أبو ظبي أعلنت الانسحاب من اليمن عدة مرات من ذي قبل (Getty Images)
تابعنا

تتكرر ما يصفها اليمنيون بـ"مسرحية" انسحاب الإمارات العربية المتحدة من اليمن، وفي كل مرة تعلن أبو ظبي انسحابها، تترك خلفها الكثير من المآسي الإنسانية والمليشيات التي تتابع مسيرة التدمير والأجندات التي تهدف إلى تخريب البلاد وتقسيمها، ليستمر دعمها للحركات الانفصالية، وفق تقارير أممية وشهود عيان.

وتآمرت الإمارات على الربيع اليمني وأصبح اليمنيون بعد سنوات من التدخل بصفون التحالف السعودي الإماراتي بتحالف "الغدر والخيانة"، لتدرك الرياض لاحقاً أن أبو ظبي تجرها إلى ورطة كبيرة، كما يرى عدد من المسؤولين اليمنيين.

وكان للإمارات حظ وافر من انتهاك حقوق الإنسان وجرائم التعذيب والإخفاء القسري، كما كشفت تقارير منظمات حقوقية، مستغلة عضويتها في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015.

ومن جديد، أعلنت الإمارات عن عودة قواتها المشاركة في حرب اليمن، ضمن استراتيجية وصفتها بـ"غير المباشرة" تقوم على الجيش اليمني مباشرة الذي تم تدريبه وتجهيزه لمباشرة مهامه القتالية بنفسه دون الاعتماد على القوات الإماراتية التي اتجهت إلى الاستراتيجية غير المباشرة، حسب وكالة أنباء الإمارات.

وقالت الوكالة على لسان الفريق الركن عيسى المزروعي، قائد العمليات المشتركة في اليمن، إن "عدد الطلعات الجوية التي نفذتها بلغ أكثر من 130 ألف طلعة جوية وأكثر من نصف مليونِ ساعة طيران، فيما شاركت القوات البحرية بأكثر من خمسين قطعة بحرية مختلفة وأكثر من 3000 بحَّارٍ مقاتل، وجرى تجنيد وتدريب وتجهيز أكثر من 200 ألف جندي يمني في المناطقِ المحررة، في المقابل بلغ عدد قتلى قواتهم في اليمن 108عسكريين".

وهذه التفاصيل هي ما سُمح بالإعلان عنه، لكن الإمارات لا تصرح بما خلفته قواتها من دمار في المدنيين اليمنيين، وانتهاكات المليشيات التي أسستها والمأساة الإنسانية التي تسببت بها.

سقوط المشروع الإماراتي

وسقط المشروع الإماراتي في عدة محافظات بسقوط النخب والأحزمة الأمنية، وهذا أفقد الإمارات مساحة التحرك في اليمن وجزءاً كبيراً من المليشيات التي أنشأتها، حسب تصريحات وزير النقل اليمني صالح الجبواني لـTRT عربي.

وقال الجبواني "بعد سقوط المشروع الإماراتي بدأت المقايضة بين الرياض وأبو ظبي بتصميم اتفاق سياسي لحل المشكلة مقابل انسحاب الإمارات من اليمن ودخول السعودية".

وأضاف "بدلاً أن تساعد الإمارات الشرعية وتُسقط الانقلاب الحوثي أنشأت مليشيات وحمّلت الشرعية اليمنية والشعب أعباء جديدة".

وعن إعلان الانسحاب، قال الباحث والكاتب المختص بالشأن اليمني خالد عقلان لـTRTعربي، إن "الإمارات أعلنت قبل مدة أنها ستنسحب من اليمن، في الوقت الذي اعترفت بوجود90 ألف من المليشيات لا تنتمي إلى جسم الجيش الوطني، وتعمدت أبو ظبي زرعها في الجنوب في ظل صمت مطبق من السعودية التي تقاسمت الأدوار معها".

وأشار عقلان إلى أن الإمارات خدعت السعودية وأصبحت الأخيرة منكشفة أمام الرأي العام العالمي واليمني الذي تحول من مقتنع بدورها العسكري لإنقاذ اليمنيين إلى الوعي بامتلاكها أجندة مغايرة تهدف إلى تمزيق اليمن".

وأكد وزير النقل اليمني صالح الجبواني على "وجود علاقة بين أبو ظبي وتنظيم القاعدة، مشيراً إلى وجود 13عنصراً من أبرز أعضاء تنظيم القاعدة كانوا في السجن، وأخرجتهم الإمارات واستخدمتهم في الميدان، قتلوا الجنود اليمنيين وقطعوا الطرقات وأرهبوا الناس".

انتهاكات جسيمة

ورصدت منظمات حقوقية دولية ويمنية ومحامون تعرُّض أشخاص للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري بالإضافة إلى وجود سجون سرية تحصل فيها انتهاكات جسيمة، بدعم من قوات تدعمها الإمارات.

وقال ناشطون محليون وصحفيون ومحامون لمنظمة "هيومن رايتش ووتش" إن هذه الوحدات تعتقل أشخاصاً وتحتجزهم وتدير معتقلات غير رسمية، فيما أفاد بعضهم للمنظمة"عن وجود أطفال صغار في السجون".

وكشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن وجود سجن سري في قاعدة عسكرية أقامتها الإمارات منتصف عام 2017 على جزء من حقل للغاز جنوبي اليمن، متسترة بمجموعة توتال الفرنسية لتكون جزءاً منه.

وقالت منظمات غير حكومية (مرصد التسلح وسموفاس وأصدقاء الأرض) إنه "حسب مصادر متاحة وشهادات، فإن السجن يؤوي منذ 2016 مليشيا قوات النخبة في شبوة، تحت إشراف الإمارات، والشهادات تتحدث عن معاملات غير إنسانية ومهينة تتمثل في الحرمان من الرعاية والتعذيب، ارتكبها جنود إماراتيون".

وأشارت المنظمات إلى أن "الأشخاص المسجونين فيه متهمون بصورة عامة بالانتماء إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" بالاستناد "غالباً إلى شبهات لا أساس لها أو إلى انتقام شخصي".

كما كشف تقرير آخر لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية في يونيو/حزيران 2018 تعرُّض المئات من المعتقلين اليمنيين للتعذيب والانتهاكات الجنسية من قِبل ضباط إماراتيين في سجن سري.

يوجد مراكز اعتقال سرية يصعب الوصول إلى بعضها والإمارات لديها مثل هذه الأنشطة لا سيما جنوبي اليمن

ميليسا باركي- عضو الفريق الأممي المعني برصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن

وطالبت منظمة "رايتس رادار" لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، بالتحرك العاجل لإنقاذ حياة المعتقلين في "سجون القوات الإماراتية" بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، خاصة في سجن "بئر أحمد"، الذي اضطر فيه السجناء إلى الإضراب عن الطعام، "للفت أنظار العالم إلى قضيتهم المنسية، بعد أن واجهوا أقسى أنواع التعذيب والتنكيل من قبل سجّانيهم".

ويهدَّد السجناء بنباح الكلاب، ويضربهم الضباط حتى ينزفوا، حسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس، الذي كشف أن "المئات من المعتقلين تعرضوا لإيذاء جنسي مماثل خلال الحدث الذي وقع في 10 مارس/آذار، بسجن بير أحمد في مدينة عدن.

وكشفت رسومات الاعتداءات الجماعية التي حصلت عليها الوكالة جزءاً من حجم التعذيب الجنسي وتحصين مرتكبيه في السجون الإماراتية في اليمن. وحددت الوكالة ما لا يقل عن خمسة سجون تستخدم فيها قوات الأمن التعذيب الجنسي لقمع السجناء وكسرهم.

وقال التقرير إن "مسؤولين أمريكيين اعترفوا بأن القوات الأمريكية تتلقى معلومات استخباراتية من شركاء إماراتيين شاركوا بالاستجوابات في اليمن".

يتم نقل المساجين في شاحنة صغيرة إلى سجن يديره إماراتيون في اليمن (AP)
TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً