يشهد الاقتصاد البريطاني اضطراباً عنيفاً وانهياراً غير مسبوق في قيمة العملة (Tolga Akmen/AFP)
تابعنا

تسببت عمليات سريعة لبيع أصول بريطانية في هزة بالأسواق العالمية وسط قلق من تفشي هذه الحالة في الأسواق العالمية.

وبعد إعلان الميزانية المصغرة للمملكة المتحدة يوم الجمعة التي شملت تخفيضات ضريبية غير ممولة حجمها 45 مليار جنيه إسترليني (48 مليار دولار)، انخفض الإسترليني إلى مستويات قياسية مع تراجع حاد في أسعار السندات البريطانية.

وظهرت علامات الاضطراب الأربعاء قبل أن يتدخل بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) لتهدئة الأسواق.

وجاء ذلك بينما تشهد الأسواق توتراً بالفعل نتيجة أزمة الطاقة التي زادت التضخم، فضلاً عن صعود الدولار الذي أثار رياحاً معاكسة على مستوى العالم ودفع بنك اليابان إلى تدخل نادر في أسواق العملات الأسبوع الماضي فقط.

وقال أوليفييه مارسيوت رئيس الاستثمارات للأصول المتعددة وإدارة الثروات في مؤسسة (يونيجستشن) لإدارة الأصول في إشارة إلى مساهمة بريطانيا في التوتر العالمي: "يشبه الأمر وجود قلعة من الرمال تبدأ أجزاؤها في التساقط تماماً... أعتقد أن المملكة المتحدة واحدة من تلك الأجزاء... إنها تزيد المعاناة والتوتر".

وفاقم القلق بشأن السياسة الاقتصادية البريطانية الجديدة من التقلبات الكثيرة أصلاً، مع امتداد الاضطراب في السندات الحكومية البريطانية إلى سندات الخزانة الأمريكية التي تعتبر ملاذاً آمناً والسندات الألمانية عالية التصنيف.

من الواضح أن القلق العالمي يتصاعد بشأن التداعيات المحتملة للخطوات البريطانية.

وحذر رئيس فرع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في أتلانتا، رافاييل بوستيك، الاثنين من أن أحداث المملكة المتحدة قد تؤدي إلى ضغوط اقتصادية أكبر بأوروبا والولايات المتحدة، بينما انتقد صندوق النقد الدولي الثلاثاء الخطط المالية البريطانية الجديدة.

ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قولها يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة تراقب التطورات في بريطانيا.

وقال باول مالوي رئيس قسم الإصدارات المحلية في شركة (فانجارد) للاستشارات: "ستكون تأثيرات وارتباطات... بعض تقلبات السوق، ثم كيف تؤثر في مشهد النمو العالمي... الولايات المتحدة اقتصاد معزول (عن الصدمات) بشكل كبير... نحن معزولون أكثر عن كثير من الضغوط العالمية، ولكن مع هذا الذي يحدث لسنا محصنين تماماً مما يجري بأوروبا والصين وبريطانيا".

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة (بيمكو) لإدارة الاستثمارات دان إيفاسكين إنه على الرغم من اعتقاده بأن التطورات في بريطانيا لا تمثل مخاطر شاملة وكبيرة، فقد زادت الاضطرابات في الأسواق المتقلبة بالفعل.

ومع ارتفاع عائدات السندات البريطانية 100 نقطة أساس خلال يومين إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات، ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية إلى أجَل 10 سنوات والسندات الألمانية أيضاً.

وقفز مؤشر "موف" التابع لبنك أوف أمريكا الذي يقيس تقلب سوق الدخل الثابت في الولايات المتحدة، أيضاً إلى أعلى مستوى له منذ مارس/آذار 2020.

وارتد صدى تقلبات حادة في الإسترليني في أسواق العملات التي تشهد اضطرابات متصاعدة بالفعل. ووفقاً لمؤشر تقلب العملات في دويتشه بنك الذي يحظى باهتمام واسع وصل التقلب على مستوى العملات الأربعاء إلى أعلى مستوى له منذ انهيار السوق الناجم عن جائحة كورونا في مارس/آذار 2020، إذ قفز أكثر من 20% عن مستوياته قبل أسبوع.

وأدى إعلان بنك إنجلترا يوم الأربعاء أنه سيشتري أكبر قدر يتطلبه الأمر من السندات الحكومية طويلة الأجل من الآن حتى 14 أكتوبر/تشرين الأول لتحقيق استقرار الأسواق، إلى بعض الهدوء.

ومع ذلك لم يعتقد جميع المستثمرين أن هذا هو أفضل نهج، إذ قال ستانلي دروكنميلر من مكتب عائلة (دوكسني) إن شراء السندات ليس مناسباً وسط الأجواء التضخمية.

ولا تزال مؤشرات الضغوط المالية التي تحظى بمتابعة وثيقة تحت السيطرة.

وارتفعت تكاليف الاقتراض بالدولار الأمريكي في أسواق المشتقات المالية بشكل حاد هذا الأسبوع، لكنها بقيت أقل بكثير من المستويات التي سجلتها عقب بداية الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط وانهيار السوق بسبب جائحة كورونا في مارس/آذار 2020.

وقفزت تقلبات سوق الأسهم الأمريكية أيضاً وفقاً لقياسات "مؤشر الخوف" (فيكس) في الأيام الماضية، لكن المؤشر لم يصل إلى أعلى مستوياته المسجلة قبل ذلك في 2022.

لكن خطر العدوى لا يزال قائماً على خلفية الغموض في المشهد العالمي وتزايد أسعار الفائدة في أنحاء العالم.

وقال تشارلز ديبل رئيس استراتيجية الدخل الثابت في (ميديولانوم أسيت مانجمنت): "الأسواق تبيع والبنوك المركزية متشددة للغاية… وهذا الشعور بالارتباك يعني أن التحركات تميل إلى مفاقمة بعضها البعض".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً