مهاجرون يغادرون تركيا متوجهين إلى أوروبا بعد إعلان الأولى فتح الحدود أمامهم (AA)
تابعنا

أجبرت الأوضاع المتأزمة في سوريا ونزوح مئات الآلاف من السوريين، تركيا على فتح أبواب هجرة اللاجئين من الجنسيات كافة إلى أوروبا، تاركة لهم الخيار بين البقاء والرحيل، ليصل عدد اللاجئين الذين غادروا الحدود التركية نحو أوروبا أكثر من 80 ألفاً حتى ظهر الأحد، حسب بيان للرئاسة التركية.

وعدلت تركيا سياستها، فهي لن تمنع اللاجئين من مغادرتها، حسب بيان للرئاسة التركية بررت فيه تصرفها "بمحدودية مواردها وموظفيها".

وأكّدَت الرئاسة أن أنقرة تواصل تطبيق "الحماية المؤقتة" للسوريين في البلاد، مشيرة إلى أنه لم يُطلب من أي سوري المغادرة؛ "إذا اختاروا البقاء فيمكنهم ذلك، وإذا اختاروا المغادرة فيمكنهم ذلك أيضاً".

والسبت قال الرئيس رجب طيب أردوغان أن بلاده ستُبقِي أبوابها مفتوحة أمام اللاجئين الراغبين في التوجه إلى أوروبا، مؤكّداً أن تركيا لا طاقة لها باستيعاب موجة هجرة جديدة، فيما صرح متحدث "العدالة والتنمية" التركي عمر جليك الجمعة، بأن سياسة بلاده بخصوص اللاجئين لم تتغير، لكنها الآن ليست في وضع يجعلها قادرة على ضبط حركة اللاجئين.

ورأى الصحفي والكاتب السوري إبراهيم العلبي في مقال له على TRT عربي، أن هذه التغيرات "جاءت في سياق إجراء لا يعكس تغييراً في سياسة البلاد نحو ملفّ الهجرة واللجوء، بقدر ما يعكس قراءة أنقرة للتطورات الأخيرة شمالي سوريا، ورغبتها في لفت نظر العالم إلى حجم المسؤوليات التي تضطلع بها وحيدة، وكيف يمكن أن تغدو الأوضاع ما لم يوفِ المجتمع الدولي بالتزاماته".

تزايد الأعداد

وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قد قال في تغريدة على تويتر، إن "76 ألفا و358 مهاجراً غير نظامي غادروا من أدرنة باتجاه الدول الأوروبية حتى الساعة 09:55 بالتوقيت المحلي من صباح الأحد"، مضيفاً أن "تركيا فتحت الحدود أمام اللاجئين، فمن أراد أن يبقى فليبق، ومن أراد أن يرحل فليرحل".

ظروف صعبة للمهاجرين

لم يثبط الطقس البارد والأمطار عزيمة المهاجرين، ولا السياج الشائك ولا حرس الحدود اليوناني وعبواته المسيلة للدموع، إذ قال لـTRT عربي أحد المهاجرين السوريين الذين هاجروا من إسطنبول، إن عائلته نزحت إلى أوروبا، ولم يستطع وشقيقته إخراج فيزا، ورغب في الالتحاق بعائلته عند سماعه بفتح الحدود.

من جانبه عبّر مهاجر فلسطيني عن استيائه من معاملة الأمن اليوناني للاجئين، قائلاً لـTRT عربي، إن "ما حصل معنا اليوم ذكّرني بمعاملة الاحتلال الإسرائيلي لنا في قطاع غزة"، وأضاف: "هذه هي أوروبا التي تدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، لا يوجد من هذا الكلام".

ويرغب المهاجرون بتأمين مستقبل أبنائهم بعد معاناتهم في بلادهم، ويعبر آلاف المهاجرين من الجنسيات كافةً الحدود نحو أوروبا، لكن حرس الحدود اليوناني واجههم بقنابل الغاز المسيلة للدموع، في الوقت الذي استطاع فيه مهاجرون آخرون فك السلك الشائك.

وأكّد وائل الحجار مراسل TRT عربي على الحدود التركية-اليونانية، أن المهاجرين ما زالوا يتوافدون في ساعات الصباح الباكر إلى المنطقة العازلة بين تركيا واليونان، قرب معبر بازار كولة في ولاية أدرنة التركية، وينتشرون في كل أرجاء المنطقة بانتظار التحرك إلى الحدود ليحاولوا العبور".

وأضاف "ينجح كثيرون في العبور على الرغم من استخدام حرس الحدود اليوناني القنابل المسيلة للدموع في محاولة لصدّ تقدُّمهم، وسُجّلَت حالات عبور عديدة إلى اليونان من مختلف الجنسيات، بينهم سوريون وأفغان وإيرانيون وأفارقة وعرب، هرباً من الأوضاع الإنسانية المتأزمة في بلادهم".

مخاطر الموت بقنابل الأمن

وقضى كثير من المهاجرين الليلة الماضية في المناطق الحراجية المحيطة، حيث أنشأ كثير منهم خياماً بلاستيكية، خصوصاً الأسر التي لديها أطفال، كما أشعل عدد من المهاجرين النيران للتدفئة.

ولم يعدُ اللاجئون يخافون الموت برداً أو غرقاً، بل باتت مقاومة الأمن اليوناني لهم على رأس مخاوفهم، ففي بعض الأحيان يستهدف الأمن المهاجرين بقنابل الغاز والصوت، وعلى الرغم من ذلك يواصل آلاف المهاجرين الانتظار في المنطقة العازلة على أمل فتح السلطات اليونانية أبوابها أمامهم.

وأسعفت الطواقم الطبية التركية مهاجرين أصابتهم كبسولات غاز وقنابل صوتية أطلقتها قوات أمن اليونان عليهم على الحدود، أدّت إلى إصابة 3 أشخاص، نُقلوا عبر طواقم إسعاف تركية إلى مستشفى "مراد الأول" الحكومي بولاية أدرنة.

وفي ما يخصّ الوضع الإنساني أفاد مراسل TRT عربي بوجود جمعيات إغاثية تركية تقدّم مساعدات للنازحين كالطعام واحتياجات أخرى، بالإضافة إلى مندوبين عن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة".

وأحصت جمعية "حقوق اللاجئ" الدولية عشرات الآلاف في هذه المنطقة، وبعدما أجرت مقابلات مع عديد من المهاجرين، خلصت إلى أن دافع هؤلاء إلى الهجرة، هو عدم تطبيق وضعية اللاجئ عليهم والحماية الدولية، ويلاقون ردّاً عنيفاً من سلطات الحدود اليونانية التي تطلق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع.

صمت دولي

سياسيّاً، طالب الرئيس التركي بحلول عملية لمشكلة المهاجرين، وربط الأمر بعدم قدرة المجتمع الدولي على وقف هجمات النظام السوري التي ستعمّق الأزمة الإنسانية.

وأضاف أن "ضغط اللاجئين على حدودنا مع سوريا يزيد ضغط المهاجرين على حدودنا مع أوروبا، فتركيا تستضيف 3.7 مليون سوري، ولا طاقة لنا لاستيعاب موجة هجرة جديدة"، في الوقت الذي لفت فيه إلى أن تركيا لن تغلق الحدود أمام طالبي الهجرة إليها.

ويرى أردوغان أن الحلّ المنطقي هو إنشاء منطقة آمنة لأكثر من مليون مدني سوري على حدود تركيا الجنوبية، مؤكداً أن تركيا لم تعُد تثق بالوعود الأوروبية بشأن تقديم المساعدات للاجئين.

وأوضح: "قلنا إننا سنفتح الأبواب أمام اللاجئين، لم يصدّقونا، فتحنا الأبواب، والآن يوجد قرابة 18 ألف لاجئ على البوابات الحدودية، ويُتوقع أن يصل العدد اليوم إلى 25 ألفاً".

أما المجتمع الدولي فما زال يقف متفرجاً أمام تدفُّق اللاجئين إلى تركيا، محمّلاً إياها عبئاً كبيراً وحدها، ووسط هذه الأزمة شكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا إزاء مساعدتها اللاجئين السوريين، مؤكّداً تضامن بلاده الكامل مع تركيا بهذا الخصوص.

أما اليونان التي تقاوم جاهدةً تدفُّق اللاجئين، فطلبت السبت عقد اجتماع عاجل لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة مشكلة الهجرة غير النظامية التي تواجهها.

وأفادت وسائل إعلام أوروبية بأن وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس أجرى اتصالات هاتفية مع نظرائه في النمسا وبلغاريا وشمال مقدونيا والسفير الأمريكي في أثينا، بحث معهم المشكلة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً