المفوضية الأوروبية أضافت السعودية إلى قائمة سوداء للدول المقصّرة في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (AFP)
تابعنا

أعلنت وزارة الخارجية الدنماركية الأربعاء أنها استدعت السفير السعودي في كوبنهاغن على خلفية اتّهام قادة في "حركة النضال العربي لتحرير الأهواز" الانفصالية، يقيمون في الدنمارك، بالتحريض على الإرهاب في إيران، والاشتباه بتلقيّهم تمويلاً سعودياً.

وأعلنت الشرطة الدنماركية في بيان وجود ملاحقات قضائية بحق "ثلاثة أشخاص بشبهة التحريض على الإرهاب وتمويله في إيران، بما في ذلك التعامل مع جهاز استخبارات سعودي".

وقد استدعي السفير السعودي إلى وزارة الخارجية الدنماركية حيث التقى مدير الشؤون السياسية.

وجاء في بيان لوزير الخارجية الدنماركي يبي كوفود أن السفير السعودي "أُبلغ بكل وضوح بأننا لن نقبل بأي حال من الأحوال بأنشطة كهذه، كما نقل سفيرنا في السعودية فوراً الرسالة نفسها إلى السلطات السعودية"، مشيراً إلى توجيه "اتّهامات جديدة بغاية الخطورة".

والمتّهمون الثلاثة يقيمون في الدنمارك وهم أعضاء في "حركة النضال العربي لتحرير الأهواز"، وملاحقون منذ فبراير/شباط بشبهة التجسس لحساب جهاز استخبارات سعودي.

وبحسب جهاز الأمن والمخابرات الدنماركي، تجسس المتّهمون بين عامي 2012 و2018 لمصلحة جهاز استخبارات سعودي.

وفي خريف العام 2018 استُهدف المتّهمون بمحاولة اعتداء في الدنمارك، تشتبه كوبنهاغن بوقوف النظام الإيراني وراءها انتقاماً لهجوم استهدف منطقة الأهواز في جنوبي غربي الجمهورية الإسلامية في سبتمبر/أيلول أوقع 24 قتيلاً.

ونفت إيران بشدة تدبير أي محاولة اعتداء في الدنمارك. وغالباً ما تتّهم إيران السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل بدعم جماعات انفصالية.

وأكد مدير جهاز الأمن والمخابرات الدنماركي بورك أندرسن في بيان أنه "من غير المقبول على الإطلاق أن تنقل دول خارجية وأجهزتها الاستخبارية نزاعاتها إلى الدنمارك، وأن تستخدم الدنمارك نقطة انطلاق لتمويل الإرهاب ودعمه".

وبحسب السلطات الهولندية تقيم "حركة النضال العربي لتحرير الأهواز" مقار لها في هولندا والدنمارك.

ليس الاتهام الأوروبي الأول للسعودية

لم يكن الاتهام الدنماركي الأول من نوعه أووربياً للسعودية، حيث قالت المفوضية الأوروبية في فبراير/شباط العام الماضي إنها أضافت السعودية وبنما ونيجيريا ومناطق أخرى إلى القائمة السوداء للدول التي تشكل تهديداً للتكتل بسبب تهاونها مع تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

إلا أن مجلس الاتحاد الأوروبي رفض مسودة القرار، وصدّق البرلمان الأوروبي على قرار يُعرب عن استيائه إزاء رفض بلدان الاتحاد قائمة سوداء للدول المقصّرة في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ومن بينها السعودية.

وخلال اجتماع الجمعية العامة للبرلمان، في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، في مطلع مارس/آذار 2019، وافق البرلمان على القرار الذي شدد على ضرورة عدم رفض القائمة المعدّة من قبل المفوضية الأوروبية لأسباب سياسية.

وأشار إلى حدوث ضغط من أجل عدم الموافقة على القائمة، مضيفاً: أنه "يجب ألّا يمنع هذا الضغط مكافحة مؤسسات الاتحاد الأوروبي تمويل الإرهاب وتبييض الأموال".

وتستند قائمة الاتحاد بشكل أساسي إلى معايير تستخدمها قوة مهام التحرك المالي؛ وهي هيئة دولية تضم الدول الغنية وتقوم على محاربة غسل الأموال وتمويل الأنشطة الإرهابية.

تقرير بريطاني: السعودية "أكبر داعم للتطرف" في بريطانيا

وخلص تقرير صدر لمؤسسة هنري جاكسون للأبحاث عام2017 إلى أن هناك صلة بين السعودية والتطرف في بريطانيا.

وورد في التقرير أن هناك "صلة واضحة ومتنامية" بين منظمات إسلامية تتلقى دعماً من الخارج ومنظمات تروج للكراهية وتنظيمات جهادية تروج للعنف.

ودعت المؤسسة المتخصصة في الشؤون الخارجية إلى إجراء تحقيق عام في الدور الذي تقوم به السعودية ودول خليجية أخرى.

من جانب آخر كشف تحقيق استقصائي لشبكة "زد دي أف" التلفزيونية الألمانية، وشبكة BBC البريطانية، معلومات مرتبطة بسياسة المملكة العربية السعودية وارتباطها بجماعات "متشددة".

وجاء في التحقيق المشترك بين الشبكتين، والذي يتألف من ثلاثة أجزاء تمتد أكثر من ساعتين، ارتباطات الأسرة السعودية الحاكمة بداعمين لـ"نمط متشدد من الإسلام"، والمدى الذي ذهبت إليه هذه الأسرة بتقديم الدعم المالي لـ"المتطرفين" من أجل تأمين استمرار حكمها.

وعرض التحقيق التمويل الذي قدمته السعودية منذ التسعينيات لنشر "نموذجها المتشدد للإسلام"، ودعم مجموعات جهادية بدءاً من حرب البوسنة إلى هجمات سبتمبر 2001، مروراً بسوريا والهند وفلسطين وصولاً إلى اليمن والحرب الدائرة هناك.

وتتبع التحقيق التمويل السعودي من البلقان، معتبراً أن تمويل السعودية بناء 150 مسجداً هناك ووجود أكاديمية الملك فهد في البوسنة، غيّرا الطبيعة المتسامحة المعروفة تاريخياً للإسلام بهذه المنطقة، بحسب وصف التحقيق.

خطوات أوروبية لمواجهة "التمويل" السعودي

وعلى خلفية ذلك بدأت دول الاتحاد الأوروبي بمراجعة موازية لمراكز وجمعيات أبرزها المؤسّسات التي تتبع السعودية، لا سيما تلك التي تموّلها الرياض منذ عقود.

وأبلغت بلجيكا السعودية أنها قرّرت إنهاء إشرافها على المركز الإسلامي في العاصمة بروكسل، وهو أحد أهم المراكز في غربي أوروبا، وذلك في زيارة لوزير الخارجية السعودي السابق، عادل الجبير، منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول 2018.

وبحسب صحيفة "Ie VIF"، التي تصدر باللغة الفرنسية في بروكسل، فإن وزير الخارجية البلجيكي، ديدييه رينديرز، أبلغ الجبير أن بلاده قرّرت "إنهاء إشراف السعودية بشكل كامل على المركز الإسلامي في بروكسل، ووضعه تحت تصرّف الحكومة الفيدرالية".

وقامت ألمانيا بدور تجاه التمويل الخليجي عموماً، والسعودي بشكل خاص، للمؤسسات داخل البلاد. 

وبحسب صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، فإن برلين طلبت من السعودية ودول خليجية إعلام وزارة خارجيتها مسبقاً عن مساعداتها المالية للمؤسسات الدينية على أراضيها.

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، لا يكاد يمر أسبوع من دون أن يلقي ناقد تلفزيوني أو كاتب صحفي اللوم على المملكة العربية السعودية للعنف الجهادي.

فعلى شبكة "إتش بي أو" على سبيل المثال، اعتبر بيل مار أن التعاليم السعودية "تعود إلى القرون الوسطى". أما في صحيفة "واشنطن بوست" فقد كتب فريد زكريا أن السعوديين قد "خلقوا وحشاً في العالم الإسلامي".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً