أطفال يمنيون يواجهون شبح المجاعة  (AP)
تابعنا

حذرت الأمم المتحدة، الاثنين، من أن اليمن قد يشهد قريباً مجاعة على "نطاق ضخم" إذا استمرت الحرب الدائرة هناك دون وصول المساعدات إلى المحتاجين.

ويهدد الجوع 13 مليون شخص في اليمن، مما قد يحول الأمر إلى أسوأ مجاعة في العالم منذ قرن تقريباً، بحسب تصريحات ليز غراندي، منسق الأمم المتحدة لشؤون اليمن.

ودعت الأمم المتحدة أيضاً قوات التحالف لوقف الهجمات الجوية. إذ تقول المنظمة إنها تفاقم معاناة المدنيين، بعدما قُتل عشرة آلاف شخص على الأقل في القتال الدائر مع جماعة الحوثي وشُرد الملايين جرائه. وكان التحالف الذي تقوده السعودية قد بدأ شن هجماته على أرجاء اليمن منذ 3 سنوات. 

أسوأ أزمة إنسانية في العالم

وكان مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، قد حذر في 22 سبتمبر/ أيلول، من أن المنظمات الدولية "تخسر معركتها ضد المجاعة" في اليمن.

وتشير الإحصائيات إلى أن 3.5 ملايين شخص مرشحون قريباً للحاق بثمانية ملايين آخرين يواجهون بالفعل خطر المجاعة.

وأدى تجدد القتال وانهيار قيمة العملة في اليمن، الذي دفع إلى ارتفاع حاد في الأسعار، إلى تفاقم ما تعتبره الأمم المتحدة "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

وتشن القوات الحكومية المدعومة من التحالف بقيادة السعودية، منذ أسابيع سلسلة هجمات على ميناء الحُديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، والذي يعتبر المنفذ الرئيسي للمساعدات الإنسانية.

اليمنيون قلقون جداً من التكلفة العالية للحرب والتي لم تعد تقتصر على القتلى والجرحى

ياسين التميمي - الصحفي والناشط اليمني

يعزو الصحفي والباحث خالد الحمادي بمنظمة "رايتس رادار" في حديث لـ TRTعربي أزمة المجاعة في اليمن إلى حصار التحالف من جانب وسلوك الحوثيين بالداخل من جانب آخر، على خلفية صعوبة وصول المواد الأساسية لليمنيين بسبب تعنت التحالف. ويضيف "في نفس الوقت يتلاعب الحوثيون بالمواد الغذائية التي تصلهم من منظمات الأمم المتحدة، بسبب عدم وجود آليات توزيع بديلة على الأرض".

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الصراع بين التحالف وقوات الحوثيين أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني المُتردي، وأسفر عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين اليمنيين.

وبحسب المنظمة أسفرت عشرات الغارات الجوية العشوائية التي شنها التحالف عن مقتل وجُرح آلاف المدنيين في انتهاك لقوانين الحرب. كما أطلقت قوات الحوثيين قذائف مدفعية عشوائية على مدن يمنية، وصواريخ على مناطق مأهولة بالسكان في السعودية.

في المقابل، تم توثيق استخدام التحالف للذخائر العنقودية المحظورة، واستخدام الحوثيين للألغام الأرضية المحظورة. ومارس الحوثيون والقوات الموالية للحكومة والقوات المدعومة من قبل الإمارات الاعتقال التعسفي، وسوء المعاملة، و"الإخفاء القسري" في حق العشرات. 

ويشير الصحفي والناشط اليمني ياسين التميمي في حديث لـTRTعربي إلى  أن "اليمنيين قلقون جداً من التكلفة العالية للحرب والتي لم تعد تقتصر على القتلى والجرحى وعلى الكلفة الاقتصادية المتمثلة في تدهور العملة الوطنية (الريال) بشكل غير مسبوق، وإنما أيضاً قلقون من سياسات السعودية والامارات التي تستهدف كيان الدولة ووحدتها واستقلالها، وهي سياسة تدعمها الوقائع على الأرض والمتمثلة في وجود جيش موازي من التشكيلات العسكرية والأمنية التي لا تخضع للسلطة الشرعية، وتعمل ليل نهار من أجل إفشال الحكومة وفرض خيارات سيئة في طياتها الانفصال، كما هو الحال في المحافظات الجنوبية."

سبب أزمة المجاعة في اليمن يعود إلى حصار التحالف من جانب وسلوك الحوثيين بالداخل من جانب آخر

خالد الحمادي - الصحفي والباحث بمنظمة "رايتس رادار"

ويرى التميمي أن "الرياض تمارس الخداع ضد الحكومة الشرعية على الرغم من أنها التي تقدم طوق النجاة في الغالب لإنقاذ الوضع الاقتصادي على سبيل المثال عبر الودائع البنكية، لكنها مستمرة في الضغط على الحكومة ومحاصرتها في الرياض، ومنعها من العودة إلى اليمن."

وأضاف "غالباً ما تتعامل الرياض بحالة من عدم الاكتراث حيال مطالب الحكومة، ولا تتفاعل إلا مع تلك التي تتعلق بإنقاذ دور التحالف نفسه، كما هو الحال في احتواء الرفض الشعبي على خلفية التدهور الاقتصادي الحاد، عبر تقديم المنح المالية العاجلة، والتي تشكل مسكنات ولا تلامس جوهر المشكلة الاقتصادية في البلاد".

غياب المحاسبة الدولية

كان فريق تحقيق دولي تابع للأمم المتحدة قد قال نهاية أغسطس/ آب الماضي إن غارات للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن قد ترقى لـ "جرائم حرب". وأضاف الفريق أنه سيسلم لائحة سرية بأسماء المسؤولين عن تلك الجرائم إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، يشير خالد الحمادي إلى أن "السعودية وقوات التحالف لا تأبه بتلك الانتقادات، وأن لجان التحقيق التي شكلت، لم نسمع لها نتائج جدية، كما أن المجتمع الدولي لم يتحرك تحركات إيجابية بشأن انتهاكات الحرب في اليمن، وخضع الأمر كله لحسابات سياسية لدى الدول الكبرى".

الرياض تمارس الخداع ضد الحكومة الشرعية على الرغم من أنها التي تقدم طوق النجاة في الغالب لإنقاذ الوضع الاقتصادي

ياسين التميمي - الصحفي والناشط اليمني

وحمّل فريق الخبراء المكلف بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، الإمارات والسعودية والحكومة اليمنية المسؤولية عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في البلاد. وأكد رئيس فريق الخبراء كامل جندوبي أن أطراف النزاع المسلح كافة في اليمن انتهكت القانون الإنساني الدولي.

وفي سياق متصل، ذكرت شبكة "CNN" أن وزارة الدفاع الأميركية كانت قد وجهت تحذيراً للسعودية بأنها مستعدة لخفض الدعم العسكري والاستخباراتي لحربها في اليمن إذا لم يظهر السعوديون حرصهم على تقليل عدد القتلى المدنيين. وأضافت الشبكة أن وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين بعثتا برسائل مباشرة للرياض للحد من سقوط قتلى مدنيين.

TRT عربي
الأكثر تداولاً