الشمال السوري يجني ثمار  "درع الفرات" بذكراها الرابعة (AA)
تابعنا

تواصل أنقرة جهوداً استثنائية لتطبيع الحياة شمالي سوريا، في مناطق "درع الفرات" التي أطلقت فيها القوات التركية والجيش الوطني السوري حملة عسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي، داعمة عودة المدنيين إلى ديارهم هناك.

ومع حلول الذكرى الرابعة لعملية "درع الفرات"، يستمر آلاف من قوات الشرطة المحلية المدربة في تركيا في حفظ الأمن في المناطق المحررة وحماية المدنيين.

ووضعت عملية درع الفرات حداً لأنشطة تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، ممّا ساعد على التطور والازدهار. كما أتاحت عودة الحياة إلى طبيعتها في المناطق المحررة بفضل مساهمات تركيا المكثفة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات، ووصل عدد سكان المنطقة إلى مليوني نسمة.

ويحتفل سكان تلك المناطق بالذكرى الرابعة للعملية، بحسب ما أفاد به مراسل TRT عربي في جرابلس.

وقال المراسل: إن "هناك تغييراً جذرياً في تلك المناطق التي أصبحت آمنة من التنظيمات الإرهابية، على مستوى التعليم والخدمات والأمن، خاصة مع بدء المرحلة الثانية التي تمثلت بإعادة بناء المؤسسات الصحية والتعليمية بدعم وإشراف تركي".

مشاريع تركية ومساعدات إنسانية

وبذلت وزارة الصحة التركية جهوداً كبيرة من أجل تطبيع الحياة في المناطق المحررة من الإرهاب، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة والخدمات الصحية المطلوبة، بما في ذلك نقل بعض الحالات الصحية العاجلة إلى تركيا، وفق وكالة الأناضول.

وتم إنشاء "رئاسات فرق العمل لدعم الخدمات الصحية السورية" داخل هيئة مديريات الصحة في محافظات كيليس وغازي عنتاب وهطاي وشانلي أورفة، لدعم الخدمات الصحية اللازمة في مناطق عمليات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام".

ويتم تقديم خدمات صحية مختلفة حالياً في 5 مستشفيات بإجمالي 750 سريراً في جوبان باي وأعزاز والباب، و75 سريراً في مارع وجرابلس، جرى دعمها مؤخراً بمختبرات ومراكز تشخيص لفيروس كورونا، وتزويدها بخدمات ومعدات إضافية للتعامل مع مرضى كورونا وعزل الأشخاص المخالطين.

وبالإضافة إلى الخدمات السابقة، تم إنشاء نظام اتصالات لاسلكية لسيارات الإسعاف في منطقة "درع الفرات"، من أجل ضمان التواصل بين المستشفيات والوحدات الصحية المتنقلة، لإدارة الاستجابة للحوادث ومد المساعدة الطبية للمرضى بشكل فعال.

الاهتمام بالتعليم

وتولي تركيا أهمية قصوى لدعم العملية التعليمية في المناطق التي جرى تحريرها من الإرهاب في الشمال السوري، وكذلك تدريب الأفراد ورفع كفاءات الموارد البشرية.

وفي هذا السياق تم تجهيز 684 مدرسة في منطقة "درع الفرات" بدعم من وزارة التعليم التركية، وتقديم خدمات تعليمية إلى 192 ألفاً و569 طالباً في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.

وتنظم جامعة غازي عنتاب أنشطة التعليم العالي شمال سوريا بموجب مرسوم رئاسي، حيث جرى تأسيس كليتين ومدرسة مهنية واحدة في منطقة "درع الفرات" تتبع الجامعة، مع مراعاة توفير الاحتياجات التعليمية في المنطقة بما يتماشى مع متطلبات المجالس المحلية.

وفي عام 2019 جرى افتتاح كلية أعزاز للعلوم الإسلامية، وكلية الباب للاقتصاد والعلوم الإدارية، وتضم 3 أقسام، ومدرسة جرابلس المهنية عام 2018، وتضم 9 أقسام، وتوفر تلك المؤسسات خدماتها لـ428 طالباً في المنطقة، فضلًا عن افتتاح عديد من رياض الأطفال بدعم من منظمات الإغاثة التركية.

وخلال الفترة الماضية، تم إيلاء أهمية كبيرة لتوفير جميع أنواع الخدمات الضرورية والأساسية للأهالي بالمنطقة، وكذلك إدارتها من قبل السكان المحليين، إذ تم تسليم المجالس المحلية التي تم إنشاؤها بدعم من تركيا السلطات في المنطقة، عقب تحريرها من التنظيمات الإرهابية.

وتواصل الإدارات المحلية المعنية عملها على توفير الخدمات اللازمة لأهالي المنطقة من أجل محو آثار الإرهاب وتطبيع الحياة وإعادة المدنيين إلى ديارهم.

وأدى الأشخاص الذين عادوا إلى المنطقة دوراً مهماً في تنميتها من خلال إعادة بناء منازلهم التي دمرتها الحرب، في حين ساهمت المجالس المحلية أيضاً في ضمان الاستقرار والأمن في المنطقة، من خلال إصدار بطاقات هوية محلية ورخص القيادة ولوحات المركبات للسكان.

وتسعى المجالس المحلية لتوفير الدعم للمدنيين الذين يكسبون عيشهم من خلال العمل في قطاعات الزراعة والتجارة بالمنطقة، والوقوف إلى جانب المنتجين من خلال إبرام اتفاقات خاصة مع السلطات التركية.

في السياق ذاته، اضطر سكان المنطقة وباستمرار إلى النزوح عن منازلهم، بسبب التغيير المستمر للقوى المسيطرة على المنطقة خلال فترة الحرب في سوريا. ومع تطهير عملية "درع الفرات" المنطقة من عناصر "داعش" بدأت عائلات المنطقة التي أجبرت على اللجوء إلى تركيا أو النزوح إلى مناطق أخرى، العودة إلى منازلها.

كما أن المنطقة شكلت ملاذاً لعشرات الآلاف من السوريين الفارين من هجمات نظام بشار الأسد وأنصاره، واضطهاد تنظيم YPG/PKK الإرهابي، في مناطق شرق نهر الفرات.

وتشرف المجالس المحلية على تقديم الخدمات لجميع السوريين الموجودين بالمنطقة، دون تمييز بين أهالي تل رفعت ودير الزور والرقة، الذين احتُلت مناطقهم من قبل تنظيم YPG/PKK الإرهابي، وأهالي حمص ودرعا ودمشق الذين أجبرهم نظام الأسد على الهجرة عن بيوتهم، ويعيشون في المنطقة بحلم العودة إلى الديار.

كما حرصت المجالس المحلية، بدعم من تركيا، على استعادة المعالم التاريخية والمساجد التي جرى تخريبها من قبل التنظيم الإرهابي. فقد تم ترميم العديد من المساجد والمعالم التاريخية، بما يتوافق مع وضعها الأصلي، ووصل عدد المساجد المرممة في منطقتي "درع الفرات" وعفرين إلى أكثر من 400 مسجد، جرى ترميمها على نفقة "وقف الديانة التركي".

وعلى الصعيد الاقتصادي بدأ السكان المحليون باستخدام الليرة التركية في التعاملات التجارية والنقدية، لا سيما بعد الانخفاض الكبير في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي ومسارها المتقلب.

وافتتحت مؤسسة البريد التركي فروعاً في مناطق جرابلس والباب وأعزاز ومارع، سهلت على المواطنين عمليات افتتاح حسابات مصرفية ودفع الفواتير وإيداع الأموال وسحبها وإرسال الحوالات المالية وتسلمها.

وانطلقت عملية "درع الفرات" في 24 أغسطس/آب 2016، في إطار القضاء على "داعش" والعناصر الإرهابية الأخرى التي تهدد أمن المنطقة، وتوفير الأمن على الحدود، وذلك انطلاقاً من حق تركيا في الدفاع عن النفس، المنبثق عن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وفي اليوم الأول للعملية، تم دحر عناصر "داعش" وتحرير مركز قضاء جرابلس في الأراضي السورية المقابل لقضاء قارقاميش التابع لولاية غازي عنتاب التركية.

وخلال 217 يوماً هي مجموع أيام العملية، تم تحرير ألفين و55 كيلومتراً من الإرهابيين داخل الأراضي السورية، في حين تمكنت القوات التركية والجيش الوطني السوري من تحييد أكثر من 3 آلاف عنصر من "داعش" الإرهابي في 7 أشهر.

وأعلن رئيس الوزراء التركي آنذاك، بن علي يلدريم، في 29 مارس/آذار 2017 ، انتهاء العملية، وبعد يومين من الإعلان أفاد بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية أن العملية العسكرية تمت بنجاح وحققت الأهداف المحددة.

وبعد الانتهاء من العملية كثفت القوات المسلحة التركية والجيش الوطني السوري الجهود للحفاظ على أمن المنطقة، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة المدنيين النازحين بسبب الإرهاب.

تم تجهيز 684 مدرسة في منطقة "درع الفرات" بدعم من وزارة التعليم التركية، وتقديم خدمات تعليمية إلى 192 ألفاً و569 طالباً  (AA)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً