المعارضة السودانية دعت لتكثيف الاعتصام  (AFP)
تابعنا

يمر المشهد السياسي في السودان بمرحلة حرجة يسودها التوتر بين العسكريين الذين تولوا السلطة عقب الإطاحة بعمر البشير في 11 أبريل/نيسان الجاري، وممثلين بارزين عن الحراك الاحتجاجي المستمر منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

الجيش يتعهد بتسليم السلطة والمعارضة تُشكك

على الرغم من التأكيدات المتكررة لرئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان التزام المؤسسة العسكرية نقل السلطة للمدنيين "في أقرب وقت"، فيبدو أن ممثلين بارزين للمتظاهرين، على رأسهم تجمع السودانيين المهنيين المنضوي في تحالف معارض يُعرف بقوى الحرية والتغيير، لا يثقون في تصريحات الجيش.

فلم تمر سوى ساعات قليلة بين حوار أجراه التلفزيون الرسمي مع البرهان، وبُثّ الأحد، حتى أعلن قيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير قرار التحالف "تعليق التعاون مع اللجنة السياسية للمجلس العسكرى"، مضيفاً أن "هذه اللجنة تسيطر عليها بقايا النظام السابق"، وفقاً لوكالة رويترز.

وفي آخر تطور، نشر تجمع المهنيين السودانيين، الثلاثاء، على صفحته الرسمية على فيسبوك، نداءً للمحتجين تحدّث فيه عن رصد تحركات تقوم بها "الأجهزة القمعية" بهدف فض الاعتصام الذي ينظمه المحتجون أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم.

نداء تحاول الأجهزة القمعية فض الاعتصام من عدة اتجاهات وقد رصدنا تحرك (لودرات) وعربات تتبع للأجهزة الأمنية. نؤكد بأن أي...

Posted by ‎تجمع المهنيين السودانيين‎ on Tuesday, 23 April 2019

ويقول الكاتب السوداني فيصل محمد صالح إن محاولات الجيش والجهات الأمنية فض الاعتصام لم تتوقف أبداً.

ويضيف في حديث لـTRT عربي "لقد جرّبوا عدة سبل، وعندما اقتنعوا بأن الصدام العنيف لن يحقق نجاحاً، لجأوا لمحاولات ناعمة من خلال إزالة بعض المتاريس وكسب بعض المساحات".

ولفت إلى أن "حدوث مواجهة من قبل بين قوات الشرطة العسكرية والمعتصمين، اضطرت قوات الجيش إلى الانسحاب على إثرها".

وعند سؤاله عن سبب تأخر القوى المعارضة في الإعلان عن أسماء المشاركين في المجلس السيادي المدني، يوضح الكاتب السوداني أن "المعارضة لم تعلن الأسماء حتى الآن بناء على طلب من المجلس العسكري حتى لا يتأزم الوضع".

ويتابع "القضية الآن ليست في الإعلان عن الأسماء أم لا وإنما في رفض المجلس العسكري الاعتراف بقوى إعلان الحرية والتغيير بوصفها ممثلاً للثورة في السودان".

دعم سعودي إماراتي مصري لعسكر السودان

يتزامن ارتفاع حدة التوتر بين المحتجين والجيش في السودان مع دعم دبلوماسي واقتصادي تقدمه كل من السعودية والإمارات ومصر للمجلس العسكري الانتقالي، الذي يُعرف عن رئيسه عبد الفتاح البرهان أنه قريب من الرياض والإمارات، نظراً إلى إشرافه سابقاً على إرسال قوات سودانية إلى اليمن لتحارب في صف التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين.

وأعلنت كل من السعودية والإمارات، الأحد، تقديم حزمة مشتركة من المساعدات للسودان قيمتها ثلاثة مليارات دولار.

وذكرت وكالتا الأنباء السعودية والإماراتية الرسميتان أن البلدين سيودعان 500 مليون دولار من ذلك المبلغ في البنك المركزي السوداني وسيرسلان بقيته في صورة غذاء ودواء ومشتقات نفطية.

أما مصر فلعبت دوراً دبلوماسياً مهماً لدعم موقف الجيش في السودان؛ إذ استطاعت القاهرة إقناع الاتحاد الأفريقي، الثلاثاء، بتمديد المهلة التي كان منحها للمجلس العسكري من أجل تسليم السلطة للمدنيين من 15 يوماً إلى ثلاثة أشهر.

و قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن قادة أفارقة اتفقوا خلال اجتماع عقدوه في القاهرة، الثلاثاء، على ضرورة إتاحة مزيد من الوقت للمجلس العسكري الحاكم في السودان "لتطبيق إصلاحات ديمقراطية".

يُذكر أن المحتجين السودانيين عبّروا عن مخاوفهم من أن يمضي السودان في نفس الطريق الذي سارت فيه مصر بعد الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك في 2011، وكان من بين هتافاتهم "النصر أو مصر".

وكان الجيش في مصر أزاح مبارك عن السلطة فعلياً بعدما اتضح أن قوات الأمن لم تستطع احتواء احتجاجات الشوارع ضد الزعيم المخضرم.

وبعد عامين قاد وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي بدعم من الإمارات والسعودية الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مصري وصل إلى السلطة عبر انتخابات حرة، وفاز السيسي منذ ذلك الحين في اقتراعين رئاسيين في 2014 و2018، بنسبة 97% في كليهما.

وفي هذا الصدد، يقول الكاتب السوداني فيصل محمد صالح إن "الحراك الشارع لا يأبه للتحركات الخارجية"، مضيفاً أن "هناك إجماعاً بين المحتجين على عدم الترحيب بتدخل الأطراف الدولية والإقليمية في الشأن السوداني، لأنهم لا يريدون للسودان أن يكون جزءاً من أي من المعسكرات الإقليمية والدولية القائمة حالياً".

بزوغ نجم قائد عسكري مقرب من البشير

يعد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، أحد أبرز الأسماء التي برزت خلال الفترة المنصرمة على مسرح الأحداث في السودان، لا سيما بعد ترقيته إلى رتبة فريق وتعيينه نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي.

ويُعرف حميدتي، البالغ من العمر 43 عاماً والذي يتكهن دبلوماسيون غربيون بأنه قد يصبح قريباً الرجل الأقوى في السودان وفقاً لرويترز، بقربه من الرئيس المعزول عمر البشير، الذي اعتمد عليه في إخماد التمردات العسكرية في دارفور شرقي البلاد، الأمر الذي جعل منظمات حقوقية دولية تتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية جنباً إلى جنب مع البشير.

وقالت شخصية معارضة طلبت عن الكشف عن هويتها، الثلاثاء، لرويترز، إن "حميدتي خطط ليصبح الرجل الأول في السودان. لديه طموح بلا حدود".

وبينما تنتشر قوات الدعم السريع التي يرأسها حميدتي في أنحاء العاصمة الخرطوم، يحظى الرجل بدعم من الدول الخليجية العربية التي تعهدت بمليارات الدولارات لدعم السودان منذ الانقلاب.

القاهرة تتزعم الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي (AFP)
TRT عربي
الأكثر تداولاً