياهو يقصيه عن المشهد

وتضع هذه الحرب المستعرة بين الطرفين إسرائيل في مأزق كبير، إذ تستمر مساعي أزرق-أبيض إلى السيطرة على اللجنة المنظمة للكنيست، التي سيترأسها عضو كنيست من الكتلة التي ألقى رئيس الدولة على أحد نوابها مهمة تشكيل حكومة، ثم تعيين رئيس جديد للكنيست وتشكيل لجان برلمانية تضمن لها السيطرة على سير العملية التشريعية خلال فترة الكنيست الـ23، لينتهي بها المطاف إلى تشريع قانون يمنع متهماً بقضايا جنائية من تشكيل الحكومة.

وكانت المحكمة المركزية في القدس أرجأت الأحد، أولى جلسات بدء محاكمة نتنياهو التي كانت مقررة الثلاثاء، وذلك بسبب تفشي فيروس كورونا. ويعتبر نتنياهو أول رئيس وزراء في إسرائيل يخضع للمحاكمة وهو لا يزال في السلطة، ويواجه تهماً بالفساد واختلاس الأموال وخيانة الثقة في ثلاث قضايا.

وقال الكاتب الإسرائيلي كيمي شاليف في مقال له بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن ما "تعانيه إسرائيل هو أزمة دستورية وسياسة ومعركة مصيرية من أجل الديمقراطية الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن كل هذا حصل في فقط الـ24 ساعة الماضية.

ويصف الكاتب ما تعيشه إسرائيل بالمعركة المصيرية التي ستشكل مستقبل "ديمقراطيتها"، "ففي الوقت الذي تحاول فيه احتواء فيروس كورونا، تعيش إسرائيل تشنجات دستورية وتغييراً سياسياً، وتضيع بين إعلان نتنياهو مواجهة كورونا بتشغيل أجهزة المراقبة المستعملة لمكافحة الإرهاب والتجسس على حاملي الفيروس وتأجيل محاكمته نظراً إلى إغلاق المحاكم بشكل طارئ".

وأضاف: "بعد أربع ساعات من الدعوة إلى الوحدة، اغتصب نتنياهو سيادة القانون وبصق في وجوه شركائه المحتملين في حكومة طوارئ، أي أكثر من نصف الناخبين الإسرائيليين".

في السياق ذاته، كتب جيدي ويتز في صحيفة هآرتس قائلاً: "لا أحد يعرف ما إذا كان فيروس كورونا سيموت بحلول مايو/أيار، مما يسمح للحياة بالعودة إلى طبيعتها. لكن من الواضح تماماً أنه حتى ذلك الحين، سيُستقبل أي قرار يؤثر على محاكمة نتنياهو".

وأضاف: "هذا هو الثمن الذي تدفعه الدولة عندما يواجه رئيس وزرائها ثلاث لوائح اتهام: أي تحرك من جانبه أو من قبل وزرائه يؤثر على وضعه القانوني، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يُنظر إليه على أنه تضارب فادح في المصالح".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً