رفعت الجماهير لافتات كُتب عليها "لترقد كرة القدم بسلام 1863-2021" (AFP)
تابعنا

قررت الأندية الإنجليزية الستة، التي أعلنت سابقاً انضمامها إلى دوري السوبر الأوروبي، الانسحاب من المخطط رضوخاً لضغوط اتحادات كرة القدم الدولية والسياسيين والجمهور، لينهار بذلك مشروع الدوري قبل أن يبدأ، ويصبح مصيره في مهبّ الريح بعد أقلّ من 48 ساعة على إطلاقه.

"الدزينة القذرة" التي تحدث عنها بسخط رئيس الاتحاد الأوروبي للكرة ألكسندر تشيفيرين، باتت الآن نصف دزينة بانسحاب أندية مانشستر سيتي وتشيلسي ومانشستر يونايتد وأرسنال وليفربول وتوتنهام، ما اضطرّ المؤسّسين إلى التوجُّه إلى "إعادة هيكلة" البطولة شبه المغلقة، المنافسة لدوري الأبطال.

وفي ظلّ تقارير تحدثت مساء الاثنين عن احتمالية انسحاب كل من نادي برشلونة وأتلتيكو مدريد الإسبانيين أيضاً، يتبين أن المؤسسين الـ12 لم يدرسوا خطوتهم بشكل كافٍ، ولم يتوقعوا أن يكون ردّ فعل الجمهور خصوصاً غاضبة إلى هذا الحدّ.

فعلى ما يبدو، مشروع "السوبر سخيف"، حسبما وصفته صحيفة "ماركا" الإسبانية، كأنه وُلد ميتاً، و"المشروع انهار" حسب النسخة الإلكترونية لصحيفة "توتوسبورت" الإيطالية.

فيما وصفته صحيفة "ليكيب" الفرنسية بأنه انهار "مثل قصر من ورق"، معتبرة أن "المتمردين أساؤوا تقدير حجم العاصفة التي أحدثوها"، وأن "المقاومة الأقوى جاءت من إنجلترا".

وبالفعل لم تتوقع الأندية الإنجليزية أن تكون ردود فعل جماهيرها حيال هذا المشروع الذي كان من المفترَض أن يُدِرّ عليها أموالاً طائلة، بهذا الحجم.

فقد وضع قرابة ألف مشجع لأندية إنجليزية عديدة، خصومتهم جانباً، وشاركوا في تظاهرة احتجاجية ضد "الانشقاق" عن الكرة الأوروبية، خارج ملعب "ستامفورد بريدج" في أثناء إحدى مباريات الدوري الممتاز.

ورفعت الجماهير لافتات كُتب عليها "لترقد كرة القدم بسلام 1863-2021"، و"أسسها الفقراء، سرقها الأثرياء"، و"رومان.. افعل ما هو صواب"، في رسالة إلى مالك نادي تشيلسي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش.

وحتى قبل بداية المباراة التي تأخر موعد انطلاقها 15 دقيقة بسبب إغلاق الطريق أمام حافلة الفريق، وجّه لاعبو "برايتون" رسالة احتجاجية إلى مضيفيهم من خلال ارتداء أقمصة خلال الإحماء كُتب عليها "كرة القدم من أجل الجمهور" و"استحِقّوها"، بجانب شعار دوري الأبطال.

ورأت صحيفة "ليكيب" الفرنسية، أنه "مع السبل التوسعية للدوري الإنجليزي الممتاز، فإن إنجلترا التي هي مهد لعبة كرة القدم، هي ما جعل مشروع دوري السوبر ممكناً".

لكن إنجلترا التي تتغنى "بارتباطها بفكرة أن النادي أولاً وقبل كل شيء مولود من مجتمع الطبقة العاملة في نهاية القرن التاسع عشر"، كانت أيضاً "الأكثر تأثيراً في إسقاط مشروع الأوغاد الـ12 أو المتآمرين"، حسب الصحيفة الفرنسية التي استندت في أوصافها إلى ما صدر من عناوين في الصحافة الإنجليزية.

ما حصل في وقت متأخر من ليل الثلاثاء، كان "انتصاراً للجماهير" حسب صحيفة "ديلي ميرور" البريطانية، فقد انسحبت الأندية الإنجليزية الستة من دوري السوبر وتركت البطولة في حالة يُرثى لها.

لقد "تَعثَّر دوري السوبر مع رضوخ الأندية لغضب الجماهير"، كما أشارت صحيفة "ذي تايمز" في نسختها الإلكترونية، متحدثة أيضاً عن الدور الهامّ الذي لعبه المدربون واللاعبون والسياسيون في دفع الأندية الإنجليزية إلى الانسحاب.

كان نادي مانشستر سيتي أول من انسحب، وقال في بيان: "يؤكّد نادي مانشستر سيتي لكرة القدم، أنه اتخذ رسمياً إجراءات الانسحاب من المجموعة التي تطوّر خطط دوري السوبر الأوروبي".

ورحّب رئيس "ويفا" بقرار النادي قائلاً: "يسعدني أن أرحب بعودة سيتي إلى أسرة كرة القدم الأوروبية"، مشيداً بـ"الذكاء الكبير" و"الشجاعة" لهذا الانسحاب، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي عارض بشدة هذا الدوري، أول السياسيين الذين يعلّقون على خبر انسحاب سيتي، قائلاً على تويتر إنه "القرار الصحيح تماماً"، مضيفاً: "آمل أن تحذو الأندية الأخرى المعنية بدوري السوبر الأوروبي حذوهما" في إشارة منه أيضاً إلى تشيلسي في ظلّ الحديث حينها عن إمكانية انسحابه قبل أن يتخذ لاحقاً القرار رسمياً.

ما حقّقه دوري السوبر "إنجاز قياسي فريد" وفقاً لصحيفة "غازيتا ديلو سبورت" الإيطالية، لأنه في غضون 48 ساعة اتَّحَدَ ضده "القادة السياسيون، والبرلمان الأوروبي، والمؤسسات الرياضية، وكل الصحافة الدورية، والمشجعون، والمدربون، واللاعبون، وحتى المؤسسات التي انضمّت إلى المشروع".

واعتبرت الصحف الإنجليزية، ساخرةً، أن دوري السوبر وحّد المشجعين واللاعبين والسياسيين وحتى أفراد العائلة المالكة، في إدانته.

وقادت "ذي صن"، إحدى أكبر الصحف الشعبية في البلاد، عاصفة الاحتفالات بسبب انهيار المخطط "الكريه"، معنونة في صفحتها الأولى صرخة احتفالية "تشيريو، تشيريو، تشيريو"، مُشيدةً بما سمّته "انتصار الجماهير".

ووصفت صحيفة "دايلي ستار" منظمي الدوري بـ"المسخرة"، مستهزئة بهم لتسبُّبهم في توحيد عالم كرة القدم ضدهم، وأشادت أيضاً بالجماهير على العمل الجيد الذي نفّذوه به، في وقت أعربت فيه صحيفة "دايلي ميل" عن سعادتها بـ"الانتصار على الجشع".

ورأت "دايلي ميرور" أن الخطوة أعطت "كرة القدم أملاً جديداً"، مستعينة بما أدلى به المدرب الإسباني لمانشستر سيتي بيب غوارديولا، تعليقاً على إطلاق الدوري السوبر بـ"إنها ليست رياضة إذا كان النجاح مضموناً".

لكن "معنى هذين اليومين المجنونين ربما يتمثل الآن في عدم التوقف عند هذا الحد، بل يجب الاستفادة من حركة المؤشّر في ميزان القوى، وتقديم مطالب أخرى يمكن أن تعيد اللعبة ومشجعيها إلى قلب منظمة كرة القدم"، حسب صحيفة "ليكيب" الفرنسية، التي نشرت صوراً لفريق الدرجة الرابعة رومييّي فاليير الذي تأهل الثلاثاء لنصف نهائي كأس فرنسا، مع تعليق: "هذه هي كرة القدم".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً