تعهّد معارضو الانقلاب في السودان بتصعيد الاحتجاجات إثر أنباء عن مقتل 15 مدنياً في أشدّ الأيام دموية منذ الاستيلاء على السلطة الشهر الماضي (AFP)
تابعنا

أعلن "تجمّع المهنيين السودانيين" الخميس، وجود تسجيلات توثّق تورّط عدد من قوات الشرطة في اغتيال وقنص متظاهرين سلميين.

جاء ذلك في بيان للتجمّع (قائد الحراك الاحتجاجي في البلاد)، عقب ساعات من نفي الشرطة السودانية استخدام العنف ضد المتظاهرين.

وأفاد البيان بأنّ "القوى الثورية لديها تسجيلات واضحة وموثّقة لتورّط عدد من قوات الشرطة بالخرطوم، في الاغتيال والقنص المباشر للثائرات والثوار السلميين".

وأوضح البيان أنّ "مجزرة 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تُعَد جريمة لا تسقط بالتقادم ولن يفلت مرتكبوها من العقاب".

والأربعاء أعلن "تجمع المهنيين السودانيين" في بيان مقتل 15 شخصاً في مواجهة مع القوات الأمنية معظمها بمدينة بحري شمالي الخرطوم للمطالبة بعودة الحكم المدني والتنديد بـ"الانقلاب العسكري".

وفي وقت سابق الخميس قالت الشرطة السودانية إنّها لم تطلق الرصاص على المتظاهرين السلميين، وإنّها التزمت تفريق الاحتجاجات "وفق المعايير الدولية".

وقال المدير العام للشرطة السودانية خالد مهدي في مؤتمر صحفي: "قد تكون جهات أخرى (لم يحدّدها) أطلقت الرصاص على المتظاهرين، واجبنا التحقيق والتحرّي للكشف عنها".

وبعد وفيات الأربعاء الّتي أحصاها مسعفون متعاطفون مع الحركة الاحتجاجية يرتفع العدد الإجمالي للقتلى منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول إلى 39 على أدنى تقدير.

دعوات للتصعيد

وتعهّد معارضو الانقلاب في السودان الخميس بتصعيد الاحتجاجات إثّر أنباء عن مقتل 15 مدنياً في أشدّ الأيام دموية منذ الاستيلاء على السلطة الشهر الماضي، فيما تتصاعد المخاوف من احتمال وقوع مزيد من المواجهات في وقت لا يبدي فيه المجلس العسكري أيّ نيّة للتراجع.

وأثارت أحدث أعمال العنف موجة تنديد من الدول الغربية التي وقفت مساعداتها الاقتصادية للسودان إثر وقوع الانقلاب. وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية لحاجة السودان الملحّة للمساعدات، تتعثّر جهود الوساطة لإيجاد مخرج من الأزمة.

ووصف المتظاهرون سلوك الشرطة في مظاهرات الأربعاء بأنه أشد عدوانية من ذي قبل، في أحدث مؤشر على أن الجيش يرغب في ترسيخ أقدامه وإحكام قبضته. فيما يقول الجيش إن الاحتجاجات السلمية مسموح بها.

واستمرت المواجهات الخميس في ضاحية الخرطوم بحري شمال الخرطوم التي شهدت أسوأ أعمال العنف الأربعاء. وقال شاهد إنّ قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي أثناء إزالتها الحواجز التي نصبها المتظاهرون الذين كانوا يتفرّقون ويعيدون التجمّع.

وقال شاهد في أم درمان على الضفة الأخرى من نهر النيل إنّ القوات تزيل المتاريس وتستخدم الغاز المسيل للدموع وتعتقل المتظاهرين.

وأصدرت مجموعة من لجان المقاومة تعكف على تنسيق الحركة الاحتجاجية في شرق الخرطوم بياناً أعلنت فيه الدخول "في جدول التصعيد المفتوح حتى إسقاط السلطة الانقلابية".

وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) إنّ خدمات الإنترنت تعود بشكل تدريجي. ويؤدى انقطاع خدمات الإنترنت والهواتف منذ الانقلاب إلى تعقيد جهود حشد المتظاهرين.

تنديد وتفاؤل دولي

قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إنّها "لحظة حرجة فعلاً" معبّراً عن إحساس "إيجابي إلى حد ما" محادثات الخرطوم الأخيرة.

وندّدت الأمم المتحدة بتكرار الاستخدام المفرط للقوة ضدّ المتظاهرين السلميين.

وقال المتحدّث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك إنّ المنظمة تدعو السلطات وقوات الأمن للتحلّي بضبط النفس والكفّ عن ارتكاب مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان والإفراج عن كل من جرى احتجازهم منذ الانقلاب.

وقال جوناس هورنر من مجموعة الأزمات (كرايسز جروب): "أساء الجيش فهم مدى تصميم الناس في الشوارع على عودة حكومة بقيادة مدنية".

وقالت الشرطة إنّ 89 من أفراد الأمن أصيبوا وسجّلت وفاة مدني واحد.

وقال أحمد سليمان من مركز "تشاتام هاوس" وهو مؤسسة بحثية "اليأس يتزايد، لكن مرونة حركة الاحتجاج المستمرة تفتح نافذة للأمل في إمكانية التغلب على الانقلاب. لا تزال فرصة لذلك لكنها تتضاءل".

وفي إفادة للصحفيين على متن الطائرة من نيروبي إلى أبوجا ضمن جولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن في إفريقيا ألمح المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية إلى نقطة تدعو للتفاؤل بشأن السودان عندما قال: "يبدو لي أنّ الجميع يريدون سبيلاً للعودة".

وعين البرهان الأسبوع الماضي مجلساً حاكماً جديداً، في خطوة قالت قوى غربية إنّها تعقّد جهود عودة الانتقال إلى الديمقراطية.

وكان المسار الديمقراطي بدأ بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019.

لكن البرهان لم يعين حكومة جديدة حتى الآن، ما يترك على الأقل الباب مفتوحاً أمام احتمال التوصّل إلى حل وسط بشأن إدارة جديدة.

ودعا مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى إعادة رئيس الوزراء المخلوع عبد الله حمدوك، الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله، والإفراج عن المدنيين المحتجزين الآخرين.

وقال بوريل: "في حالة عدم عودة النظام الدستوري فوراً، ستترتّب على ذلك عواقب وخيمة فيما يتعلّق بدعمنا، بما في ذلك الدعم المالي".

ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".

ومقابل اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري يقول البرهان إن الجيش ملتزم استكمال عملية الانتقال الديمقراطي وإنّه اتخذ إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متّهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً