محمد بن سلمان متحمس لدفع مسار التطبيع مع إسرائيل (AFP)
تابعنا

في مقابل نفي سعودي وحيد، أكدت عدة مصادر عبرية إجراء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة للسعودية بشكل سري.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية الاثنين إن لقاء ثلاثياً سرياً عُقد الأحد في السعودية، بمشاركة نتنياهو ورئيس جهاز المخابرات الخارجية "الموساد" يوسي كوهين، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

واستغرقت الزيارة السرية التي أجراها نتنياهو وكوهين اللذان غادرا في طائرة خاصة مطار بن غوريون قرب تل أبيب إلى منطقة نيوم في السعودية، مدة 5 ساعات، وفق الإعلام الإسرائيلي.

وبينما نفى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في وقت لاحق، لقاء بن سلمان مسؤولين إسرائيليين، لم ينفِ مكتب نتنياهو ذلك معقّباً: "لا تعليق". وحتى اللحظة لم يصدر تعقيب من واشنطن حول هذه الأنباء.

من جانبه أكد وزير التعليم الإسرائيلي يوآف غالانت عضو حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، أن الأخير اجتمع مع ولي العهد السعودي. ووصف غالانت الاجتماع بأنه "إنجاز مذهل".

وقال غالانت في حديثه مع إذاعة الجيش الإسرائيلي: "لنقُل إن مجرد وجود الاجتماع وحقيقة أنه طُرح علناً، حتى لو كان نصف رسمي فقط في الوقت الحالي، فإنها مسألة ذات أهمية كبيرة من كل جانب".

وأكد مصدر حكومي إسرائيلي الزيارة، كما نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مسؤولين رسميين إسرائيليين لم تكشف هوياتهم قولهم إن نتنياهو ويوسي كوهين "توجَّها إلى السعودية والتقيا بومبيو وبن سلمان في مدينة نيوم".

وأفادت الإذاعة بأن الطائرة التي أقلت نتنياهو أقلعت من إسرائيل ما بين الخامسة والثامنة مساء تحت اسم شركة من سان مارينو، وعادت إلى مطار بن غوريون الإسرائيلي عند منتصف الليلة الماضية.

وأظهرت مواقع تتبُّع الرحلات الجوية، من بينها FlightAware وADS-B Exchange، تتبع طائرة تجارية خاصة يستخدمها المسؤولون الإسرائيليون غالباً وهي تحلق من إسرائيل باتجاه المملكة العربية السعودية ومدينة نيوم يوم الأحد، ثم عادت الرحلة إلى تل أبيب بعد ساعات قليلة.

وبدوره نشر آفي سخرف محرر النسخة الإنجليزية لصحيفة هآرتس العبرية صورة لخريطة قال إنها توضح خط سير الطائرة التي نقلت نتنياهو ورئيس الموساد للقاء بن سلمان في نيوم.

وحسب موقع واللا العبري فقد نُقل نتنياهو في الطائرة الخاصة لرجل الأعمال الإسرائيلي أودي أنجل، المقرب من بن سلمان. أما قناة 20 الإسرائيلية اليمينية وصحيفة يسرائيل هيوم فقد أكدتا أن اللقاء جرى بالفعل.

وقالت يسرائيل هيوم في تقرير آخر إن السماح بالكشف عن زيارة نتنياهو للسعودية يدل على أن بن سلمان متحمس لدفع مسار التطبيع مع إسرائيل.

وتقيم دول خليجية منذ سنوات علاقات سرية مع إسرائيل، وذلك على أساس المخاوف المشتركة تجاه إيران بشكل خاص، بينما تشجّع الولايات المتحدة الجانبين على تطبيع العلاقات.

وخرجت هذه الدبلوماسية السرية إلى العلن في أغسطس/آب الماضي عندما أعلنت الإمارات ثم البحرين، حلفاء السعودية، عن تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية.

وبدورها أوضحت صحيفة هآرتس أن نتنياهو رفض تأكيد النبأ أو نفيه، وقال: “لم أتطرق في حياتي إلى مثل هذه المواضيع، أستطيع القول إنني خلال كل السنوات التي شغلت فيها منصبي هذا لم أدخر جهداً في سبيل تقوية دولة إسرائيل وتوسيع دائرة السلام"، وفق تعبيره.

رسائل اللقاء

فيما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن السماح بنشر أنباء حول الزيارة لا يُعد أمراً اعتياداً أو طبيعياً، مبينة أن الحديث ربما يدور حول إرادة إسرائيلية-سعودية لإرسال رسائل إلى عدة جهات، أولها إيران ودول الشرق الأوسط بأن الرياض وتل أبيب في جبهة واحدة بشأن كل ما يتعلق بالتهديد الإيراني.

أما الرسالة الثانية فهي إلى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بأن السعودية تريد التقدم في مسار التطبيع مع إسرائيل، والثالثة أنه "حتى لو غيرت الإدارة الأمريكية نهج الرئيس دونالد ترمب فإن الجانبين ينظران إلى التهديد في الشرق الأوسط بعين واحدة"، وفق الصحيفة.

وذكرت يديعوت أن ولي العهد السعودي يدعم التطبيع مع إسرائيل، لكن والده الملك سلمان بن عبد العزيز هو من يعترض على ذلك. وتقول المملكة إن تسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني شرط مسبق لتطبيع العلاقات، على الرغم من مؤشرات التقارب بينهما في السنوات الأخيرة.

وعلق وزير الجيش الإسرائيلي السابق موشي يعلون على زيارة نتنياهو بالقول: "للسعودية مكانة مهمة بوصفها مركز المحور الذي يواجه إيران. أتمنى أن تسهم شبكة العلاقات السرية بيينا على مر السنين في إرساء قاعدة استراتيجية راسخة يقوم عليها التطبيع معها".

وبدورها قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه "في الأسابيع الأخيرة حصل مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون على انطباع بأن العرش السعودي بات أكثر استعداداً للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل، بخاصة مع غياب الاحتجاجات الكبيرة في الدول التي طبَّعت العلاقات وهي الإمارات والبحرين والسودان".

ورأت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها الاثنين أن السؤال الرئيسي لدى السعوديين هو: كيف سيؤثر المضي قدماً في التطبيع في الأيام الأخيرة لإدارة ترمب، على مكانتهم في واشنطن وعلاقتهم مع إدارة بايدن القادمة؟

وبشكل عام، وصف بايدن السعودية بـ”الدولة المنبوذة” ووعد بمعاملتها بهذه الطريقة، كما دعم تحقيق المخابرات الأمريكية (CIA) في جريمة قتل الصحفيجمال خاشقجي وتقطيعه، إضافة إلى معارضته بيع الأسلحة للرياض بسبب حربها في اليمن، واحتمالات عودته لالتزام الاتفاق النووي مع إيران، الخصم التقليدي للمملكة الخليجية.

ولهذا يرى الباحث الإسرائيلي أوري غولدبرغ أنه "على الرغم من لقاء نتنياهو وبن سلمان وبومبيو في مدينة نيوم السعودية، فإن الملك سلمان يعارض اتفاق التطبيع مع إسرائيل، لهذا يتصرفون (المجتمعون في اللقاء) كأنهم يخططون لانقلاب على العرش لتتويج ولي العهد"، قبل تولي بايدن رسمياً.

وإلى جانب طموح العرش قالت صحيفة غلوبس العبرية إن هدف اللقاء هو التنسيق السياسي وبيع السعودية منظومات سلاح إسرائيلية. وفي الوقت ذاته أوضحت صحيفة وول ستريت جورنال أن بن سلمان ونتنياهو لم يتفقا في لقائهما حول مواجهة إيران أو التطبيع.

وقبل وقت قصير من مغادرة تلك الرحلة لإسرائيل أشار نتنياهو إلى التغيير المستمر في العلاقات مع المزيد من دول الخليج. وقال إنه "بعد اتفاقات السلام مع مصر والأردن حققنا 3 اتفاقيات سلام جديدة واتفاقيات تطبيع في الآونة الأخيرة، في غضون 6 أسابيع مع الإمارات والبحرين والسودان".

وأضاف نتنياهو: "إذا واصلنا السير في هذا الطريق لتعزيز قوة إسرائيل وتقوية الروابط مع العالم العربي المعتدل الذي يدفع باتجاه الاستقرار والتقدم، فسنرى المزيد من الدول العربية التي توسع دائرة السلام".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً