أوضاع الصحافة والصحفيين في مصر تمر بفترة صعبة في ظل شنّ النظام "أشرس حملة قمع" ضد الصحفيين، وفق منظمات دولية (Reuters)
تابعنا

أثارت الخطوات التي اتخذتها السلطات المصرية مساء الثلاثاء، باقتحام مكتب وكالة الأناضول التركية في القاهرة وتوقيف 4 من العاملين فيه، ردود فعل واسعة سواءً من قِبل الدول والحكومات أو المنظمات الدولية، منها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومراسلون بلا حدود، التي استنكرت ما قام به الأمن المصري، واعتبرته مؤشراً جديداً على تردي أوضاع الصحافة في بلد يتذيل قائمة دول العالم في حرية الصحافة والصحفيين.

وتسلّط الواقعة الضوء على تردي أوضاع الصحافة في مصر وتضييق السلطات المتزايد على الصحفيين، في "أشرس حملة قمع يتعرّض لها الصحفيون منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم عام 2014"، وفقاً لتوصيف منظمة مراسلون بلا حدود.

أبرز ردود الفعل

قوبلت إجراءات السلطات المصرية الأخيرة بردود فعل مستنكرة من حكومات ومنظمات دولية ومؤسسات إعلامية، أعربت كلها عن رفضها سلوك النظام المصري في التعامل مع العاملين بمؤسسة صحفية عريقة مثل وكالة الأناضول.

من جهتها أدانت وزارة الخارجية التركية "بشدة" اقتحام الشرطة المصرية لمكتب وكالة الأناضول في القاهرة وتوقيفها بعض العاملين هناك. وذكرت الوزارة في بيان صادر عنها الأربعاء، أنها تنتظر من السلطات المصرية إخلاء سبيل عاملي مكتب الأناضول بالقاهرة على الفور.

وأضافت: "إن مداهمة قوات الأمن المصرية مساء أمس لمكتب وكالة الأناضول في القاهرة، وتوقيف بعض عامليه دون ذريعة، يعد تضييقاً وترهيباً ضد الصحافة التركية، وندينه بشدة".

وأصدرت وكالة الأناضول بدورها الخميس، بياناً، طالبت فيه السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن العاملين بمكتبها في القاهرة، مؤكدةً نهجها المهني في التغطية الإخبارية لكل الأحداث والقضايا، بما فيها الشأن المصري.

وشدد البيان أن "وكالة الأناضول التي فرضت نفسها بمهنيتها المشهود لها كواحدة من أقوى وكالات الأنباء في العالم، تعتمد المعايير المهنية في تغطيتها للشأن المصري؛ إذ تحرص على عرض كافة وجهات نظر الأطراف المعنية سواءً السلطة أو المعارضة، بدقة وأمانة وبلا أي منحى سلبي أو غرض تشويهي على الإطلاق".

كما دعت وزارة الخارجية الأمريكية الأربعاء السلطات المصرية إلى الإفراج عن موظفي وكالة الأناضول الموقوفين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في تصريحِ مكتوب للأناضول: "نحن على دراية بالأخبار المذكورة، وإن كانت صحيحة، فإننا ندعو السلطات المصرية للإفراج عن الصحفيين (موظفي الأناضول) الموقوفين، والسماح بنشاط الإعلام الحر والصريح".

وبالمثل، أعربت وزارة الخارجية الألمانية، الخميس عن قلقها من الواقعة واعتبرت، في بيان، مداهمة مكتب الأناضول "واحدة من سلسلة الاعتداءات ضد ممثلي الإعلام المصري والأجنبي في مصر".

أمّا فيما يتعلق بالمؤسسات الدولية، فقد طالب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك السلطات المصرية بإطلاق سراح الموقوفين. وقالت المفوضية الأوروبية إنها تتابع تطورات اعتقال موظفي الأناضول في مصر، مؤكدةً "ضرورة تمكين الصحفيين من مزاولة عملهم دون عوائق".

واعتبرت منظمة "مراسلون بلا حدود" الخميس، ما وصفته بـ"استخدام السلطات المصرية الصحفيين سلاحاً في الخلافات الدبلوماسية، واحتجازهم رهائن، أمراً لا يمكن قبوله".

ويبدو أن ردود الفعل تلك وغيرها، دفعت السلطات المصرية إلى التراجع عن موقفها، إذ أفرجت القاهرة الخميس، عن أحد موظفي الوكالة الأربعة الموقوفين، وهو المواطن التركي حلمي بالجي، ما أكّده رئيس مجلس إدارة وكالة الأناضول شنول قازانجي. وقال قازانجي: "ننتظر الإفراج عن باقي موظفينا بكفالة".

كما نقلت رويترز عن مكتب النائب العام المصري الخميس، قراره بالإفراج عن جميع المحتجزين بكفالات مالية.

"أشرس حملات القمع ضد الصحفيين"

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إن السلطات المصرية بدأت مؤخراً شن "حملة القمع الأكثر شراسة ضد الصحفيين في مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام السلطة".

وأشارت المنظمة إلى انضمام الصحفيين "سلافة مجدي وحسام الصياد ومحمد صلاح وأحمد شاكر إلى قائمة الصحفيين المستهدفين في أكبر موجة من الاعتقالات"، وذلك بعد إلقاء القبض عليهم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لافتة إلى أن "سلافة مجدي وحسام الصياد ومحمد صلاح من المقربين من إسراء عبد الفتاح، القابعة رهن الاحتجاز منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول".

ووثّقت "مراسلون بلا حدود" اعتقال وتوقيف "ما لا يقل عن 22 صحفياً منذ بدء الحراك الاحتجاجي في سبتمبر/أيلول الماضي، علماً أنه جرى إخلاء سبيل ثمانية فقط من هؤلاء".

في السياق ذاته، قالت المسؤولة عن مكتب الشرق الأوسط في المنظّمة صابرين النوي إن "الاعتقالات في صفوف الصحفيين تتوالى بوتيرة غير مسبوقة منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة"، مضيفة أن "هذه الموجة من القمع تثير العديد من المخاوف، لا سيما وأنها تتواصل حتى بعد إخماد السلسلة الأخيرة من الاحتجاجات الشعبية".

وخلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، طالت ملاحقات السلطات الأمنية موقع مدى مصر الذي يُعد أحد المنصات الإعلامية المستقلة القليلة في البلاد، واعتقلت الشرطة أربعة من صحفيي الموقع الإخباري على خلفية نشرهم مقالاً تحدّث عن تنامي نفوذ نجل الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وتحتل مصر المرتبة 163 من أصل 180 دولة، على قائمة التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق من 2019. كما تحجب السلطات المصرية منذ 2017، أكثر من 500 موقعٍ إلكتروني، معظمها مواقع صحفية وتابعة لمنظمات مجتمع مدني.

ووفقاً للجنة حماية الصحفيين الدوليين، يقبع أكثر من 26 صحفياً حالياً داخل السجون المصرية لأسباب تتعلق بتأديتهم عملهم.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً