دونالد ترمب ربما لا يزال يبحث عن طرق لضرب أصول إيران وحلفائها (AP)
تابعنا

قبل أسابيع قليلة من مغادرته البيت الأبيض، سأل الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب كبار مستشاريه عن إمكانية توجيه ضربة إلى إيران في الدقيقة الـ90، أي قبل تنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيساً.

وقالت صحيفة واشنطن بوست الاثنين، إن ترمب سأل كبار المستشارين في اجتماع بالمكتب البيضاوي يوم الخميس، عما إذا كانت لديه خيارات لاتخاذ إجراء ضد الموقع النووي الإيراني الرئيسي في الأسابيع المقبلة.

وأفاد أربعة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين بأن الاجتماع عُقد بعد يوم من إعلان المفتشين الدوليين عن زيادة كبيرة في مخزون البلاد من المواد النووية.

إذ قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأربعاء الماضي، إن مخزون إيران من اليورانيوم أصبح الآن أكبر بمقدار 12 مرة، مما هو مسموح به بموجب الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب في عام 2018.

ومن شبه المؤكد حسب الصحيفة أن أي ضربة ستركز على موقع ناتانز. كما أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران لم تسمح لها بالوصول إلى موقع آخر مشتبه به حيث توجد أدلة على نشاط نووي سابق.

وثنى عدد من كبار المستشارين ترمب عن المضي قدماً في ضربة عسكرية ضد المنشآت الإيرانية، وحذروا من أن ذلك يمكن أن يتحول إلى صراع أوسع في الأسابيع الأخيرة من رئاسته.

وحضر ذلك الاجتماع مايك بومبيو وزير الخارجية ومايك بنس نائب الرئيس وكريستوفر ميلر القائم بأعمال وزير الدفاع والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة.

وبعد أن وصف بومبيو والجنرال ميلي المخاطر المحتملة للتصعيد العسكري، غادر المسؤولون الاجتماع معتقدين أن الهجوم الصاروخي داخل إيران لم يعد مطروحاً، وفقاً لمسؤولين في الإدارة على دراية بالاجتماع.

لكن قال مسؤولون لـ"واشنطن بوست" إن ترمب ربما لا يزال يبحث عن طرق لضرب أصول إيران وحلفائها، بما في ذلك المليشيات في العراق. واجتمعت مجموعة أصغر من مستشاري الأمن القومي في وقت متأخر من يوم الأربعاء لمناقشة ضرب إيران في اليوم السابق للقاء الرئيس.

وكان مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عبَّروا لصحيفة "نيويورك تايمز" عن مخاوفهم من أن تنفذ إدارة ترمب عمليات (علنية أو سرية) ضد إيران أو خصوم آخرين خلال الأسابيع الأخيرة المتبقية لها في البيت الأبيض، وذلك بعد إقالة ترمب وزير الدفاع مارك إسبر.

وتنبع هذه التحركات الأخيرة من خشية إسرائيل، أكبر حليف لترمب، اتباع البيت الأبيض سياسات أقل تشدداً حيال إيران في عهد جو بايدن، يجري فيها التخلي عن استراتيجية "الضغط إلى أقصى حد" التي اتبعتها الإدارة الحالية.

وكان بايدن صرح سابقاً بأنه في حال عادت إيران مجدداً إلى مخرجات الاتفاق النووي فإن الولايات المتحدة سوف تنضم إليه مجدداً وقد تزيل العقوبات عن طهران، التي فرضها ترمب بعد انسحابه من الاتفاق.

وعلى عكس خطاب إدارة ترمب، فإن إعادة فرض العقوبات لم تعد إيران إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أكثر صرامة، كما أن "الضغط الأقصى" لم يحد من نفوذها والتدخل في جوارها، حيث تحافظ طهران على موطئ قدم لها في اليمن والعراق ولبنان وسوريا من خلال حلفاء أو تابعين أصبحت مواقفهم في بعض الحالات أقوى الآن مما كانت عليه قبل بضع سنوات.

إعادة الكرة

ولذلك، تشير التقديرات إلى أن إسرائيل تحاول حمل ترمب على تنفيذ فكرة كانت قد طرحتها أثناء إدارة جورج بوش الابن في 2008 ورفضها، حيث سعت تل أبيب التي كانت قلقة من إدارة باراك أوباما وقتها، إلى دفع واشنطن نحو ضرب إيران.

يقول كوري شاك الذي خدم في مجلس الأمن القومي للرئيس جورج بوش وأيضًا في مناصب رفيعة في البنتاغون ووزارة الخارجية: "السيناريو الذي يقلق معظم رجال الأمن القومي هو توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووي، لأن حملة الضغط الأقصى لم تحقق سوى القليل من النتائج الإيجابية".

وخلال الأشهر الأخيرة كرر ترمب تصريحه "لا أريد حرباً مع إيران"، فبعد تدمير طائرة أمريكية بدون طيار فوق مضيق هرمز على أيدي إيرانيين منتصف 2019، ألغى الرئيس الأمريكي رداً عسكرياً في اللحظة الأخيرة مرجعاً ذلك إلى منع وفاة 150 شخصاً.

ولكن مع عودة الديمقراطيين، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن جو بايدن قد يسعى لاتباع سياسة قريبة من سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، وقد يتجه أيضاً إلى تجديد بنود الاتفاق النووي.

وتكمن الخشية الأكبر في رفض الإيرانيين أي تعديل على الاتفاق، والثمن هو أن تزول العقوبات عن إيران بلا مقابل، بحسب ما تقول صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

وقبل انتخاب جو بايدن، كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أكد في لقاء مع قناة "CBS News" أن "إيران لن تعيد التفاوض على الاتفاق النووي حتى لو فاز المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية".

ونشرت صحيفتان إسرائيليتان تصدران باللغة الإنجليزية، هآرتس وجيروزاليم بوست، طبعات تهدد بشن حرب ضد إيران، وذلك بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى تل أبيب الأربعاء.

يقول الصحفي الإسرائيلي عاموس هريئيل في مقال نشرته هآرتس: "قبل أن تتم زيارة بومبيو، زار إسرائيل إليوت إبرامز المسؤول عن الملف الإيراني في الإدارة الأمريكية".

عندما سُئل إبرامز عن "ضربة إسرائيلية متوقعة ضد إيران" عاد في الذاكرة إلى زمن جورج بوش الابن، خاصة عام 2007 حين طلب منه رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه ايهود أولمرت البدء في تهيئة الأمريكيين لضرب المفاعل النووي الذي أقامته كوريا الشمالية في سوريا. يومها قال بوش إن "أمريكا ليست شرطي مرور، لا نتعامل مع الضوء الأخضر أو الأحمر من أحد".

ويقول هريئيل: "قد يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرتب لخطوات أحادية الجانب ضد إيران ولكن لا يمكن أيضاً عدم توقع عملية أمريكية، ستتلقى إسرائيل على إثرها الضربات الارتدادية من طهران".

وبدورها، قالت "جيروزاليم بوست": "قبل 2008 كان هناك بعض المسؤولين في إسرائيل واثقين من أن جورج بوش لن يترك منصبه مع بقاء المنشآت النووية الإيرانية قائمة، كانوا مخطئين. لا تزال المنشآت قائمة، بل إنها نمت من حيث النوعية والكمية".

ورأت الصحيفة العبرية في تقرير لها أنه من المهم أن نضع هذا في الاعتبار وسط التكهنات بإمكانية توجيه ترمب ضربة لإيران، مؤكدة أنه "لا يوجد حاجة ملحة لشن الهجوم الآن".

وذكرت أن نتنياهو أراد شن هجوم على إيران في عام 2012، لكنه فشل في نهاية المطاف في حشد الدعم داخل مجلس الوزراء، لذلك لم يكن أمام الجيش الإسرائيلي خيار سوى التراجع.

وتوضح أنه لا توجد أيضًا مؤشرات على وجود نشاط في الجيش الإسرائيلي من شأنه أن يشير إلى حرب محتملة، مثل تعزيز القوات في الشمال أو تحضير الجبهة الداخلية للهجوم الصاروخي الذي سيتبع الضرب (الأمريكية أو الإسرائيلية) على الأرجح.

بدورها، قالت شيرا إيفرون، الزميلة في منتدى السياسة الإسرائيلي: "من الواضح جدًا أن ترمب وإسرائيل سيفعلان كل ما في وسعهما لجعل العودة إلى اتفاق مع إيران أمرًا مستحيلًا، سوف يفعلون أشياء سيكون من الصعب على بايدن حلها"، وفق ما نشرت مجلة"فورين بوليسي"الأمريكية.

وحتى لو لم تحدث الضربة، قد يرث بايدن وضعًا أكثر فوضوية. ففي رمية النرد الأخيرة، تخطط إدارة ترمب لفرض عقوبات جديدة على إيران ربما كل أسبوع حتى يوم التنصيب في 20 يناير/كانون الثاني 2021.

وهذا الشهر، ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي أن إدارة ترمب تُعد خطة لفرض سيل من العقوبات الإضافية على إيران، بالتنسيق مع إسرائيل، مبيناً أن الطرفين أعدا "بنك أهداف" لمؤسسات إيرانية ستطولها العقوبات الجديدة المرتقبة.

ومن المفترض أن يسلم ترمب الذي يطعن في نتائج انتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، السلطة إلى الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن في 20 يناير/كانون الثاني، لكنه ما يزال يشكك في النتائج ويرفع دعاوى قضائية ضدها.

مخزون إيران من اليورانيوم أصبح الآن أكبر بمقدار 12 مرة مما هو مسموح به بموجب الاتفاق النووي (Reuters)
جو بايدن قد يسعى لاتباع سياسة قريبة من سياسة الرئيس السابق باراك أوباما بخصوص إيران (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً