سيتراجع عدد سكان الاتحاد الأوروبي إلى نحو 446 مليوناً، فيما يخسر التكتل 5.5% من مساحته (AP)
تابعنا

صدّق البرلمان الأوروبي الأربعاء، على اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بأغلبية الأصوات، لتنتهي عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي الذي استمر لمدة نصف قرن تقريباً.

وبهذه الخطوة يُغلَق فصل وتبدأ مرحلة جديدة من المفاوضات لا تقلّ صعوبة عنه، إذ ستستمر المملكة المتحدة طوال الفترة الانتقالية حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، في تطبيق القواعد الأوروبية، وسيتحتّم على الاتحاد الأوروبي ولندن التفاهم بشأن علاقتهما المستقبلية والتوصُّل بصورة خاصة إلى اتفاق تجاريّ.

وبانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي منتصف ليل الجمعة، بعد 1317 يوماً تماماً على قرار البريطانيين المؤيد لبريكست، ستحصل تغييرات عديدة على المستويات السياسية والمؤسساتية والتجارية، انطلاقاً من الأول من فبراير/شباط، نعرض بعضها هنا.

المواطنة وحقوق المقيمين

يخسر الاتحاد الأوروبي منتصف ليل الجمعة، لأول مرة في تاريخه، دولة من أعضائه، هي من الأكبر والأغنى في التكتُّل، ومع خروج 66 مليون نسمة سيتراجع عدد سكان الاتحاد الأوروبي إلى نحو 446 مليوناً، فيما يخسر التكتل 5.5% من مساحته.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يعيش نحو 1.2 مليون بريطاني في دول الاتحاد الأوروبي، وبشكل أساسي في إسبانيا وأيرلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.

ويشير مكتب الإحصاءات البريطاني إلى أن 2.9 مليون مواطن من دول الاتحاد الـ27 يقيمون في المملكة المتحدة، ما يمثل نحو 4.6% من سكانها.

وبموجب اتفاق الانفصال، يحتفظ المهاجرون البريطانيون والأوروبيون في طرفَي القناة الإنجليزية، بحقوقهم في الإقامة والعمل في دولة الاستقبال حتى نهاية الفترة الانتقالية.

وعلى المواطنين الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة تسجيل أسمائهم للاستفادة من هذه الحقوق، أما بالنسبة إلى البريطانيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي، فتختلف الإجراءات من بلد إلى آخر.

في هذا الصدد قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن عدداً من البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد، يعيشون حالة من اللا يقين حول مصير خدماتهم الاجتماعية، مضيفة أنهم "لا يزالون قلقين على تغطيتهم الصحية ورواتب تقاعدهم وما الذي سيحصل لها بعد الخروج".

وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء غاضبون من فشل الاتفاق في التوصل إلى تسوية في ما يخصّ حرية الحركة عبر القارة، وحقوق العمل فيها، والاعتراف بالمؤهلات المهنية البريطانية.

سياسيّاً ومؤسساتيّاً

سيتوقف النواب البريطانيون في البرلمان الأوروبي، وعددهم 73 انتُخبوا في مايو/أيار الماضي، عن شغل مناصبهم، وستخصَّص 46 من مقاعدهم لدول أعضاء مستقبلية، على أن يعاد توزيع الـ27 المتبقية.

ولن يعود من حقّ لندن تقديم مرشَّح لمنصب مفوَّض أوروبي، ولم يعُد في السلطة التنفيذية الأوروبية الحالية تمثيل بريطاني، إذ رفض بوريس جونسون ترشيح بريطاني لعضوية المفوضية.

ولن يُدعَ رئيس الوزراء البريطاني إلى القمم الأوروبية، كما لن يشارك أعضاء الحكومة البريطانية في الاجتماعات الوزارية الأوروبية.

ولن يبقى بإمكان المواطنين البريطانيين، بصفتهم مواطني دولة أجنبية، التقدُّم لوظائف في الإدارة الأوروبية في بروكسل، غير أن عديداً منهم طلبوا جنسيات ثانية للبقاء في مناصبهم.

في المقابل، ستواصل المملكة المتحدة، ثاني أكبر مساهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا، دفع مساهماتها حتى نهاية الفترة الانتقالية.

في هذا الصدد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تحليلاً قالت فيه إن بريكست يمثل هزيمة للاتحاد الأوروبي، مضيفة: "خسارة دولة بقوة وغنى وحجم بريطانيا، ستُضعِف الاتحاد الأوروبي، ويقلل قوته الدبلوماسية".

المفاوضات التجارية

قضت المملكة المتحدة عدة سنوات تفاوض حول شروط انفصالها مع فريق المفوضية الأوروبية برئاسة ميشال بارنييه، وستدخل المفاوضات الجمعة مرحلة جديدة، غير أن المملكة المتحدة ستبقى خاضعة لقانون الاتحاد الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية حتى نهاية المرحلة الانتقالية.

ويُجرِي بارنييه محادثات مع الدول الأعضاء لتحديد شروط تفويض للتفاوض بشأن العلاقة المستقبلية، ولا سيما على المستوى التجاري، وخلافاً للاتفاق بين المملكة المتحدة والمفوضية الذي أبرمته الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي، فإن الاتفاق التجاري قد يُطرح على أكثر من 30 برلماناً وطنيّاً ومحليّاً للتصديق عليه.

وبالتوازي مع المفاوضات الأوروبية ستخوض بريطانيا مفاوضات تجارية أخرى مع الولايات المتحدة، التي دخلت على الخط سريعاً، لتمهيد الطريق لتقارب تجاري مع حليفها التاريخي في مرحلة ما بعد خروج لندن من الاتحاد الأوروبي.

ووصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى بريطانيا الأربعاء، وقال على متن الطائرة التي أقلته إلى لندن: "يوجد كثير من المواضيع لمناقشتها مع المملكة المتحدة في وقت تدخل فيه مرحلة جديدة من سيادتها"، مشيراً إلى "مسائل مهمة حول الأمن" و"مسائل هائلة حول التجارة".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً