يدور تنافس منذ عشرات السنين بين المملكة السنية وإيران الشيعية على النفوذ الإقليمي (Reuters)
تابعنا

يشكل انتهاء الأزمة الخليجية وقدوم إدارة أمريكية جديدة دافعاً قوياً لإعادة اختبار إمكانية تطبيع العلاقات بين إيران وجيرانها، بعد 4 سنوات من التوتر ساهم في إذكائه الرئيس السابق دونالد ترمب.

وشجع اتفاق المصالحة الخليجية في 5 يناير/كانون الثاني الجاري قطر على طرح الدعوة للحوار مع طهران، بعد أن انتفى أحد أهم شروط ثلاثي المقاطعة الخليجي السعودية-الإمارات-البحرين لإعادة العلاقات مع الدوحة.

وكانت الدول التي قاطعت قطر في 5 يونيو/حزيران 2017 تشترط قطعها العلاقات مع إيران لإتمام المصالحة، الأمر الذي رفضته الدوحة.

وفي مقابلة مع وكالة بلومبيرغ الأمريكية الثلاثاء الماضي حث وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني دول الخليج على دخول حوار مع إيران، "بالتزامن مع بدء الجيران الخليجيين في حل خلافاتهم".

وجاء الكشف عن موقف الدوحة من إيران عشية انتقال جو بايدن إلى البيت الأبيض مع وعده بإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 في حال التزام طهران والتراجع عن حملة "الضغط القصوى" التي حظيت بدعم السعودية والإمارات.

وبدوره رحب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في نفس اليوم بدعوة قطر لحوار شامل في المنطقة، كما أعلن الجمعة أن "طهران مستعدة للحوار مع دول الخليج استجابة لدعوة الدوحة أو دعوة سابقة من الكويت".

وقال ظريف في حديث للتلفزيون الإيراني: "مددنا دوماً يد الصداقة إلى دول الخليج، لأن هذه المنطقة ملك لكل دولها وضمان أمنها لصالح الجميع، وزعزعة أمن المنطقة لا يخدم سوى فئة خاصة".

وشدد على أن "ردنا كان إيجابياً على دعوة الكويت للحوار مع دول الخليج في زمن أمير الكويت الراحل، لكن بقية الدول فضلت أن تصبر بسبب مجيء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب". واعتبر أن "دول الخليج خسرت فرصة أربع سنوات للحوار مع طهران والآن ذهب ترمب وبقينا نحن وهم".

فرص الحوار

ترى تقارير غربية عديدة أن إتمام الحوار الخليجي-الإيراني أو عدمه لن يكون التنبؤ به سهلاً إلا بعد وضوح سياسة جو بايدن تجاه طهران، بخاصة أن السعودية والإمارات والبحرين ترفض العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب عام 2018.

الغموض بشأن سياسة بايدن دفع الرياض "المتوترة" إلى الضغط على إدارة ترمب لإدراج جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع طهران في قوائم الإرهاب، وفق ما قال دبلوماسي أجنبي لرويترز.

بينما رأى تحرير صحيفة "المصريون" جمال سلطان أن المصالحة الخليجية منحت السعودية وبقية دول الخليج قوة تفاوضية أكبر مع إيران، و"رسائل طهران الأخيرة تكشف عن ذلك بوضوح"، في إشارة إلى عدم تساهل تلك الدول مع دعوات الحوار.

وأيّدت السعودية وحلفاؤها من دول الخليج التي تقلقها صواريخ إيران الباليستية وشبكة من الفصائل المسلحة تعمل لحسابها على المستوى الإقليمي، حملة الضغوط القصوى التي فرضها ترمب على طهران.

ويدور تنافس منذ عشرات السنين بين المملكة السنية وإيران الشيعية على النفوذ الإقليمي، مما شكّل صراعات في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

وعن موقف السعودية قال وزير الخارجية فيصل بن فرحان في تصريح له الخميس: "دعوات إيران للحوار غير مجدية وتهدف إلى التسويف والهروب من أزماتها".

وأعلن بن فرحان أن يد المملكة ممدودة للسلام مع إيران لكن الأخيرة لا تلتزم اتفاقياتها، مشيراً إلى أن ضعف اتفاقيات سابقة مع طهران سببه عدم التنسيق مع دول المنطقة. وأكد أنهم سيتشاورون مع الولايات المتحدة بخصوص الاتفاق النووي ليكون مبنياً على أساس قوي.

وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض منذ أوائل عام 2016 بعد أن اقتحمت مجموعة من المحتجين الغاضبين سفارة الرياض في طهران بسبب إعدام المملكة المعارض الشيعي البارز نمر النمر.

ووسط إصرار الرياض على موقفها يقدر بعض الخبراء وجود حاجة سعودية إلى تغيير سياساتها في المنطقة مع أخذ التغيرات التي حدثت في البيت الأبيض بالاعتبار.

ويرى مراقبون أن قدوم بايدن سيدفع السعودية إلى تغيير موقفها بخاصة أنه يحمل ملفات كثيرة تدين ولي العهد محمد بن سلمان أبرزها اغتيال الصحفي جمال خاشقجي وحرب اليمن.

ويتوقع تحليل لـBBC أن "تتعلم إدارة بايدن من أخطاء الرئيس الأسبق باراك أوباما فيما يخص التنافس السعودي-الإيراني بالمنطقة وأن تأخذ الأمور في اتجاه مختلف لأن المنطقة اليوم لم تعد كالماضي".

وقال: "اعتقدت الدول العربية أن بإمكانها إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة في غياب القيادة الأمريكية، ولكن بعد نصف عقد من المحاولة، أدركوا مؤخراً حدودهم في أماكن مثل ليبيا واليمن وإيران وحتى ضد جار صغير مثل دولة قطر".

من جانبها تتخذ أبو ظبي موقفاً مؤيداً للسعودية. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش لصحيفة عرب نيوز الإماراتية إن دول مجلس التعاون الخليجي "تتفق بشكل جماعي لمواجهة أي تهديد لأمنها" من إيران.

وفي 8 يناير/كانون الثاني الجاري قال قرقاش إن “استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة (مع الدوحة) ستستغرق وقتاً وتعتمد على تعاملات قطر المستقبلية مع إيران"، ما يشير إلى استمرار ذات الموقف من طهران.

في تلك الأثناء يرى مركز "الشرق" للأبحاث الاستراتيجية أن سياسة قطر تجاه إيران باتت في مكان ما بين علاقة عُمان الودية مع طهران واستراتيجية المواجهة الحذرة الإماراتية.

ويعتقد أنه "قد ترى إدارة جو بايدن أن هذا الموقف مفيد لأنه قد يسمح لقطر بتسهيل الحوار بين الولايات المتحدة وإيران"، وهو ما قد يمهد لإذابة الخلاف بين طهران وجيرانها الخليجيين.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً