رعت السعودية مؤتمر المانحين لمساعدة اليمن فيما رفضت الإمارات المساهمة في الدعم   (Reuters)
تابعنا

ما زالت السعودية تستخدم سياسة "العصا والجزرة" في الأزمة اليمنية التي أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة بدلاً من استعادتها، فيما تشرد ملايين اليمنيين ومئات الآلاف بين القصف والأوبئة.

ورغم قيادتها للتحالف في اليمن، تحاول السعودية الظهور بمظهر المتعاطف مع اليمنيين، لتخرج هذه المرة بمؤتمر دولي للمانحين رعته الرياض بمشاركة الأمم المتحدة، لجمع التمويل المطلوب لتلبية احتياجات اليمن الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، لكنها فشلت في مسعاها لجمع المبلغ المحدد.

وعقد المؤتمر الثلاثاء في الرياض بمشاركة أكثر من 130 دولة ومؤسسة دولية مانحة، وهو ما اعتبره الحوثيون "استثماراً في الدم اليمني"، فيما لم تعلن الإمارات عن أي مساهمة مالية.

وجاء المؤتمر بعد تحذيرات للأمم المتحدة من توقف نحو ثلاثين من برامجها الإنسانية في اليمن خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في حال لم يتوفر التمويل المطلوب لمجابهة الأزمات التي يمر بها هذا البلد، بما في ذلك تفشي فيروس كورونا وأوبئة أخرى، فضلاً عن انهيار المنظومة الصحية جراء الحرب التي تدور في اليمن منذ أكثر من خمس سنوات.

وتعهد المشاركون في المؤتمر بتقديم مليار و350 مليون دولار كمساعداتٍ إنسانية لليمن، من بينهم السعودية التي تعهدت بدفع 500 مليون دولار، وهي أكبر مساهمة جرى التعهد بها حسب الأمم المتحدة.

وكالات الإغاثة الدولية قدرت التمويل المطلوب لتغطية المساعدات الإنسانية لليمن من يونيو/حزيران وحتى ديسمبر/كانون الأول بنحو 2.4 مليار دولار

الأمين العام للأمم المتحدة - أنطونيو غوتيريش

في المقابل، لم يعد المستوى الرسمي في اليمن يثق بالمبادرات السعودية، فبعد أن حذر رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، في كلمته خلال المؤتمر، من مواجهة بلاده لأزمة تفشي فيروس كورونا في ظل وضع اقتصادي حرج وعدم جاهزية للقطاع الطبي، قلل عبد العزيز جباري مستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، من نتائج مؤتمر المانحين، مشيراً إلى أن المنح الناتجة عن مثل هذه المؤتمرات نتائجها غير ملموسة على الأرض.

قناع إنساني

من جانبه، اعتبر القيادي في جماعة الحوثي عبد الملك العَجْري أن السعودية مارست ضغوطاً كبيرة على الأمم المتحدة من أجل تنظيم واستضافة مؤتمر المانحين، وأن الأخيرة أخطأت في استجابتها، إذ تحول المؤتمر إلى "موسم للاستثمار في دماء اليمنيين".

وأضاف: "بدل أن تمارس الأمم المتحدة الضغط على دول العدوان لوقف الحرب، أصبحت تحاول إعطاء وجه إنساني للحرب".

واتهم القيادي الحوثي السعودية بأنها تحاول من خلال تنظيم واستضافة مؤتمر المانحين أن تقدم "صورة جديدة لنفسها بوجه إنساني، بعد التشوه الذي لحق بها".

هذه التعهدات التي جرى الإعلان عنها، نصف المبلغ الذي وعدت به الجهات الدولية المانحة في المؤتمر الذي عقد العام الماضي، والبالغة 2.6 مليار دولار

وكالة أسوشيتد برس

ترميم الفشل السعودي

وعن مدى جدية السعودية في جمع مساعدات لليمنيين وهي جزء من المشكلة في اليمن، يقول الناشط الحقوقي اليمني محمد الأحمدي لـTRT عربي، إن المؤتمر ما هو إلا محاولة لترميم الفشل السعودي الذي يقود تحالفاً عسكرياً في اليمن لاستعادة الدولة وإسقاط الانقلاب.

ويرى الأحمدي أن السعودية فشلت في مهمتها الأساسية المعلنة بعودة الدولة اليمنية، وذهبت إلى محاولة إطلاق مثل هذا المؤتمر كعمل إنساني وإغاثي.

ويؤكد الأحمدي أن "اليمنيين يرحبون بأي جهد إنساني وإغاثي لرفع المعاناة عن كاهلهم، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود وعاء يستوعب هذه المساعدات باسم العملية الإغاثية في اليمن لأنه لا وجود للدولة، فهناك انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة وهناك تلاشٍ يوماً بعد آخر لحضور الدولة اليمنية وسيادة القانون بفعل المليشيات التي نشأت مع إطالة أمد الصراع وذهاب التحالف السعودي والإماراتي تجاه حسابات أخرى أضرت باليمنيين وساهمت في تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية على هذا النحو".

نحذر من ارتفاع عدد الوفيات في اليمن خلال الفترة المقبلة إذا لم تقدَّم له المساعدات الإنسانية اللازمة

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية - مارك لوكوك

ويضيف: "التحالف السعودي الإماراتي فشل بعد 6 سنوات من الصراع الدامي في اليمن، وفشل أيضاً المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته بتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالحل في اليمن بإسقاط الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، ولم يصنع تحولاً في الواقع، بل على العكس، فكلما استمر الصراع والنزاع المسلح وتقويض مؤسسات الدولة زادت المعاناة الإنسانية".

وينوه الناشط اليمني إلى أن "الكوليرا والأوبئة تضرب بقسوة العديد من المناطق اليمنية في ظل انهيار شبه تام لمنظومة القطاع الصحي الذي تضرر بسبب غياب مرتبات موظفي الدولة وبسبب الوضع المعيشي والاقتصادي اتسعت رقعة الفقر، فأكثر من 80% من سكان اليمن بحاجة لمساعدات".

ويختم الأحمدي بتأكيده على عدم وجود أية ثقة لليمنيين بالمجتمع الدولي ولا بالتحالف السعودي الإماراتي في إنقاهم، قائلاً "أصبح الشعب اليمني يدرك أن لدى السعودية والإمارات مطامع في اليمن وهي التي فاقمت من المأساة الإنسانية وأطالت من أمد الصراع، بالإضافة إلى أن المجتمع الدولي ينافق السعودية والإمارات لحسابات سياسية وللحصول على مكاسب معينة كبيع الأسلحة".

الإمارات.. أدوار تخريبية

وبينما تلعب الإمارات أدواراً خفية وتخريبية في اليمن، يوجه مسؤولون يمنيون من حين لآخر، اتهامات لأبو ظبي بدعم تشكيلات مسلحة خارج إطار السلطة الشرعية، وتغذية صراعات في مناطق متفرقة من البلاد، خاصة محافظات أرخبيل سقطرى، وشبوة وتعز.

وتعليقاً على رفض الإمارات المساهمة بأي دعم في اليمن من خلال المؤتمر، قال وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي، الأربعاء، إن الإمارات لم تقدم مساعدة لبلاده في مؤتمر المانحين، بل تدعمه "بالمليشيا المتمردة" فقط.

وأوضح الرحبي، أن الإمارات لم تقدم في مؤتمر المانحين دعماً أو مساعدة لليمن لمواجهة تحديات الوضع الإنساني المتفاقم في البلاد.

وتابع: "الإمارات لم تدعم اليمن إلا بمليشيا مسلحة متمردة في عدن"، مشيراً إلى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، "وتحاول السيطرة على جزيرة سقطرى، وترسل المدرعات وتفتح سجوناً سرية".

TRT عربي
الأكثر تداولاً