فرنسا تجلي رعاياها من السودان إلى جيبوتي    / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

يترقب السودانيون الثلاثاء تنفيذ اتفاق جرى التوصل إليه برعاية أمريكية لوقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد عشرة أيام من معارك دامية فشلت معها كل محاولات التهدئة.

ويبقى الاختبار تبياناً لمدى التزام الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم بقيادة محمد دقلو المعروف بحميدتي بالاتفاق على الأرض، إذ سبق لهما منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل/نيسان، الإعلان أكثر من مرة عن هدنة، ما لبث كل طرف أن اتّهم الآخر بخرقها.

وفي بيان الاثنين أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن طرفي النزاع وافقا على وقف النار ثلاثة أيام اعتباراً من الثلاثاء.

وقال "عقب مفاوضات مكثفة على مدار الساعات الثماني والأربعين الماضية، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على تنفيذ وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد ابتداء من منتصف ليل 24 أبريل/نيسان، ويستمر لمدة 72 ساعة".

وأضاف "خلال هذه الفترة، تحض الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الالتزام الفوري والكامل بوقف إطلاق النار".

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعمل أيضاً مع شركاء لتشكيل لجنة تتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار في السودان، مؤكداً عزم كل طرف على التزام التهدئة.

وأعلن الجيش في بيان نشر عبر صفحته الخاصة على منصة فيسبوك، أنه سيحترم الهدنة التي جرى التوصل إليها بشرط "التزام" قوات الدعم السريع بها.

وأتى ذلك بعد تأكيد قوات الدعم الاتفاق على "هدنة مخصصة لفتح ممرات إنسانية وتسهيل تنقل المدنيين".

من جانبه قال المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير خالد عمر يوسف لوكالة الصحافة الفرنسية ليل الاثنين "بوساطة أمريكية وتنسيق مع الحرية والتغيير تبدأ منتصف ليل اليوم هدنة لمدة 72 لأغراض إنسانية".

أضاف "خلال هذه الهدنة سيجري حوار حول ترتيبات لوقف نهائي لإطلاق النار. الولايات المتحدة بتنسيق معنا تواصلت مع القوات المسلحة والدعم السريع".

وكان دقلو والبرهان حليفين عندما نفذا انقلاباً في 2021 أطاحا خلاله من الحكم مدنيين كانوا يتقاسمون السلطة معهما، بعد عامين على إطاحة نظام عمر البشير. لكن الصراع على السلطة ما لبث أن بدأ بينهما.

نزاع في "كامل المنطقة"

وأتى إعلان اتفاق وقف النار بعد تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العنف في السودان قد "يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها".

وقال أمام مجلس الأمن إن الوضع في السودان "يواصل التدهور"، مشدداً على ضرورة "أن تتوقف أعمال العنف. إنها تهدد بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها".

وأعرب بلينكن الاثنين عن "قلق بالغ لوجود مجموعة بريغوجين، مجموعة فاغنر (الروسية)، في السودان".

وأتى الإعلان عن وقف إطلاق النار بعدما تسارعت منذ عطلة نهاية الأسبوع، عمليات إجلاء آلاف الرعايا والدبلوماسيين الأجانب بمختلف وسائل النقل البري والبحري والجوي.

غير أن الأمم المتحدة أعلنت الاثنين الإبقاء على عدد من موظفيها في السودان وعلى رأسهم المبعوث الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس، فيما وصل 700 من موظفيها وموظفي السفارات والمنظمات غير الحكومية إلى ميناء بورتسودان بشرق السودان لإجلائهم.

وفتحت الكثير من العواصم الغربية والعربية مسارات آمنة لإخراج الرعايا الأجانب بضمان الطرفين المتصارعين.

وأعلن مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل تمكّن من إجلاء ألف من رعاياه من السودان، وذلك في عمليات "معقّدة وناجحة".

وغالبية من جرى إجلاؤهم من الأجانب هم من الطواقم الدبلوماسية، بينما ينتظر الكثير من المدنيين دورهم للإجلاء جواً، ضمن قوافل حافلات وسيارات رباعية الدفع تنتقل بمواكبة أمنية من الخرطوم نحو قواعد عسكرية خارجها، أو إلى مدينة بورتسودان.

وفي موازاة ذلك، أثار مسؤولون ومحللون مخاوف حيال مصير السودانيين وسط خشية من احتدام المعارك مجدداً عندما ينتهي إخراج الرعايا.

وباتت مغادرة الخرطوم هاجساً يؤرق سكانها البالغ عددهم خمس ملايين، في ظل انقطاع الكهرباء ونقص المؤن.

إلا أن المغادرة ليست سهلة خصوصاً في ظل الحاجة إلى كميات كبيرة من الوقود لقطع المسافة نحو الحدود المصرية شمالاً (زهاء ألف كيلومتر)، أو بلوغ بورتسودان (850 كيلومتراً إلى الشرق) أملاً بالانتقال منها بحراً إلى دولة أخرى.

وحذرت الأمم المتحدة من أنه "في حين يفرّ الأجانب القادرون على ذلك، يزداد تأثير العنف على الوضع الإنساني الحرج أساساً في السودان".

وفيما يشكل المطار الرئيسي في الخرطوم مسرحاً لاقتتال عنيف، مع سيطرة قوات الدعم السريع عليه، تجري عمليات إجلاء عدّة عبر ميناء بورتسودان على البحر الأحمر الواقع على بعد 850 كيلومتراً من العاصمة.

في ما يأتي ملخص عن أبرز الجهود التي تقودها دول عدّة لنقل مواطنيها وموظفيها إلى برّ الأمان.

الولايات المتحدة وكندا

أجلت الولايات المتحدة الأحد نحو 100 شخص، من موظفي سفارتها و"بعض الدبلوماسيين الأجانب" من الخرطوم، في ثلاث مروحيات من طراز "سي إتش- 47 شينوك" أرسلتها من جيبوتي إلى إثيوبيا ثمّ إلى السودان، حيث بقيت على الأرض أقل من ساعة. وشارك في العملية أكثر من مئة عنصر من العمليات الأمريكية الخاصة.

ولا يزال في السودان آلاف المواطنين الأمريكيين، يحمل بعضهم جنسية أخرى.

وأجلت كندا موظفي سفارتها من الخرطوم وفق ما أعلن رئيس وزرائها جاستن ترودو.

دول الاتحاد الأوروبي

أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثنين أن أكثر من ألف من رعايا الاتحاد غادروا السودان في عمليات إجلاء خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقال لصحافيين "كانت عملية معقدة وناجحة".

وللاتحاد بعثة دبلوماسية في الخرطوم على غرار فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا واليونان وتشيكيا.

وأعلنت الخارجية الفرنسية الاثنين إجلاء "400 شخص بينهم مواطنون فرنسيون أعربوا عن رغبتهم في ذلك، فضلاً عن عدد كبير من رعايا دول أخرى، أوروبيون خصوصاً، فضلاً عن أفارقة ومن القارة الأمريكية وآسيا" من السودان، بعدما سيّرت منذ الأحد رحلات جوية عدّة بين الخرطوم وجيبوتي.

وكشفت إيطاليا عن أنها أغلقت سفارتها بعد إجلاء جميع مواطنيها الذين طلبوا مغادرة السودان، وهم "نحو 200 شخص".

وقال وزير الخارجية الهولندي فوبكه هوكسترا إنه جرى إجلاء "حفنة" من الرعايا الهولنديين في طائرة فرنسية، فيما غادرت مجموعة أخرى الخرطوم ضمن قافلة للأمم المتحدة. وغادرت طائرتان تقلان هولنديين نحو الأردن.

وأعلنت ألمانيا إجلاء 300 شخص في ثلاث طائرات بينهم مواطنون وأفراد من جنسيات أخرى، ومن المقرر أن تتبعها طائرة رابعة وفق وزير الدفاع بوريس بيستوريوس.

ولفتت وزيرة الخارجية أنالينا بربوك إلى أن الرحلات الثلاث الأولى حملت مواطنين ألماناً وآخرين "من النمسا وبلجيكا وهولندا والمملكة المتحدة والأردن ودول إفريقية عدة، من بين دول أخرى".

وأجلت طائرة إسبانية 100 شخص، هم ثلاثون إسبانياً وسبعون من أوروبا وأمريكا اللاتينية، من السودان إلى جيبوتي الأحد، وفق ما أعلنت مدريد.

وأعلنت اليونان أنها أجلت الأحد مجموعة أولى من مواطنيها بينهم جريحان إلى جيبوتي "بمساعدة فرنسا"، وأن 10 مواطنين وعائلاتهم غادروا في عملية الإجلاء الإيطالية.

وقالت إيرلندا من جهتها إنها باشرت "عملية إجلاء" رعاياها البالغ عددهم 150 من السودان.

وأرسلت السويد 150 عسكرياً لإجلاء دبلوماسييها ورعاياها من السودان على ما ذكرت وزارة الدفاع.

كما أجلي نحو 25 نمساوياً و9 رومانيين و5 مجريين و21 بلغارياً بمساعدة دول أخرى، وفق ما أعلنت حكومات تلك البلدان الاثنين.

الدول العربية

قالت وزارة الخارجية السعودية إن سفينة آتية من السودان تقل نحو 200 شخص من 14 دولة وصلت إلى مدينة جدة الساحلية مساء الاثنين.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية بأنه جرى حتى الآن إجلاء 356 شخصاً إلى المملكة من السودان هم 101 سعودي و255 أجنبياً من أكثر من 20 دولة.

من جهتها أفادت الخارجية المصرية مساء الأحد بإجلاء 436 مواطناً من السودان براً "بالتنسيق مع السلطات السودانية"، بعد إجلائها 177 عسكرياً الأسبوع الماضي.

أعلن الأردن الاثنين عودة 20 من رعاياه جرى إجلاؤهم على متن طائرة ألمانية. ووصلت أربع رحلات جوية في الليلة السابقة على متنها 343 راكباً هم أردنيون وفلسطينيون وعراقيون وسوريون وألمان.

وأعلنت بغداد الأحد "إجلاء 14 عراقياً من الخرطوم إلى موقع آمن في منطقة بورتسودان" مؤكدة أن الجهود تتواصل لإجلاء آخرين بعدما أشارت السبت إلى أن موظفي السفارة العراقية غادروا الخرطوم.

وأعلنت الخارجية اللبنانية إجلاء 52 شخصاً فجر الاثنين من بورتسودان على متن سفينة للبحرية السعودية إلى جدة.

وقالت السفارة الليبية في الخرطوم الجمعة إنها أجلت 83 ليبياً من الخرطوم ونقلتهم إلى بورتسودان.

وأعلنت السلطات الجزائرية الاثنين أنها أجلت طاقم سفارتها وعدداً لم تحدده من مواطنيها.

وكشفت موريتانيا الاثنين أنها أجلت 101 من مواطنيها إلى السعودية.

وجرى إجلاء أكثر من 200 مغربي إلى بورتسودان لإعادتهم إلى بلدهم.

الدول الإفريقية

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 800 ألف لاجئ من جنوب السودان، فروا إلى السودان هرباً من الحرب في بلادهم، بصدد العودة بأنفسهم.

وتسعى تشاد لإرسال طائرات لإعادة 438 من رعاياها يغادرون الخرطوم على متن حافلات إلى بورتسودان قبل إجلائهم بطائرات، حسب الحكومة.

وتعتزم نيجيريا المباشرة بإجلاء قرابة 3000 من مواطنيها، غالبيتهم طلاب على متن حافلات إلى مصر اعتباراً من صباح الثلاثاء، وفق مسؤولين. ويقدر المسؤولون عدد الرعايا النيجيريين الساعين للمغادرة بنحو 5000.

أعلنت دولة جنوب إفريقيا أنها بدأت إجلاء عشرات من مواطنيها العالقين في السودان. وكان الرئيس سيريل رامابوزا قد قال إن 77 مواطناً عالقون في ذلك البلد.

وكشفت النيجر الاثنين أن فرنسا أجلت 38 نيجيرياً هم دبلوماسيون ومتدربون، أي "أكبر مجموعة من الأجانب، باستثناء الأوروبيين، أعادهم الفرنسيون إلى بلدهم". وغادر 47 من رعايا ساحل العاج الخرطوم براً نحو القاهرة.

المملكة المتحدة والنرويج وسويسرا

أكدت المملكة المتحدة أنها تبذل "كل ما بوسعها" لإجلاء مواطنيها من السودان في وقت قال عدد منهم إنهم يشعرون بأنهم "تُركوا لمصيرهم".

وكان وزير الخارجية البريطاني قد دافع عن قرار إعطاء الأولوية في عملية عسكرية ليلية لإجلاء موظفي السفارة وعائلاتهم مشيراً إلى "تهديد محدد جداً للمجتمع الدبلوماسي".

وأعلنت النرويج من جهتها إجلاء دبلوماسييها من الخرطوم.

وأفادت سويسرا بإجلاء سبعة من موظفي سفارتها وأفراد عائلاتهم بمساعدة فرنسا.

تركيا

بدأت أنقرة عملياتها فجر الأحد حيث نقلت نحو 1380 من رعاياها براً من اثنين من أحياء الخرطوم ومدينة ود مدني الجنوبية.

-آسيا

أعلنت كوريا الجنوبية الاثنين إجلاء 28 من مواطنيها من السودان. وكانت سيول واليابان قد أعلنتا الجمعة إرسال طائرات عسكرية لإجلاء رعاياهما.

كما أفادت الهند الاثنين بأن 500 من مواطنيها وصلوا إلى بورتسودان وأن "آخرين في طريقهم" إلى المدينة الساحلية.

وذكرت إندونيسيا أن 43 من رعاياها لجؤوا إلى مجمع السفارة في الخرطوم، مؤكدة أن الحكومة "تتخذ كل الإجراءات الضرورية لإجلاء الرعايا الإندونيسيين من السودان".

وأعلنت الصين إجلاء أول دفعة من مواطنيها الذين يقدر عددهم بأكثر من 1500 في السودان.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً