الاحتجاجات العراقية تشهد تطورات مهمة أبرزها اغتيال ناشط في كربلاء، واعتراف الحشد الشعبي بإطلاق مسلحي الفنار في مجزرة الخلاني (Reuters)
تابعنا

تشهد الاحتجاجات العراقية المستمرة منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تطورات مهمة، فبالتزامن مع اغتيال ناشطٍ في كربلاء، اعترف "الحشد الشعبي" للمرة الأولى بإطلاق النار الجمعة، في ساحة الخلاني التي شهدت مجزرة سقط فيها 25 قتيلاً.

استهداف النشطاء

اغتال مسلحان مجهولان مساء الأحد، ناشطاً في الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة وسط مدينة كربلاء جنوبي العراق، وفق ما أفاد مصدر أمني.

وقال المصدر وهو ضابط شرطة برتبة نقيب لوكالة الأناضول، إن "مسلحين مجهولين أطلقا النار من مسدسين مزودين بكاتمين للصوت على الناشط في الاحتجاجات فاهم الطائي في منطقة البارودي وسط مدينة كربلاء".

وأضاف أن "الطائي لقي حتفه في موقع الحادث جرّاء إصابته بعدة طلقات نارية، إحداها كانت في منطقة الصدر".

وأشار المصدر الأمني إلى أن منطقة البارودي التي قُتِل فيها الناشط محصّنة أمنياً لقربها من أضرحة مقدسة لدى الشيعة، إذ تتولى نقاط تفتيش أمنية تدقيق هوية الداخلين إلى هذه المنطقة على مدار الساعة.

وأظهر مقطع مصور من كاميرا مراقبة جرى تداوله إعلامياً على نطاق واسع، ما قيل إنه الطائي وهو يترجل من دراجة نارية قبل أن يقترب منه شخصان ملثمان يستقلان دراجة نارية، ويطلقا عليه النار من مسدسين مزودين بكاتمين للصوت.

ويأتي الحادث بعد ساعات من إصابة الأستاذ الجامعي وعضو تنسيقية كربلاء للحراك المدني مهند الكعبي بانفجار عبوة ناسفة ثبتها مجهولون بسيارته في مدينة كربلاء.

ووقع الحادثان وسط دعوات من ناشطين لتنظيم مسيرة بدءاً من الثلاثاء، للسير من كربلاء صوب بغداد في إطار دعم الاحتجاجات المناهضة للحكومة والأحزاب الحاكمة.

وتتكرر حوادث استهداف الناشطين في الاحتجاجات، إذ كان آخرها قتل المصور الصحفي أحمد المهنا طعناً بآلة حادة واختطاف المصور زيد محمد الخفاجي الجمعة، في بغداد.

وتعهدت الحكومة مراراً بملاحقة من يقفون وراء عمليات قتل واختطاف الناشطين، دون نتائج تذكر حتى الآن.

"الحشد الشعبي" يقر بإطلاق النار

أقر "الحشد الشعبي" إطلاق مسلحيه النار ليلة الجمعة في ساحة الخلاني والمنطقة المحيطة بها وسط بغداد، لكنه قال إن مسلحي "الحشد" تدخلوا استجابة لاستنجاد متظاهرين تعرضوا للاعتداء من "مخربين" وإنهم اشتبكوا مع مسلحي "سرايا السلام" الموالين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وهذه المرة الأولى التي يقر فيها الحشد الشعبي بوجود مسلحيه في مواقع تجمع المحتجين، إذ كان أكّد على مدى الأسابيع الماضية أن مسلحيه لا يُكلّفون بمهام حفظ الأمن أو غير ذلك في مواقع التظاهرات.

ويتكون الحشد من فصائل مسلحة شيعية في الغالب، وهو رسمياً قوة تابعة للدولة، لكن مراقبين يرون أنها لا تأتمر بأوامر الحكومة وإنما قادتها الذين يرتبط البعض منهم بصلات وثيقة مع إيران.

وقال الحشد في بيان نشره على موقعه الإلكتروني إن "مجاميع ملثّمة كانت تخطط لاستفزاز المتظاهرين ومنعهم من الوجود قرب بناية مرآب السنك (القريب من ساحة الخلاني)، وقد تعرّض عدد من السلميين إلى الاعتداء بالسكاكين والأدوات الجارحة وقنابل المولوتوف لحرق المكان.. وكذلك خُطِف ثلاثة وعشرون متظاهراً سلمياً".

وأضاف البيان: "استنجد عدد من الموجودين هناك بالقوات الامنية والحشد الشعبي فاستجاب أبناء الحشد للتدخل نتيجة الفراغ الأمني وغياب سلطة الدولة، غير أن إطلاق نار كثيف وُجِّه صوب المتظاهرين ومجموعة الحشد، ما أوقع عدداً من الضحايا ليتطور الموقف إلى صدامات متقابلة لإنقاذ المتظاهرين المخطوفين وكذلك المحاصرين داخل المرأب".

وتابع البيان: "حينها قام المخربون بنقل المختطفين إلى بناية المطعم التركي (ساحة التحرير)، مع انشغال أبناء الحشد بإنقاذ المحاصرين في المرأب ونتيجة الوجود الكثيف لسرايا السلام وما يُعرف بالقبعات الزرق وبعضهم يحمل السلاح ومع غياب التنسيق اشتبك الجميع بالنيران، مما عقّد المشهد وتسبب في سقوط عدد من الضحايا من الطرفين.. عندها تدخلت القيادات الأمنية وقيادات الحشد بالتواصل مع جميع الأطراف، وعُقِد اجتماعٌ بين قيادات سرايا السلام مع الأمن الوطني وقيادة عمليات بغداد، انتهى بالاتفاق على سحب قوات السرايا والقوة التي تدخلت لإنقاذ المختطفين".

وأكّد الحشد أن "المجاميع المخربة والداعمة لها قد اختطفت التظاهرات السلمية، وباتت أرواح السلميين في خطر، مما أدّى إلى تحول المجاميع المسلحة إلى عقبة أمام تحقيق المطالب المشروعة".

وكان مسلحون ملثمون يستقلون سيارات مدنية رباعية الدفع قد اقتحموا ليل الجمعة، ساحة الخلاني وسط بغداد وبدأوا بإطلاق الرصاص الحي بصورة عشوائية على المتظاهرين هناك، ما أسفر عن مقتل 25 شخصاً وإصابة 120 آخرين بجروح.

واتهم ناشطون في الاحتجاجات فصائل الحشد الشعبي بالوقوف وراء الهجوم.

وجاء الحادث بالتزامن مع فرض الولايات المتحدة عقوبات على ثلاثة من قادة فصائل الحشد بينهم قيس الخزعلي زعيم "عصائب أهل الحق".

ومنذ بدء الاحتجاجات في العراق، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سقط 485 قتيلاً وأكثر من 17 ألف جريح، وفق إحصائية أعدتها وكالة الأناضول استناداً إلى أرقام مفوضية حقوق الإنسان الرسمية المرتبطة بالبرلمان ومصادر طبية وأمنية.

والغالبية العظمى من الضحايا هم من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل "الحشد الشعبي"، حسب المتظاهرين وتقارير حقوقية دولية، إلا أن "الحشد الشعبي" ينفي أي دور له في قتل المحتجين.

ورغم استقالة حكومة عادل عبد المهدي، والتي كانت مطلباً رئيسياً للمحتجين، لا تزال التظاهرات متواصلة وتطالب برحيل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم البلاد منذ إسقاط نظام صدام حسين والغزو الأمريكي عام 2003.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً