حظي عمران خان باستقبال رسمي بمدينة جدة على البحر الأحمر (AFP)
تابعنا

تعهّدت الرياض وإسلام أباد السبت بتعزيز علاقاتهما ووقّعتا اتفاقيات لتنهيا بذلك توترات دبلوماسية مستمرة منذ أشهر بين الحليفين التقليديين على خلفية منطقة كشمير التي تتنازع باكستان السيادة عليها مع الهند.

وفي زيارته السابعة إلى المملكة منذ انتخابه رئيساً للحكومة الباكستانية في 2018، حظي عمران خان باستقبال رسمي في مدينة جدة على البحر الأحمر لدى وصوله مساء الجمعة في زيارة تستمر ثلاثة أيام.

واستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المسؤول الباكستاني والوفد المرافق له عند سلّم الطائرة، ثم اصطحبه إلى الديوان الملكي بقصر السلام حيث عقدا جلسة محادثات وجرى التوقيع على الاتفاقيات.

وذكرت وكالة الأنباء الحكومية السعودية أنه جرى خلال اللقاء "تأكيد عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين وأهمية توسيع وتكثيف آفاق التعاون والتنسيق الثنائي وتعزيزه في مختلف المجالات".

ومع أنّ المملكة كانت أول دولة أجنبية زارها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بعد انتخابه عام 2018، بدت الرياض مستاءة من إسلام أباد العام الماضي.

ففي بيان شديد اللهجة في أغسطس/آب دعا وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي منظمة التعاون الإسلامي ومقرها السعودية إلى عقد اجتماع رفيع المستوى بشأن كشمير المتنازع عليها مع الهند.

وأثار التعليق غضب الرياض التي رأت فيه تحذيراً من أن باكستان تستعد للدعوة لعقد اجتماع لدول إسلامية خارج منظمة التعاون، وبالتالي محاولة لتقويض قيادتها للمنظمة الإسلامية المكونة من 57 عضواً.

وبينما دعمت الرياض إسلام أباد بمساعدات وقروض بمليارات الدولارات في السنوات الأخيرة، يقول مراقبون إن المملكة حريصة أيضاً على عدم إغضاب الهند، وهي شريك تجاري رئيسي لها ومستورد للنفط السعودي.

واسترجعت المملكة مليار دولار من قرض بقيمة 3 مليارات دولار من باكستان التي تعاني ضائقة مالية، كما لم يُجدَّد تسهيل ائتماني نفطي منتهي الصلاحية بمليارات الدولارات، حسبما أفاد مصدر دبلوماسي في سبتمبر/أيلول.

وقبل ذلك تجنّبت باكستان الرد على طلبات سعودية لقواتها البرية لدعم الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.

لكن يبدو أن زيارة خان نجحت في إعادة إطلاق العلاقات الوثيقة بين البلدين الإسلاميين المنخرطين في "الحرب على الإرهاب" التي تتطلب تبادل المعلومات الاستخبارية في ما يتعلق بالتهديدات والعناصر المتطرفة.

وقال البيان السعودي إنّ الوفدين أكّدا في جدة "ضرورة تضافر جهود العالم الإسلامي لمواجهة التطرف والعنف ونبذ الطائفية".

ووقّع مسؤولون من البلدين اتفاقَي تعاون "في مجال المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية" ومكافحة الجريمة، ومذكرتَي تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات وتمويل مشاريع في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل والمياه والاتصالات. كذلك اتّفقوا على إنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين البلدين.

وجاء في بيان باكستاني رسمي أنّه "خلال الاجتماع اتُّفق على زيادة تعزيز العلاقات الثنائية القائمة وتعميقها وتنويعها، السياسية منها والاقتصادية والتجارية والدفاعية والأمنية".

وأضاف: "تميزت المحادثات بروح ودية استثنائية والتزام لدعم المسار التصاعدي في العلاقات الثنائية".

وتقيم باكستان علاقات وطيدة مع السعودية حيث يعيش ويعمل أكثر من 2.5 مليون من مواطنيها، لكنها تحافظ أيضاً على علاقات وثيقة مع إيران وتمثّل المصالح القنصلية لطهران في الولايات المتحدة.

وعلى مدى عقود حاولت الدولة تحقيق التوازن بين علاقاتها القوية مع السعودية وإيران التي لها حدود مشتركة معها تمتد على ألف كيلومتر تقريباً. وفي 2019 أجرى رئيس الوزراء الباكستاني زيارة مكوكية بين السعودية وإيران في محاولة لتهدئة العلاقات بين الخصمين اللدودين.

وتأتي زيارة خان إلى جدة في الوقت الذي تجري فيه السعودية وإيران محادثات سرية في العراق، في أبرز جهد لنزع فتيل التوترات منذ قطعت القوتان الإقليميتان العلاقات في 2016 بعدما هاجم متظاهرون إيرانيون غاضبون السفارة السعودية إثر إعدام رجل دين شيعي معارض في المملكة.

وكتب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على تويتر السبت: "تأتي أهمية زيارة دولة رئيس وزراء باكستان إلى المملكة انطلاقاً من عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية بين المملكة وجمهورية باكستان الإسلامية، وحرص قيادتَي البلدين الشقيقين على الدعم والتعزيز للعلاقات بينهما".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً