رُحّل أكثر من 2100 جزائري حوكموا أمام محاكم خاصة أو عسكرية، إلى المستعمرة العقابية نوميا (ويكيبيديا)
تابعنا

بين عامَي 1864 و1897 ومع تقدُّم القوات الاستعمارية الفرنسية التي احتلت الجزائر عام 1830، رُحّل أكثر من 2100 جزائري حوكموا أمام محاكم خاصة أو عسكرية، إلى المستعمرة العقابية نوميا (عاصمة كاليدونيا) الواقعة في المحيط الهادئ.

ويروي أحفاد "قبعات القشّ" التي خُصّصت للمدانين، بتأثُّرٍ قصة هذه عائلته التي عاشت تلك المأساة.

يقول الطيب عيفة (83 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: "وصلوا بعد رحلة استغرقت خمسة أشهر مكبلين بسلاسل، عدد الموتى الذين أُلقيَت جثثهم في البحر خلال العبور ما زال مجهولاً".

كان والده جزءاً من آخر قافلة من المحكومين عام 1898، ووالدته هي ابنة أحد أوائل المرحَّلين إلى "لوكايو"، أحد الألقاب التي تُعرَف بها كاليدونيا.

وأوضح الرجل الثمانيني الذي يُعَدّ من أعمدة "الجالية العربية"، أي أحفاد الجزائريين، أن "قصة أجدادنا كانت موضوعاً محرَّماً. قانون الصمت هو الذي ساد في عائلات المرحَّلين".

من مستعمَرين إلى مستعمِرين

يتذكر الطيب عيفة الذي حُكم على والده بالسجن 25 عاماً لدفاعه عن أرضه في سطيف (شرقي الجزائر) ضد الجيش الفرنسي: "نحن أبناء قبعات القش وُصفنا بالقذرين".

ومن المفارقات على حد قوله أنهم تحولوا "من مستعمَرين في الجزائر إلى مستعمِرين على الرغم منهم... لأراضٍ صودرت من الكاناك (السكان الأصليين)".

وقال كريستوف ساند عالم الآثار في معهد أبحاث التنمية في نوميا، حفيد أحد الذين رُحّلوا: "في كاليدونيا الجديدة سعت الدولة الفرنسية، كما هو الحال في الجزائر، لإنشاء مستعمرة استيطانية، وحُوّل المرحَّلون إلى مستعِمرين".

وفي وقت لاحق أصبح بإمكان المحكومين الفرنسيين جلب زوجاتهم، لكن الجزائريين منعوا من ذلك واضطُرّوا إلى الزواج في كاليدونيا الجديدة.

وأوضح ساند أن الذين حُكم عليهم بهذا النفي لأكثر من ثماني سنوات لم يكونوا يتمتعون بحقّ العودة إلى الجزائر بعد نهاية عقوباتهم.

وقال الباحث نفسه: "حسب حساباتنا، هذه العملية أفضت كما يُفترض إلى ترك ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف يتيم في الجزائر".

وقال ساند إن المحكومين "كانوا في كاليدونيا مواطنين من الدرجة الثانية"، خصوصا أنهم لم يكونوا يتحدثون الفرنسية، بل العربية أو الأمازيغية فقط.

وعانى أبناؤهم بشدةٍ هذا التمييز، ولم يهتم سوى عدد قليل من العائلات بحماية أصولهم بفخر. وفي نهاية ستينيات القرن الماضي اجتمع أحفادهم في رابطة "العرب وأصدقاء عرب كاليدونيا الجديدة".

وقال الطيب عيفة الذي كان يُلقَّب بـ"الخليفة" عندما كان رئيساً لبلدية بوراي: "كنت عاملاً في السابعة عشرة من عمري ومارست العمل النقابي. كنت رئيس بلدية لثلاثين عاماً، ووقّعت وثائق رسمية بصفتي الطيب عيفة انتقاماً من التاريخ"، مشدداً على "انتمائه إلى الجزائر".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً