وزير خارجية بايدن أنتوني بلينكن الذي صدَّق مجلس الشيوخ الأمريكي في 26 يناير/كانون الثاني على تعيينه (Carlos Barria/Reuters)
تابعنا

أثيرت مؤخراً التكهنات حول ماهية السياسية الخارجية في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، بخاصة أن هذه الإدارة خلفت إدارة الرئيس دونالد ترمب الذي اتخذ سياسة خارجية غير مألوفة كثيراً لنخب واشنطن التقليدية، وهو ما أدى إلى تكدس الملفات الخارجية التي بانتظار حسم الإدارة الجديدة.

ولكن لمعرفة مؤشر على توجهات هذه الإدارة بخاصة عند الحديث عن ملفات بعينها كالملف النووي الإيراني أو سياسات إسرائيل في الشرق الأوسط، يجب تعرُّف وزير خارجية بايدن السيد أنتوني بلينكن الذي صدَّق مجلس الشيوخ الأمريكي في 26 يناير/كانون الثاني على تعيينه.

بلينكن.. مؤشر سياسات

كان أنتوني بلينكن أول مسؤول حكومي أمريكي شغل منصب نائب وزير خارجية الولايات المتحدة، وإلى جانب الوظائف التي تولاها كان "بلينكن" عضواً في الفريق الانتقالي الرئاسي لأوباما وبايدن، كما شارك في الحملة الانتخابية لجو بايدن، لذا توقَّع البعض أن تكون سياسته تكراراً لسياسات أوباما.

خلال عمله في مختلف المناصب والأدوار في مجلس الأمن القومي وكنائب لوزير الخارجية في عهد أوباما، كان بلينكن من دعاة اضطلاع الولايات المتحدة بدور أكثر فاعلية، ولمزيد من التدخل الأمريكي القوي في الصراع السوري وهي القضية التي تسببت في قطيعة مع رئيسه وقتها بايدن، بسبب دعمه للتدخل المسلح في ليبيا.

من هنا يمكن أن نستشف ماذا يحمل بلينكن في طياته إلى منطقة الشرق الأوسط، إذ سرد بلينكن في جلسة التصديق على تعيينه في الكونغرس أولويات إدارة الرئيس بايدن فيما يتعلق بعدد من القضايا وملفات السياسة الخارجية الحساسة.

وهنا نجد تعهُّداً سريعاً "بإعادة النظر فوراً" في قرار وزير الخارجية المنتهية ولايته مايك بومبيو تصنيف حركة "أنصار الله" الحوثية في اليمن "منظمة إرهابية"، على الرغم من المخاوف من أن يفاقم ذلك الأزمة الإنسانية.

كما أكد بلينكن أن حكومة الرئيس بايدن مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي مع ايران، شرط أن توفي طهران مجدداً بالتزاماتها.

سياسة مزدوجة تجاه إيران

على الرغم من أن مسألة عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي قد تبدو مغرية إلى حد كبير فإن بلينكن لا يريد أن يبدو الأمر بهذه السهولة بالنسبة إلى إيران.

فقد أعلنت الخارجية البريطانية الأربعاء أن اتصالاً هاتفياً جرى بين الوزير دومينيك راب ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، بحثا خلاله "الحاجة إلى مواجهة سلوك إيران المزعزع للاستقرار".

ولا يزال بلينكن يؤمن بأن الدبلوماسية يجب أن تترافق بقوة ردع وأن "القوة يمكن أن تكون عنصراً مساعداً وضرورياً للدبلوماسية الفعالة".

وقد صرح بلينكن أمام مجلس الشيوخ بذلك قائلاً: "إن الرئيس المنتخب يعتقد أنه إذا عادت إيران إلى التقيد (بالاتفاق)، فنحن أيضاً سنتقيد به"، مشيراً إلى أن إدارة بايدن ستلجأ إلى ذلك "كنقطة انطلاق، مع حلفائنا وشركائنا الذين سيكونون مجدداً إلى جانبنا، سعياً لاتفاق أقوى يستمر وقتاً أطول"، معتبراً أن أي اتفاق جديد يجب أن يشمل البرنامج الإيراني للصواريخ البالستية، بالإضافة إلى "أنشطتها المزعزعة" للشرق الأوسط.

ولبلينكن علاقة وثيقة بالقارة الأوروبية ويعتبر من المدافعين بشدة عن التحالف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لذا سيتمكن من مفاوضة الإيرانيين بجبهة موحدة وليس كما حدث بين أوروبا وإدارة ترمب.

أين تقف إدارة بايدن من الصراع العربي-الإسرائيلي؟

وهنا حينما يأتي هذا الملف الحساس المتعلق بإسرائيل يرى أنتوني بلينكن أنه سيواصل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكنه يرى أنّ التسوية الوحيدة القابلة للاستمرار في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي هي "حلّ الدولتين"، وهو على ما يبدو مراوغة أمام اليمين الأمريكي والإسرائيلي.

وقد يكون الثمن هنا تأكيد بلينكن أنّ الإدارة الجديدة لن تعود عن القرار المثير للجدل الذي اتّخذه دونالد ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأنها ستبقي كذلك على السفارة الأمريكية في القدس، في مقابل إحياء مصطلح "حل الدولتين" الذي خفت مؤخراً.

ويجدر الإشارة إلى أن هذه الأمور حتى الآن على مستوى نظري جداً، ولم تنزل الإدارة إلى الأرض لترى كم الفوضى التي أحدثها ترمب في الملف.

وهنا قال بلينكن أمام مجلس الشيوخ: "يظنّ الرئيس وأنا شخصياً أنّ السبيل الوحيد لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية مع إعطاء الفلطسينيين دولة يحقّ لهم بها هو عبر حلّ الدولتين"، لكن "واقعياً أظنّ أنّه سيكون من الصعب تحقيق أي شيء على هذا الصعيد في المدى القصير". كما دعا الإٍسرائيليين والفلسطينيين فوراً "إلى تجنّب اتخاذ خطوات تزيد هذه العملية تعقيداً".

وفي الوقت الذي تحاول فيه إدارة بايدن الوصول إلى صيغة وسط تتجنب بها إغضاب إسرائيل، لا ترى الإدارة ضرورة في تحمُّل كلفة تطبيع دول عربية مع إسرائيل، أو بالأحرى تحمُّل كلفة زائدة عن اللازم.

إذن أعلن وزير الخارجية الأمريكي بلينكين أنهم يراجعون بدقة الوعود التي قطعتها إدارة الرئيس السابق، دونالد ترمب للدول العربية مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وشدد على أن قرارات بيع الأسلحة في هذا السياق عُلقت لفحص ما إذا كانت تتوائم مع الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة أم لا، وهو ما قد يغضب دولاً عربية كالمغرب والسودان والبحرين والإمارات، في حال قررت إدارة بايدن التراجع عن وعودها بعد عملية التدقيق الجارية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً