من المقرر أن يزور الرئيس الأمريكي تركيا بعد شهر من جولته الأوروبية المقررة في يونيو/حزيران القادم (AA)
تابعنا

بالتزامن مع تمسكها باتفاقية منظومة S-400 الدفاعية مع روسيا، تسعى تركيا إلى الحفاظ على علاقاتها التي ما زالت تصفها بـ"الاستراتيجية" مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحاول ممارسة ضغوط على أنقرة للتخلي عن هذه الصفقة واستبدالها بمنظومة باتريوت أمريكية الصنع.

على الرغم من التصريحات الأمريكية المتقلبة، وفي ظل لهجة تصعيدية تُطلقها واشنطن بين الفينة والأخرى، إلا أنّ المستويات السياسية والعسكرية في تركيا استطاعت الحفاظ على خطاب واحد في إطار الموقف المبدئي الذي اتخذته فيما يتعلق بصفقة S-400، وظلّت تؤكد على أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة، وعمقها، والكشف عن توفر إرادة تركية لتعميقها على صعيد سياسي، وأمني، واقتصادي.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبّر غير مرّة عن تمسك بلاده بالاتفاقية المُبرمة مع روسيا وأكد، رغم التصريحات الأمريكية، أن "شراء تركيا منظومة S-400 الدفاعية من روسيا لا رجعة فيه".

وأضاف "تركيا ستشترك أيضاً مع موسكو في إنتاج منظومة الدفاع S-500"، مشيراً إلى أن المنظومة الروسية لا تشكل أي خطر على الولايات المتحدة وحلف الناتو.

أمسكت تركيا العصا من المنتصف، فمن جهة لم تستكن أمام التصريحات الأمريكية الهادفة لعرقلة اتفاقيتها مع روسيا، ملوّحة بوقف برنامج مقاتلات F-35 التي تشارك تركيا بتصنيعها، وسعت إلى الحفاظ على علاقاتها بواشنطن وحلف الناتو. من جهة أخرى، وعبر القنوات الدبلوماسية المختلفة حالت دون وقف مشروع F-35 رغم التصعيد.

فيما يتعلق بمشروع مقاتلات F-35، فقد شهد المشروع حالة شد وجذب استمرت عدّة أشهر، ترنّحت خلالها المواقف الأمريكية، واختلفت، ففي الوقت الذي قالت فيه واشنطن صراحة إنها تدرس إيقاف المشروع، عرض الرئيس ترمب على نظيره أردوغان توقيعه الذي يصدق فيه على انطلاق المشروع والذي بموجبه تسلّمت تركيا مقاتلات من هذا الطراز، وبدأ طياروها بالتدرب على قيادتها.

ولعل آخر تصريح تركي متعلق بمقالات F-35، كان تصريح الرئيس أردوغان، الذي قال إن "الإدارة الأمريكية تمرر الكرة في منتصف الملعب الآن، يعبرون عن بعض الرفض، ولكن آجلاً أم عاجلاً سوف نستلم هذه المقاتلات، وامتناع الولايات المتحدة عن تسليمها ليس خياراً".

في غضون ذلك، وعلى الرغم من حالة التصعيد بين البلدين بشأن صفقتي S-400 وF-35، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يرغب في زيارة تركيا بعد شهر من جولته الأوروبية المقررة في يونيو/حزيران القادم.

وقال جاوش أوغلو إن أردوغان دعا ترمب في السابق أيضاً لزيارة تركيا، وكان قد زاره في البيت الأبيض، وكشف أن الرئيسين يجريان اتصالات هاتفية متكررة رغم وجود اختلاف في وجهات النظر حيال بعض القضايا. وأضاف "الاتصالات المذكورة تكون إيجابية للغاية".

دوائر معادية

يشير المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي إلى أن هناك جهات ودوائر معادية لتركيا داخل الكونغرس الأمريكي تقوم بأنشطة ضد أنقرة.

تصريحات أقصوي هذه جاءت رداً على مشروع قرار اعتمدته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي تحت عنوان "التعبير عن المخاوف حيال التحالف الأمريكي-التركي".

وقال "نرى في الآونة الأخيرة دوائر أمريكية معادية لتركيا تكثف من أنشطتها في الكونغرس، ومشروع القرار الأخير الذي اعتمده مجلس النواب، خير مثال على ذلك".

وأضاف متحدث الخارجية في بيانه قائلًا "تركيا والولايات المتحدة تمتلكان علاقات تحالف راسخة تقوم على أساس القيم المشتركة والمصالح المتبادلة".

شمّاعة العقوبات

اعتماد الكونغرس لمشروع القرار المذكور ليس الأوّل من نوعه، إذ سبق ولوّحت الولايات المتحدة من قبل بعدة قرارات مشابهة، وآخرها مشروع قانون مكافحة أعداء أمريكا عبر العقوبات المعروف اختصاراً باسم "كاتسا".

لكن القوانين الأمريكية جوبهت برفض تركي وتمسك بالصفقة المبرمة مع روسيا، إذ قال المتحدث باسم الرئاسة التركي إبراهيم قالن إن " التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على أنقرة بسبب صفقة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية، لن تجدي نفعاً، ولن تكون لها أية نتائج إيجابية مطلقاً".

وأضاف قالن "بالطبع نحن لا نريد صداماً مع الولايات المتحدة في هذا الصدد؛ لكن يتعين على الجميع تقدير المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا".

في السياق ذاته شدد المسؤول التركي على أن بلاده حاولت على مدار 10 سنوات كاملة شراء منظومة صواريخ باتريوت الدفاعية الجوية. وأشار إلى أن تركيا واحدة من ضمن عدة دول أعضاء بحلف شمال الأطلسي لا يمتلكون نظم دفاع جوي قوية، مجدداً تأكيده على أن بلاده حاولت كثيراً شراء نظام باتريوت لكن دون فائدة.

وتناقلت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أنباءً تفيد بإمهال الإدارة الأمريكية تركيا حتى مطلع شهر يونيو/حزيران المقبل للتخلي عن شراء مظومة S-400 الروسية. وهو ما نفاه الجانب التركي.

وقال ياووز سليم قيران مساعد وزير الخارجية التركي "لم يُنقل إلينا بشكل رسمي أي شيء من هذا القبيل"

وجدد تأكيد أنقرة عزمها شراء المنظومة الروسية، وأن موقفها هذا لم يتغير، مشيراً إلى أن هذا الموضوع "بمثابة اتفاقية أبرمت وانتهت، وأن الخبراء بدءوا يتدربون على تلك المنظومة".

وشدد قيران على رفض بلاده لتناول مسالة S-400 في إطار قانون كاتسا، مشيراً إلى أن اتفاقية شراء تلك المنظومة أبرمت قبل صدور القانون، ومن ثم فإن إقحامها في برنامج العقوبات "أمر لا يمكن قبوله".

الدبلوماسية التركية

في خضم الاتهامات المتبادلة والتصعيد، أرسلت تركيا وفداً رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأمريكيين. ويترأس الوفد مساعد وزير الخارجية ياووز سليم قيران.

وأوضح قيران أنهم خلال مباحثاتهم مع 6 نواب بالكونغرس، خلال الأيام الماضية، أوضحوا لهم مصلحة تركيا في شراء منظومة S-400، وأن الولايات المتحدة لا تلبي حاجة تركيا لمنظومة دفاع صاروخي.

وبيّن أن تركيا تقدر حساسية الولايات المتحدة بشأن منظومة الدفاع الروسية، مشيراً إلى أن واشنطن لم ترد حتى الآن على المقترح التركي الخاص بإنشاء لجنة عمل فنية بشأن المنظومة.

الوفد التركي شارك في مؤتمر "العلاقات التركية-الأمريكية: الجذور المشتركة والرؤية الجديد" الذي انعقد في الكونغرس، وقال قيران "المؤتمر تناول بشكل مكثف العلاقات الثنائية بين البلدين".

وتابع في ذات النقطة قائلا "نقلنا للجانب الأمريكي إيماننا بأن العلاقات التركية-الأمريكية سيكون لها مستقبل"، مشيراً إلى أن الرئيسين التركي، رجب طيب أردوغان، والأمريكي، دونالد ترمب، لديهما التزام مشترك بمستقبل العلاقة الاستراتيجية بين البلدين.

وأوضح أن حرص الزعيمين على رفع حجم التبادل التجاري بين بلديهما من 22 مليار دولار إلى 75 مليار، ما هو إلا انعكاس للإيمان بمستقبل العلاقات التركية الأمريكية، حسب قوله.

وخلال المؤتمر، قال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي توم تيليس إن "العلاقات التركية الأمريكية واحدة من أهم العلاقات بالنسبة لواشطن على مستوى العالم".

وأضاف "تركيا وأمريكا ملتزمتان بقيم الديمقراطية، فتركيا دولة مهمة بالمنطقة ولديها تاريخ ممتد من العلاقات وأنا على ثقة باستمرار التعاون المشترك في المستقبل".

حامي أقصوي: هناك جهات ودوائر معادية لتركيا داخل الكونغرس الأمريكي تقوم بأنشطة ضد أنقرة (AA)
تركيا متمسكة بإتمام صفقة شراء منظومة الدفاع الروسية S-400 رغم الاعتراض الأمريكي (Reuters)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً