المتظاهرون العراقيون خرجوا تنديداً بالأوضاع الاقتصادية الصعبة والبطالة والفساد (Reuters)
تابعنا

شهدت ساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد، الثلاثاء، تجمُّع مئات المواطنين في مظاهرات، والذين خرجوا احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية وطالبوا بالإصلاح وتوفير الخدمات وفرص العمل. في المقابل، استخدمت قوات الأمن العنف من أجل تفريق المتظاهرين، ما أسفر عن وقوع قتلى ومصابين تتضارب التصريحات حول أعدادهم.

مظاهرات عفوية

خرجت مظاهرات الثلاثاء، في بغداد، بشكل عفوي استجابة لدعوات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، "تنديداً بسوء الأوضاع المعيشية والبطالة واستشراء الفساد والمحسوبية في ما يتعلق بالتعيينات الحكومية". ولم تعلن قوى أو تيارات سياسية بعينها نيتها المشاركة في الاحتجاجات، التي طغى عليها الطابع الاقتصادي.

قوات مكافحة الشغب من جانبها، ردّت باستخدام خراطيم المياه وقنابل الغاز والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين الذين حاولوا عبور جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث توجد مقار حكومية ووزارات.

ووفقاً لشهود عيان نقلت عنهم صحيفة الإندبندنت البريطانية، لم تتجاوز أعداد المشاركين في التظاهرات 3000 شخص، إلا أن رد الأمن "العنيف" على المظاهرات قد يكون تسبب في حالة من السخط دفعت بأعداد أكبر من المواطنين للمشاركة في الاحتجاجات.

ويرجّح تقرير الإندبندنت أن يكون تخوف السلطات من ردة فعل شعبية كبيرة السبب وراء تضارب أرقام القتلى والمصابين بين الإحصاءات الرسمية وتلك الصادرة عن منظمات حقوقية أو شهود عيان. فبينما أعلنت وزارة الصحة العراقية عن مصرع شخص واحد وإصابة نحو 200، بينهم 40 من أفراد الأمن، أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، الأربعاء، أن حصيلة ضحايا المظاهرات بلغت أكثر من 260 مصاباً وقتيلين. في المقابل، أفاد شهود عيان تواصلت معهم الإندبندنت بأن عدد القتلى وصل إلى 10 على الأقل.

المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور سيف البدر ومن ساحة التحرير وسط بغداد متكلما عن جهود ملاكات وزارة الصحة المختلفة في إسعاف وعلاج الإصابات التي وردت الى مؤسسات الوزارة

Posted by ‎وزارة الصحة العراقية‎ on Tuesday, 1 October 2019

تداعيات الاشتباكات

أفاد مراسل TRT عربي في بغداد رائد المعموري بأن الاشتباكات ووقوع ضحايا كان لهما تداعيات مهمة على المستويين المحلي والدولي.

على الصعيد الداخلي، دعا رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح قوات الأمن لضبط النفس وعدم المساس بالمواطنين، الذين شدد على حريتهم في التظاهر والتعبير السلمي عن مطالبهم.

أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي كان أنصاره شاركوا من قبل في احتجاجات منددة بالظروف الاقتصادية والفساد، ما ساهم في إنهاء حكم رئيس الوزراء السابق حيدر البغدادي، فقد طالب السلطات عبر تغريدة على تويتر بـ"فتح تحقيق عادل" للوقوف على ما حدث في ساحة التحرير.

من جهته، أعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن "فتح تحقيق فوري في سقوط ضحايا من المتظاهرين والقوات الأمنية خلال الاحتجاجات في بغداد وعدة محافظات". وأضاف عبد المهدي، في بيان أصدرته الحكومة "لا نفرّق بين المتظاهرين الذين يمارسون حقهم الدستوري في التظاهر السلمي وبين قواتنا الأمنية الذين يؤدون واجبهم بحفظ أمن المتظاهرين وأمن الوطن".

وتابع "لكننا نميز بوضوح بين ضحايانا سواء من المتظاهرين السلميين أو قواتنا الأمنية البطلة التي تحميهم، وبين المعتدين غير السلميين الذين رفعوا شعارات يعاقب عليها القانون تهدد النظام العام والسلم الأهلي وتسببوا عمداً بسقوط ضحايا من المتظاهرين الأبرياء ومن قواتنا الأمنية"، من دون تحديدهم.

ولفت رئيس الوزراء العراقي إلى أنه شكّل في وقت مبكر سبق التظاهرات لجاناً لاستلام جميع المطالب الشعبية والعمل على تلبيتها وفق القانون، وستواصل هذه اللجان عملها بجدية. ودعا لـ"التهدئة وتفويت الفرصة على المتربصين" بالعراق وشعبه.

على الجانب الآخر، قال مراسل TRT عربي إن المتظاهرين الذين خرجوا في مظاهرات مبكرة، فجر الأربعاء، "رفعوا سقفهم من المطالبة برفع مستوى المعيشة وتوفير الخدمات ومحاربة الفساد إلى إسقاط النظام وحل الحكومة"، مضيفاً أنه على الرغم من وعود عبد المهدي، فإن المحتجين "لا يبدو أنهم يثقون في تلك الوعود ويطالبون بتشكيل حكومة إنقاذ وطني".

على الصعيد الدولي، أعربت الأمم المتحدة، الأربعاء، عن قلقها إزاء ما حدث، إذ قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، في بيان، "نعرب عن قلقنا البالغ إزاء العنف الذي رافق بعض المظاهرات في بغداد ومحافظات أُخرى".

وأبدت الممثلة الأممية "بالغ الأسف لوقوع ضحايا بين المتظاهرين والقوات الأمنية"، مجددة "التأكيد على الحق في الاحتجاج"، كما شددت بلاسخارت على أن "لكل فردٍ الحق في التحدّث بحريةٍ بما يتماشى مع القانون".

ودعت القوات الأمنية لـ"ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات لضمان سلامة المتظاهرين السلميّين مع الحفاظ على القانون والنظام وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة".

تشديدات أمنية

شددت أجهزة الأمن العراقية، صباح الأربعاء، من إجراءاتها في مختلف مناطق العاصمة بغداد، وقطعت طرقاً حيوية وجسوراً مؤدية إلى "ساحة التحرير". وتتزامن هذه الإجراءات مع تجمع مئات في ساحتي التحرير والطيران وسط بغداد، ومع انطلاق تظاهرة أخرى في منطقتي الزعفرانية والشعب.

ومن بين الطرق التي أغلقتها الأجهزة الأمنية، الطريق المؤدية إلى جسري الجمهورية والسنك المؤديين إلى ساحتي الطيران والتحرير، وفقاً لوكالة الأناضول. كما أغلقت قوات الأمن جسر الزعفرانية باتجاه معسكر الرشيد، وتقاطع سوق شلال باتجاه ديالى، وتقاطع منطقتي الشعب والحسينية، وتقاطع البلديات قرب معمل الأسمنت وكرادة مريم.

وأحرق المحتجون إطارات فارغة في بعض مناطق العاصمة، فيما انتشرت قوات الجيش ومكافحة الشغب بشكل واسع في المناطق المحيطة بساحة التحرير.

TRT عربي
الأكثر تداولاً