على الرغم من أن الحكومة كانت سبّاقة باعتمادها إجراءات الحماية الملائمة فإن عدم التزام بعض المواطنين الإجراءات قد يقودها إلى الهاوية (Reuters)
تابعنا

تعيش لبنان ظروفاً صعبة في ظل تفشي فيروس كورونا فيها كحال الكثير من دول العالم، إلا أنها تنزلق نحو المجهول مع انعكاسات الاحتجاجات الأخيرة وفي ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وحذر وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي اللبنانيين من احتمال "الانزلاق نحو المجهول"، بعدم القدرة على احتواء فيروس كورونا، في حال لم يلتزموا الإجراءات المعلنة لمنع تفشيه.

وقال فهمي في مؤتمر صحفي: "يوجد تنسيق بين أجهزة الدولة كافة، وبخاصة الأمنية منها، لتنفيذ الإجراءات كافة التي اتخذتها الحكومة، لتشمل جميع المناطق اللبنانية من دون استثناء للوقاية الملزمة"، مشدداً على أن "القانون سيطبق على الجميع، وكل مخالفة تشكّل تهديداً على السلامة العامة ستُقمع".

للأسف، لم يعد باستطاعتنا احتواء هذا الوباء، تخطينا الاحتواء، سننزلق نحو المجهول إذا لم تكن قناعة ذاتية من كل مواطن لتخطي الأزمة.

محمد فهمي - وزير الداخلية اللبناني

وعلى الرغم من أن الحكومة كانت سبّاقة باعتمادها إجراءات الحماية الملائمة للحد من تفشي هذا الوباء الخبيث، فإن عدم التزام بعض المواطنين الإجراءات قد يقودها إلى الهاوية، بالإضافة إلى تأخر الحكومة في فرض حالة الطوارئ.

ودعت قيادة الجيش اللبناني في تغريدة عبر تويتر الأحد، "المواطنين إلى التزام منازلهم، وعدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى، حفاظاً على سلامتهم". كما أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب تكليف قيادة الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة، إعداد خطط فورية إضافية وتطبيقها لتنفيذ قرار عدم خروج المواطنين من منازلهم، إلا للضرورة القصوى.

وخلال ثلاثة أيام ‏سجل لبنان ما يزيد عن 100 إصابة، ليصبح العدد ‏الإجمالي الرسمي كما أعلنته وزارة الصحة في تقريرها اليومي الاثنين، ‏‏267 مصاباً، فضلاً عن 4 وفيات و 4 حالات حرجة، علماً أنّ التقرير لم يحتسب 11 حالة من مختبرات غير ‏مُعتمدة من قِبل وزارة الصحة، تحتاج إلى إعادة التأكيد في مستشفى ‏الحريري. وهذا العدد إلى تزايد على حدّ ما تؤكّد الجهات الصحية ‏المعنية، حسب صحيفة الجمهورية.

فساد السلطة وعدم التزام المواطنين

وألقت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية اللوم على الحكومة، قائلة في افتتاحيتها إن "ضعف إمكانات الدولة يقلل من فرصة مقاومتها للوباء"، وأضافت: "بالتأكيد كان الأمر مختلفاً، لو لم يكن لبنان ضحيّة فساد السلطة ‏على مدى السنين الماضية، ولو لم يجرِ تفريغ خزينة الدولة مما كان ‏يعوّل عليه من أموال لتوفير الإمكانات المطلوبة، بدل أن تصبح دولة ‏تتسوّل المساعدات على أعتاب دول العالم".

وأشارت الصحيفة إلى أن "ثلثَي العلاج، ‏وربما أكثر في أيدي اللبنانيين، عبر الالتزام الكلّي لمنازلهم ‏والتقيّد إلى أقصى الحدود بكل الإجراءات الوقائية والحد من التنقل ‏والاختلاط".

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن التزام المواطنين للحجر ‏المنزلي التام أضحى مسؤولية أخلاقية فرديّة ومجتمعيّة واجبة على ‏كل مواطن، وأي تهاون في تطبيقها سيعرّض صاحبها للملاحقة ‏القانونية والجزائية.‏‏ ‏

وأكدت الصحيفة أن التزام اللبنانيين إجراءات الوقاية الذاتية والبقاء في منازلهم، ‏لم يعد طلباً ملحاً، بقدر ما هو توسّل إليهم باتباعها، فالأيام الثلاثة الأخيرة رفعت الخطر الوبائي إلى ‏مستويات مخيفة، والتطمينات التي سيقت قبلها، بأنّ لبنان لا يزال من ‏بين الدول الأقل تسجيلاً للإصابات نسبة إلى الدول الأخرى، ذابت مع ‏التزايد المرعب لعدد الحالات.‏

وتذمرت صحيفة البناء اللبنانية من عدم التزام المواطنين قائلة: "ليس الحال في لبنان مع فيروس كورونا على ما يرام في ظل الخروق الفاضحة والمؤلمة للإجراءات الوقائيّة التي تظهرها الصور وتسجيلات الفيديو، لكمية استهتار المواطنين الذين يتصرفون تجاه التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة وما فيها من تعطيل للمدارس والعديد من المؤسسات كعطلة للاستجمام".

تأخُّر في إعلان حالة طوارئ

وبات فرض حالة الطوارئ أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، فالحكومة رفعت وتيرة إجراءاتها، ولكنها لم تلامس حالة الطوارئ، مع أنّ رئيسها حسان دياب أقرّ بسوء حال البلد، ‏وأطلق النفير العام وطلب من الجيش والأجهزة الأمنية التشدّد في ‏تطبيق التعبئة العامة الصحية التي أعلنتها لمحاصرة انتشار ‏‏الفيروس، حسب صحيفة الجمهورية.

ولا تزال الحكومة اللبنانية تتلكأ في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، إذ قال وزير الصحة حمد حسن: "لا نزال في ‏المرحلة الثالثة من انتشار الوباء، ولدينا أسبوع حتى 29 مارس/آذار الجاري، ‏وبعده نقرّر إذا كنا سنذهب إلى إجراءات وقائية أهم". مشيراً إلى أنه "جرى ‏الحجز لاستيراد 120 جهاز تنفّس من ألمانيا و100 جهاز من هونغ كونغ، ‏على أن تصل خلال ثلاثة أسابيع".

ولفتت صحيفة الجمهورية إلى أن الأوضاع تدفع إلى ضرورة فرض حالة ‏الطوارئ التي باتت مطلباً. وتداول رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري مع ‏رئيس الحكومة، موضوع إعلان حالة الطوارئ، وكشف أنّه طلب من ‏رئيس الحكومة السبت الماضي إعلانها، وأنّ دياب وعده ‏بذلك.

لم أعرف ما سبب عدم إعلان حالة الطوارئ حتى هذه ‏الساعة.

نبيه بري - رئيس المجلس النيابي اللبناني

وتأتي دعوة بري إلى حالة الطوارئ السريعة، بناء على قراءة قلقة ‏لواقع الحال اللبناني، الذي ينحدر من سيئ إلى أسوأ على صعيد تزايد ‏عدد الإصابات بالفيروس، الذي يُنذر بانتشار كارثي لن يعود في ‏الإمكان اللحاق به، وبات يتطلب أعلى درجات الإجراءات الصارمة للحدّ ‏من هذا الانتشار وحصره قدر الإمكان، إضافة إلى قراءة للمشهد ‏الدولي وحجم تفشّي هذا الوباء الذي دفع الدول إلى ‏إعلان حالة الطوارئ لمكافحته، حسب الصحيفة.

وحذرت التحليلات الطبيّة من أن ارتفاع تسجيل حالات إصابة بالفيروس يومياً، التي تخطت حدود ‏60 إصابة، سيفوق قدرة استيعاب المستشفيات، ما يعني أنها ‏لن تكون قادرة على تقديم المعالجات المطلوبة، وهنا الكارثة التي لا ‏سبيل إلى النجاة منها سوى إرغام اللبنانيين على التزام بيوتهم ومنع ‏تنقلاتهم.‏

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً