السعودية تحاكم الفلسطينيين بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي وجمع الأموال (Reuters)
تابعنا

تصاعدت حملت الاعتقال والقمع الذي تمارسه السلطات السعودية بحق مواطنيها لتطال مواطنين عرباً من دول أخرى، فقد شنت السلطات السعودية حملة على فلسطينيين يقيمون في المملكة منذ عشرات السنين أو يزورونها، بدعوى نصرتهم لقضيتهم ولجوانبها الإنسانية، واعتقلت الكثير منهم، وباشرت التحقيق معهم ومحاكمتهم بتهمة "الإرهاب".

ومنذ العام الماضي، أفادت تقارير إعلامية عدة، بأن السعودية تشن حملة اعتقالات ضد شخصيات وأفراد فلسطينيين يقيمون أو يزورون السعودية، فيما لم تعلق المملكة رسمياً على هذه الأنباء. وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان كشف عن اعتقال السلطات السعودية عشرات الفلسطينيين، وقال إنه لا يستطيع تحديد رقم دقيق لعددهم، غير أنه أحصى 60 شخصاً، وأشار إلى تقديرات تفيد بأن الرقم يفوق ذلك بكثير.

واستطاع المرصد توثيق شهادات من 11 عائلة فلسطينية تعرَّض أبناؤها للاعتقال أو الإخفاء القسري خلال الأشهر الأخيرة أثناء إقامتهم أو زيارتهم للمملكة وبينهم طلبة ومقيمون وأكاديميون ورجال أعمال، إذ عُزلوا عن العالم الخارجي من دون لوائح اتهام محددة أو عرض على جهة الاختصاص (النيابة العامة) ولم يُسمح لهم بالاتصال مع ذويهم أو التواصل مع محاميهم.

ورصدت أيضاً عمليات احتجاز لحجاج من أصول فلسطينية ويحملون جنسيات عربية خلال أدائهم فريضة الحج العام الماضي، لكن عائلاتهم لا تزال تتكتم على ظروف احتجازهم على أمل إنهاء كابوس إخفائهم القسري، وهو ما حاولت أيضاً حركة حماس سابقاً فعله، إذ إنها التزمت الصمت في البداية "لإفساح المجال أمام الاتصالات الدبلوماسية ومساعي الوسطاء"، لكنها لم تسفر عن أي نتائج.

استمرار اعتقال الخضري ونجله

من جانبها، أعربت حركة المقاومة الإسلامية حماس الاثنين، عن "بالغ الأسف والاستهجان"، للمحاكمات التي تجريها السلطات السعودية لعدد من أنصار الحركة، وفي مقدّمتهم الدكتور محمد صالح الخضري ونجله الدكتور هاني.

وأضافت حماس أن الفلسطينيين المعتقلين "لم يقترفوا ذنباً ولم يرتكبوا إثماً ولا جُرماً، وإنما جريرتهم في نظر جهاز رئاسة أمن الدولة السعودي هي أنهم ناصروا قضية فلسطين المقدّسة التي هي قضية الأمة بمكوّناتها كافة، وارتضوا لأنفسهم أن يشاركوا من مواقعهم في شرف الجهاد دفاعاً عن القدس والمسجد الأقصى"، حسب نص البيان.

وتابع البيان: "إن حركة حماس إذ تعبّر عن استنكارها الشديد لاستمرار السلطات السعودية في اعتقال الشرفاء من أبناء شعبنا وأمتنا فإنها تطالبها بإطلاق سراح جميع المعتقلين".

وكانت عائلة الخضري الفلسطينية قالت إن المحكمة الجزائية بالسعودية عقدت الأحد، أولى جلساتها، لمحاكمة عدد من المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين، بينهم اثنان من أفرادها وهما محمد الخضري (81 عاماً) وهو قيادي في حركة حماس، ونجله الأكبر هاني.

وذكرت أن نحو 68 شخصاً آخرين يخضعون كذلك للمحاكمة بتهمة "الانتماء إلى تنظيم إرهابي وجمع الأموال"، ومن المقرر أن تعقد المحكمة ثاني جلساتها وفق العائلة، في الـ12 من رمضان المقبل.

من جانبه، قال حساب "معتقلي الرأي" (تجمّع حقوقي سعودي) على موقع تويتر، إن "محكمة الإرهاب -الجزائية المتخصصة- تعقد صباح الأحد، جلسة محاكمة لعدد من المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين".

وأشار الحساب إلى أن المعتقلين يواجهون "تهماً تتعلق بتحويل أموال بطريقة غير شرعية وإنشاء منظمات غير مرخصة".

"الرضوخ السعودي"

وعزا الباحث عدنان أبو عامر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة بقطاع غزة، في حديث سابق إلى TRT عربي، حملة اعتقالات السعودية للفلسطينيين الداعمين أو المناصرين للمقاومة التي بدأت في مطلع 2019، إلى "الرضوخ السعودي لمطالب أمريكية إسرائيلية تقضي بحصار حركة حماس لتمرير صفقة القرن، عبر سياسة تجفيف المنابع المالية تحديداً، إذ كانت الحركة تجمع التبرعات من السعودية في أوقات سابقة، وكذلك للضغط عليها لفك تعاونها مع إيران".

وأضاف أبو عامر: "الحملة شملت اعتقالات وإقامات جبرية، ومصادرة أموال وإغلاق شركات، وجرى الأمر على أساس غير تنظيمي بل مجرد المناصرة والدعم فقط".

ويوافق الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف ما تحدث به أبو عامل، إذ قال إن الجانب الفلسطيني لا يملك ما يمكن أن يضغط به على الإدارة السعودية للإفراج عن المعتقلين، "لأن الأخيرة تتلقى أوامرها من الإدارة الأمريكية وإسرائيل، ولذلك لا يملك الفلسطينيون إلا المناشدة"، مشيراً إلى أن حماس مستمرة في محاولات الإفراج عنهم.

ويعتقد الصواف في حديث إلى TRT عربي أن "ما تمارسه السعودية بحق المعتقلين الفلسطينيين ما هو إلا مسعى لترهيب كل من يفكر بدعم المقاومة"، منوهاً بأن من يقدمون للمحاكمات لم يعملوا بالخفاء، بل بعلم النظام وبأمر منه ربما في بعض الحالات.

وعن فاعلية الوساطة من قِبل أطراف مقربة من حماس، قال الصواف إن "حماس بذلت جهداً كبيراً ووسَّطت العديد من الأطراف إلا أن النظام السعودي لا يملك قراره، وهو سبب فشل كل تلك الوساطات".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً