قصفت القوات الروسية بلدات ومدناً في شرقي أوكرانيا وجنوبيها / صورة: AFP (Aris Messinis/AFP)
تابعنا

قصفت القوات الروسية بلدات ومدناً في شرق أوكرانيا وجنوبها الثلاثاء، بعد يوم من تصريح سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي بأن على كييف أن تقبل مطالب موسكو بإنهاء الحرب "وإلا فستتجرع مرارة الهزيمة في ساحة المعركة".

وتشمل تلك المطالب اعتراف أوكرانيا باستيلاء روسيا على خُمس أراضيها. وتعهدت كييف، التي تتلقى السلاح والدعم من الولايات المتحدة والدول الأخرى الأعضاء بحلف شمال الأطلسي، باستعادة جميع أراضيها المحتلة وطرد جميع الجنود الروس.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في آخر تحديث لها حول الوضع في أوكرانيا إن القتال كان محتدماً خصوصاً حول مدينة بخموت الاستراتيجية الشرقية في إقليم دونيتسك، وسفاتوفو الواقعة إلى الشمال بمنطقة لوغانسك.

وتقول روسيا إن منطقتَي دونيتسك ولوغانسك اللتين تكونان منطقة دونباس الصناعية، بالإضافة إلى منطقتين في جنوب أوكرانيا، أراضٍ تابعة لها.

وقالت الوزارة في تغريدة عبر تويتر: "تواصل روسيا بدء الهجمات على نطاق صغير في هذه المناطق (بخموت وسفاتوفو)".

وشاهد صحفيون اندلاع النيران في مبنى سكني ضخم في بخموت، فيما تناثر الحطام في الشوارع وتحطمت نوافذ أغلب المباني.

ونقلت وكالة تاس الرسمية للأنباء عن لافروف قوله في وقت متأخر أمس الاثنين: "يعلم العدوّ جيداً مقترحاتنا لنزع السلاح والقضاء على النازية في الأراضي التي يسيطر عليها النظام وإزالة التهديدات النابعة من هناك لأمن روسيا، بما في ذلك أراضينا الجديدة".

ومضى يقول: "الأمر بسيط: نفذوه من أجل مصلحتكم، وإلا فإن الجيش الروسي سيحسم الأمر"، مكرراً وجهة نظر موسكو في أن أوكرانيا هي أداة الغرب العازم على "إضعاف" روسيا "أو حتى تدميرها".

ورفضت كييف وحلفاؤها الغربيون هذا الموقف، وقالوا إن الغزو الروسي ما هو إلا استيلاء استعماري على الأراضي في أوكرانيا.

وفرض الغرب عقوبات واسعة النطاق على روسيا لغزوها الأراضي الأوكرانية، بما يشمل فرض مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا سقف أسعار للنفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل بدأ سريانه في الخامس من الشهر الجاري، للحد من قدرة روسيا على تمويل الحرب.

وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف اليوم الثلاثاء إن عجز الميزانية الروسية ربما يزيد على اثنين بالمئة من الناتج القومي في 2023، إذ يضغط سقف أسعار النفط على الدخل من الصادرات، وهذا أوضح اعتراف روسي حتى الآن بأن سقف الأسعار قد يؤثر في الموارد المالية.

"انفجارات متواصلة"

بعد أن مُنِيَت روسيا بسلسلة من الهزائم في "العملية العسكرية الخاصة"، تسعى الآن إلى الانتصار في ساحة المعركة من خلال الاستيلاء على بخموت، وهي مدينة صناعية بلغ تعدادها السكاني قبل الحرب 70 ألف نسمة، وهو تعداد تَقلَّص الآن إلى نحو عشرة آلاف نسمة أغلبهم من كبار السن.

ومن شأن السيطرة على المدينة منح روسيا نقطة انطلاق للتقدم نحو مدينتين أكبر من بخموت، هما كراماتورسك وسلوفيانسك.

وقال أولكسندر (85 عاما): "تعرضت بنايتنا للدمار. كان في المبنى متجر، ولم يعُد موجوداً الآن"، مضيفاً أنه الساكن الوحيد المتبقي هناك.

وبالقرب من بخموت قالت بيلاهيا (73 عاماً) إنها اعتادت منذ وقت طويل "الانفجارات المتواصلة".

وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية اليوم الثلاثاء إن قواتها صدّت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية هجمات روسية استهدفت تجمعين سكنيين بمنطقة لوغانسك وستة تجمعات أخرى بمنطقة دونيتسك.

وأضافت أن القصف الروسي استمر في مدينة خيرسون جنوبي أوكرانيا وفي منطقة زابوريجيا وتجمعات سكنية في منطقة خاركيف في شمال شرقي البلاد بالقرب من الحدود الروسية.

وقال المحلّل العسكري المقيم في كييف أوليه جدانوف إن قتالاً عنيفاً يدور حول المناطق المرتفعة بالقرب من كريمينا في منطقة لوغانسك وكذلك في محيط بخموت وأفدييفكا في دونيتسك.

وأضاف جدانوف في رسالة مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي: "دائرة النار في منطقة دونيتسك مستمرة في الاشتعال".

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الهجمات الروسية على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا تسببت في انقطاع الكهرباء عن تسعة ملايين أوكراني، يمثّلون نحو ربع سكان أوكرانيا.

طائرة مسيَّرة

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطّط لعملية سريعة لإخضاع أوكرانيا عندما أمر بالغزو في 24 فبراير/شباط، لكن روسيا عانت عديداً من الانتكاسات المحرجة في ساحة المعركة.

وفي أحدث هجوم بهدف كشف الثغرات في الدفاعات الجوية الروسية، اخترقت طائرة مسيَّرة يُعتقد أنها أوكرانية المجال الجوي الروسي أمس الاثنين متوغلة بداخله لمئات الكيلومترات، مما تَسبَّب في انفجار أسقط عدداً من القتلى في إحدى القواعد الرئيسية التي تطلق منها روسيا قنابل على أوكرانيا.

وقالت موسكو إنها أسقطت الطائرة المسيَّرة في قاعدة إنجلز الجوية حيث قُتل ثلاثة عسكريين.

تقع قاعدة إنجلز الروسية، الموقع الرئيسي للقاذفات التي تقول أوكرانيا إن روسيا تستخدمها لمهاجمة البنية التحتية المدنية لديها، على بعد مئات الكيلومترات من الحدود الأوكرانية.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن أيّاً من طائراتها لم يتضرر جراء هذا الهجوم، لكن حسابات روسية وأوكرانية على مواقع التواصل الاجتماعي قالت إن الهجوم أسفر عن تدمير عدة طائرات. ولم يتسنَّ لرويترز التحقق باستقلالية من هذه التقارير.

ولم تعقّب أوكرانيا على الحادثة إذ اعتادت عدم التعليق على الحوادث التي تقع داخل روسيا، لكن متحدثاً باسم سلاح الجو الأوكراني قال اليوم الثلاثاء إن روسيا نقلت عديداً من الطائرات من إنجلز إلى قواعد جوية أخرى بعد الهجوم، وإن نشاط طيران العدو "انخفض كثيراً" خلال الليل.

وتعرضت القاعدة نفسها لهجوم ما يُشتبه أنه طائرة مسيَّرة أخرى في الخامس من الشهر الجاري.

ومثل هذه الهجمات، إلى جانب قرار بوتين في سبتمبر/أيلول تجنيد مئات آلاف الرجال في أول استدعاء روسي من نوعه لجنود الاحتياط منذ الحرب العالمية الثانية، جعلت الصراع في أوكرانيا أقرب إلى عامة الروس الذين كان بإمكانهم على الأقلّ في الأشهر الأولى من الحرب تجاهل الصراع إلى حدّ كبير لوقوعه بعيداً عنهم.

وقال بعض سكان موسكو الذين يزورون منحوتات جليدية في متنزه جوركي إن الحرب أثرت في مزاجهم خلال موسم العطلات.

وقالت زائرة تُدعى ماريا: "من الصعب أن تكون مبتهجاً عندما تفهم أن الناس يمرون بأوقات مروّعة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً