هل يذهب قيس سعيد بتونس في اتجاه مصير لبنان؟ (Fethi Belaid/AFP)
تابعنا

في تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأمريكية أفاد مراقبون بأن استيلاء الرئيس التونسي على السلطة يدفع بالديمقراطية الهشة في البلاد إلى حافة الهاوية.

فبعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إقالة سعيد لرئيس الوزراء وتعليقه عمل البرلمان وتعهّده بإنقاذ الأمة مع احتدام الاحتجاجات المناهضة للحكومة لم يكشف الرئيس التونسي النقاب عن آلية العودة إلى الحكم المنتخب.

ويتسبب عدم إحراز تقدُّم في مسألة الاتفاق الذي طال انتظاره مع صندوق النقد الدولي، في مخاوف لدى بعض المحللين من تعثُّر مضطرب في انتظار تونس على غرار لبنان.

على خُطى لبنان

يرى حسنين مالك رئيس أبحاث الأسهم في شركة "تلليمر البحثية" أن الجمود وانسداد الأفق السياسي في لبنان أدّى إلى انهيار الاقتصاد، ووفقاً لمالك فإن تونس تمضي على خُطى لبنان مع استمرار تصاعد الأزمة السياسية في البلاد.

ويحذّر مراقبون من أن تأزُّم الوضع الاقتصادي في تونس ستكون له تداعيات إقليمية، وربما قد يدفع بموجات من الشباب المضطرب الفارين من أوضاع البلاد عبر البحر الأبيض المتوسط.

وأفادت سارة يركس الزميلة البارزة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي بأنه بعد عقد من الانتفاضة التونسية التي أنهت الحكم الاستبدادي في البلاد، فإن الأزمة السياسية الأخيرة تهدد "ملاذاً للتعبير الحر للناس في جميع أنحاء العالم العربي".

ويقدَّر الدين الخارجي لتونس بأنه في الاتجاه للوصول لنحو 100% من إجمالي الناتج المحلي للعام المقبل، كما بلغ التضخّم أعلى مستوياته منذ خريف 2019، وتزداد نسبة البطالة في الارتفاع بأسرع وتيرة لها منذ عام 2010.

وساهمت التغييرات المتكررة في الحكومة والهجمات الإرهابية المتفرقة ضد قطاع السياحة الرئيسي، إضافة إلى جائحة كورونا، في انكماش الاقتصاد بنسبة 8.6% العام الماضي.

مُثقلة كلياً

في معرض تعليقه على الاتهامات الموجهة إليه بحق قراراته قال الرئيس التونسي خلال زيارته لمطار قرطاج بالعاصمة تونس: "لو كانت دكتاتورية لكنت قد اتخذت إجراءات أخرى (..) هل بنينا حبل مشنقة؟ هل أعدمنا أحدهم رمياً بالرصاص؟".

وحثّ سعيد الشركات على خفض الأسعار واستجاب البعض لدعوته، ​​كما حثّ البنوك على خفض معدلات الإقراض، لكنه لم يجرِ أي تغييرات هيكلية لمعالجة الفساد أو تبسيط القطاع العام المتضخم الذي تعد فاتورة رواتبه من أعلى المعدلات في العالم بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وعلقّ جيمس سوانستون الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "كابيتال إيكونوميكس" بأنه في حين أنه توجد مخاطر متزايدة من تخلّف تونس عن سداد ديونها فمن المرجح أن تضطر إلى إعادة هيكلة ديونها، وذلك إن لم تُعزَّز المالية العامة.

وأردف أن خفض تكاليف الدولة خلال الجائحة قد يكون غير مستساغ سياسياً، وأضاف: "من المحتمل أن تضطر الحكومة الجديدة إلى تقديم تنازلات لتأمين السلطة".

وصرّح "بنك أوف أمريكا" بأنه من دون برنامج صندوق النقد الدولي أو الدعم الثنائي والمتعدد للأطراف ذوي الصلة، فإن الاحتياطيات الدولية التونسية "قد تواجه نضوباً مادياً بحلول نهاية عام 2022".

وبلغ صافي احتياطيات النقد الأجنبي في تونس نحو 7.4 مليار دولار بنهاية يوليو/تموز، وهو ما يكفي 219 يوماً من الواردات، بانخفاض طفيف عن العام السابق.

مكان مظلم للغاية

وصف مسؤول سابق في حكومة هشام المشيشي رئيس الوزراء السابق الذي أُقيل في 25 يوليو/تموز الوضع الاقتصادي بأنه خطير ولا يمكن التنبؤ به.

ومع الإشارة إلى محادثات سعيد مع "دول شقيقة" بحق تعزيز الاقتصاد التونسي قال المسؤول السابق إن السعي للحصول على أموال من السعودية والإمارات هو الحل الوحيد المحتمل أمام الرئيس التونسي، إذ تستغرق صفقة صندوق النقد الدولي ستة أشهر أخرى على الأقل.

وقال طارق المجريسي زميل السياسة البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن "لدى تونس بضعة أشهر لتظهر للعالم على نحو جاد وأنها تتجه نحو شيء بنَّاء، أو أنها تخاطر بالمضي نحو مكان مظلم للغاية".

TRT عربي
الأكثر تداولاً