تعود أحداث 3 يونيو/حزيران إلى الهجوم الذي شنته مجموعات مسلحة بزيّ عسكري, فضّت بموجبه الاعتصام السلمي أمام مباني القيادة العامة للجيش في الخرطوم (AFP)
تابعنا

أصدرت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" الأمريكية (PHR)، تقريراً استقصائياً في أكثر من 60 صفحة، تحت عنوان "الفوضى والنار"، حقّق وقدم تحليلاً لما سمّاه "مذبحة الخرطوم" التي وقعت في 3 يونيو/حزيران 2019.

وكشف التقرير، الذي صدر الخميس، أن قوات الأمن السودانية خططت ونسقت مسبقاً وبشكل ممنهج لسلسلة هجمات دموية قتلت 241 متظاهراً، وأصابت المئات ممن شاركوا في اعتصام الخرطوم، واتهم التقرير قوات الأمن السودانية بالمسؤولية عن فض الاعتصام وما صاحبه من عنف.

وقالت المنظمة إن التقرير حول مجزرة 3 يونيو، استند إلى "مقابلات مع 30 ناجياً وإﻓﺎدات ﺷﮭود ﻋﯾﺎن وﺗﻘﯾﯾﻣﺎت ﺳرﯾرﯾﺔ"، بالإضافة إلى "اﻟﺗﺷﺎور ﻣﻊ ﻋﺎﻣﻠﯾن محليين ﻓﻲ اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ، وﺗﺣﻠﯾل ﻣﻔﺗوح اﻟﻣﺻدر ﻵﻻف اﻟﺻور وﻣﻘﺎطﻊ اﻟﻔﯾدﯾو اﻟﺗﻲ اﻟﺗﻘطﮭﺎ ﺷﮭود ﻓﻲ ﻣﻛﺎن الحادث".

وأشارت إلى أن ما توصلت إليه يوفر "أدﻟﺔ داﻣﻐﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻗوات اﻷﻣن اﻟﺳوداﻧﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ارﺗﻛﺎب أﻋﻣﺎل ﻋﻧف ﻏﯾر ﻣﺑررة ﺿد اﻟﻣﺗظﺎھرﯾن اﻟﻣؤﯾدﯾن ﻟﻠدﯾﻣﻘراطﯾﺔ".

وتعود أحداث 3 يونيو/حزيران إلى الهجوم الذي شنته مجموعات مسلحة بزيّ عسكري، أعلنت بعضها أنها تنتمي إلى قوات الدعم السريع، وفضّت بموجبه الاعتصام السلمي الذي كان مستمراً لأشهر أمام مباني القيادة العامة للجيش في الخرطوم.

تصفيات وتعذيب وإخفاء قسريّ

تحدثت المنظمة عن "تصفيات خارج إطار القانون وأعمال تعذيب، والاستخدام المفرط للقوة وأعمال عنف جنسية ضد النساء، وإخفاء متظاهرين بشكل قسري".

وفي استنتاجاتها ﺧﻠﺻت المنظمة إلى أن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺳوداﻧﯾﺔ ﻗﺎﻣت ﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط اﻟﻣﺳﺑق ﻟﻣﮭﺎﺟﻣﺔ اﻟﻣﺗظﺎھرﯾن، ﻋن طرﯾق وﺿﻊ أﻋداد ﻛﺑﯾرة ﻣن ﻗوات اﻷﻣن اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ واﻟﻣﺳﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﮭزة ﺑﺎﻟﻐﺎز اﻟﻣﺳﯾل ﻟﻠدﻣوع واﻟﺳﯾﺎط واﻟﺑﻧﺎدق اﻟﮭﺟوﻣﯾﺔ وﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻷﺳﻠﺣﺔ ﺣول ﻣﻧطﻘﺔ اﻻﻋﺗﺻﺎم ﻓﻲ أواﺧر ﻣﺎﯾو/أيار.

وﺗوﺛق ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻘرﯾر قيام قوى الأمن بمنع المصابين ﻣن "اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺧدﻣﺎت اﻟرﻋﺎﯾﺔ"، واستهدافها بـ"اﻟﻌﻧف اﻟﻣﻣﻧﮭﺞ ﺿد ﻣﻘدﻣﻲ اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻟﻣرﺿﻰ".

وقال الشهود الذين قابلتهم المنظمة إن قوات الأمن كانت "تسخر" من المتظاهرين في الوقت الذي كانت "تضربهم وتحرقهم وتقطّعهم". ووصف أحد الشهود كيف "قام المسلحون بالاعتداء عليه جنسياً بعد احتجازه وتعذيبه"، بالإضافة إلى "إعادة فتح جرح كان قد شُفي وإطفاء السجائر فيه".

وقدم أشخاص آخرون شهادات عن "رؤيتهم نساء اغتصبن جماعياً في وضح النهار"، ووصفوا كيف يعيش كثيرون منهم اليوم اضطراب ما بعد الصدمة وقلقاً دائماً، فيما قالت المنظمة في تقريرها إن "بعض الناجين قد يعانون من ألم مزمن وإعاقة مدى الحياة جراء جروحهم".

عقابُ المطالبين بـ"حكم مدنيّ"

قالت مديرة السياسات في المنظمة، سوزانا سيركين، إن هذه الهجمات كانت تهدف إلى "إهانة وإسكات هؤلاء المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالحكم المدني وبإصلاحات كبرى في السودان".

من جهته، قال مدﯾر اﻷﺑﺣﺎث واﻟﺗﺣﻘﯾﻘﺎت في المنظمة، فيليم كاين، إنه "ﻣن أﺟل دﻋم اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ ھذه اﻟﺟراﺋم، ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻟﺣﻘوﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﺳودان، فضلاً عن اﻟﮭﯾﺋﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﺛل اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة واﻻﺗﺣﺎد الإﻓرﯾﻘﻲ، إﺟراء ﻣزﯾد ﻣن اﻟﺗﺣﻘﯾﻘﺎت على ﻧطﺎق ﺷﺎﻣل ﻟﻠﻛﺷف ﻋن اﻟﻌﻧف اﻟذي ارﺗﻛﺑﺗﮫا اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻓﻲ 3 يونيو/حزيران".

ويقصد كاين بذلك لجنة التحقيق المستقلة برئاسة المحامي نبيل أديب، التي عينتها السلطات السودانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي للتحقيق في المجزرة، والتي لم تُصدر تقريرها حتى الآن.

وتتطابق نتائج التقرير هذا، مع النتائج التي توصل إليها تقرير "هيومن رايتس ووتش" الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي خلُص إلى أن "أعداد القوات التي قادت عملية الهجوم على الاعتصام -والذي كان بالآلاف- يدلّ على أن الفضّ تمّ بتخطيط عمليّاتي رسمي".

وبخصوص الهجوم على الأطباء المُسعِفين والطواقم الطبية، قالت الخبيرة الطبيّة روهيني هار، إن "أسلوب الهجمات الموجهة ضد الطواقم الطبية هو سلاحٌ تكرّر استخدامه من قبل قوى الأمن السودانية"، وهو أمر يمنع هذه الطواقم من أداء واجبها ويهدد حياتها، ويهدد بالتالي حياة المدنيين، حسب تعبيرها.

في الختام، دعا تقريرُ المنظمةِ الدولَ الأعضاء في الأمم المتحدة إلى معاقبة المسؤولين السودانيين المسؤولين عن خروقات حقوق الإنسان هذه، وحثّ الحكومة السودانية المدنية-العسكرية الحالية إلى إدراج حقوق الإنسان وحكم القانون في الدستور الجديد.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً